شريف عادل (واشنطن)
أصدر صندوق النقد الدولي تحذيراً جديداً من ركود يراه قريباً، وأكد أن الاقتصادات الكبرى غير مستعدة لتباطؤ الاقتصاد العالمي، ودعاها إلى التعاون مع بعضها البعض، وتكوين الاحتياطيات، لتجنب التبعات السلبية لهذا الركود.
وخلال الاجتماعات السنوية لرابطة الاقتصاد الأميركي في أطلانطا بولاية جورجيا الأميركية، أكد ديفيد ليبتون، النائب الأول للعضو المنتدب بصندوق النقد الدولي، أن حكومات تلك الدول ستواجه صعوبات كبيرة في تطويع السياسات النقدية والمالية للتعامل مع الموقف، خاصة بعد تضاؤل فرص التعاون العابر للحدود، مثلما حدث من قبل، حين تكاتفت البنوك المركزية للدول الكبرى عام 2008-2009 في مواجهة الأزمة المالية العالمية.
وأرجع ليبتون، الذي شغل وظيفة العضو المنتدب في سيتي بنك، وكان مسؤولاً عن إدارة المخاطر لكافة وحدات البنك الشهير في مختلف أنحاء العالم، قبل أن ينتقل إلى البيت الأبيض، ليكون المستشار الخاص للرئيس السابق باراك أوباما، ثم مديراً مسؤولاً في المجلس الاقتصادي الوطني، ومجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أرجع تردي التوقعات للنمو الاقتصادي العالمي إلى الحروب التجارية وأخطاء السياسات الاقتصادية وتباطؤ الاقتصادات الآسيوية.
وقال ليبتون «إن منع الاقتصاد الصيني (ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والأول باستخدام أسلوب تعادل القوى الشرائية لقياس الناتج المحلي الإجمالي) من التباطؤ بصورة تهدد الاقتصاد العالمي هو هدف هام». وأكد أن «تبعات تباطؤ الاقتصاد الصيني ستكون جسيمة على نطاق عريض، ليس في آسيا فقط».
وشهدت الاجتماعات نفسها يوم الجمعة الماضي تعليقات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيرومي باول، التي أبدى فيها استعداده للتمهل قبل رفع معدلات الفائدة مرة أخرى، كما أعلن نيته عدم تقديم استقالته حتى لو طلب منه ذلك الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما أدى إلى ارتفاع مؤشر داو جونز بما يقرب من 750 نقطة، وارتفاع مؤشرات الأسهم الأخرى بنسب تجاوزت 4% لبعضها.
لكن مما لاشك فيه أن المسؤولين في البنك الفيدرالي يواجهون حالياً أحد أصعب المواقف التي تواجه السلطات النقدية في أي وقت، وهي محاولة تجنب الاشتعال الزائد عن الحد لاقتصاد قوي واحتواء الضغوط التضخمية الناتجة عن ارتفاع الأجور، بعد نحو عقد كامل من الانتعاش، وهو ما يطلق عليه «الهبوط الآمن»، وفي الوقت نفسه منع الاقتصاد من الوقوع في مصيدة الركود.
ويأتي هذا التحدي للاقتصاد الأميركي في وقت تزداد فيه التوترات مع الصين وأوروبا بفعل تعريفات ترامب، والضغوط الداخلية، وإن كانت مؤقتة، بسبب إغلاق الحكومة وعدم إمكانية التوصل لاتفاق بشأن توفير التمويل اللازم لبناء الجدار على الحدود مع المكسيك، ولهذا لم يكون غريباً أن يكون مأزق البنك الفيدرالي مادة أساسية خلال اجتماعات الرابطة هذا العام.