عدد اليوم
في القرن السابع عشر، اعتادت الصحف البريطانية نشر خطابات الأطفال إلى «الأب كريسماس».. المكافئ الموضوعي لبابا نويل اليوم.. وظلت تنشر هذه الخطابات لسنوات عديدة، ما جعلها كنزاً ثميناً للباحثين.. فقد درست الباحثة بجامعة أوكسفورد، سيا بوولي، طبيعة ما يطلبه هؤلاء الأطفال من ألعاب، وقارنتها بطلبات الأطفال المعاصرين.. فماذا وجدت؟
تقول في حوارها مع كلوديا هاموند، إن الأطفال في الماضي كانوا يتمنون شيئاً واحداً.. واحداً فقط.. بينما يطلب أطفال اليوم من بابا نويل أكثر من شيء.. زادت التطلعات وقل الرضا.. وكان أطفال الماضي يلعبون مع بعضهم في الطبيعة، بينما يلعب أطفال اليوم وحدهم أمام الشاشة.
من الغريب أن كثيراً من الآباء يستخدمون كلمة «اللعب» بنوع من الاستهانة، باعتبارها نشاطاً غير مرغوب يتعارض مع أمور أكثر جدية كالمذاكرة.. إلا أن للعب مكاسب نفسية مهمة، لا للأطفال فقط، بل للكبار أيضاً.
حين يلعب الطفل مع أصدقائه، أياً كانت اللعبة، فإنهم يكتسبون مهارات عقلية تتعلق بحل المشكلات واستيعاب قواعد اللعبة وكيفية وضع خطط للفوز، ومهارات اجتماعية كالتعاون وتكوين تحالفات والتعامل مع الخصوم، ومهارات جسدية كتنمية التوافق العضلي والتوازن.. اللعب مفيد للتطور الجسدي والإدراكي على أكثر من مستوى.. حتى عندما يكسر الطفل لعبته الجديدة فإنه يتعلم بذلك -للمرة الأولى- خواص المواد، وكيفية عمل الأشياء وقيمتها المادية ومعنى الملكية الخاصة!
لا ينبغي حرمان الأطفال من اللعب، بل تشجيعهم عليه بشكل جماعي.. فلعب الأطفال هو وسيلتهم الفطرية للتدرب على مواجهة الحياة.
إلا أن اللعب يقل تدريجياً كلما تقدمنا في العمر، ينساه البعض متجاهلين ما له من مكاسب نفسية للكبار.. فبعض المرح يساعد في تجديد طاقتنا الذهنية وإراحة أعصابنا وكسر رتابة الحياة وروتين العمل.. هناك من يهوى الشطرنج، أو لعب الطاولة في المقهى، أو الاجتماع مع أصدقائه لتشجيع فريق كرة مثلاً.. وهناك من يستمر في ممارسة ألعاب الرياضة البدنية مع الأصدقاء وهذا -كما ترى- وسيلة ممتازة للحفاظ على الصحة وزيادة المشاعر الإيجابية، وتقوية العلاقات الاجتماعية أيضاً.. فاللعب معا، يجعلنا أقرب لبعضنا.
والآن، قل لي عزيزي القارئ..
هل تلعب مع أطفالك وشريك حياتك بما يكفي؟
