عمرو عبيد (القاهرة)
عانى العالم، القديم والحديث، من تفشي الأمراض والأوبئة، وفقد عشرات الملايين من الأرواح البشرية، عبر مئات السنين،وتأثرت الدول، اقتصادياً واجتماعياً ورياضياً، مثلما يحدث الآن في ظل انتشار فيروس «كورونا»، لكن أوراق التاريخ القديم، أشارت إلى أن الرياضة، بقيت دائماً، وسيلة لاستمرار الحياة، وسط رائحة الموت، حتى لو تأثرت بطولات، وتأجلت منافسات.
«سارس» يؤجل تـتـويـج «الزعيـم»
تعرضت القارة الآسيوية والعالم بأكمله، لخطر كبير في عام 2003، جراء انتشار مخيف لفيروس «سارس»، خاصة في الصين، التي كانت تستعد لاستضافة كأس العالم لكرة القدم للسيدات، لكن الاتحاد الدولي قرر في أبريل 2003، تأجيل إقامة قرعة البطولة، بسبب تفشي ذلك المرض آنذاك، قبل أن يعلن رسمياً في شهر مايو، منح تنظيم البطولة لدولة أخرى، مع تقديم تعويضات مالية إلى الصين، بعد انتشار المرض بقوة في مدينة جواندونج، جنوب الصين، وبعدها وقع الاختيار على الولايات المتحدة الأميركية، لاستضافة البطولة، وتُحرم القارة الآسيوية من تنظيم البطولة الرابعة في تاريخ مونديال السيدات. وبالطبع، لم يفلت دوري أبطال آسيا خلال ذات العام، من الآثار السلبية لهذا الوباء، بعدما تأجلت نهاية البطولة لمدة تقارب 6 أشهر، حيث انطلقت مواجهات الدور نصف النهائي، في أبريل 2003، لكن «الزعيم» الإماراتي، العين، اضطر لخوض مباراة الإياب بعد 4 أشهر، في نهاية أغسطس آنذاك، لأن الاتحاد الآسيوي رفض إقامة لقاء العودة الخاص بفريق «داليان شايد» في الصين، وبعد توقف طويل، أقيمت المباراة، ونجح «البنفسج» في تجاوز العقبة الصينية، قبل أن يُتوّج باللقب الآسيوي، على حساب «تيرو ساسانا التايلندي»، في أكتوبر 2003.
«الأنفلونزا» يقهر أرسنال
كان فيروس الأنفلونزا يضرب العالم بأكمله خلال عامي 1968 و1969، وتسبب في وفاة ما يقارب مليون نسمة، لكنه لم ينجح في إيقاف دوران عجلة كرة القدم الإنجليزية، إلا أنه ترك بعض آثاره بالتأكيد، لأن فريق «ليدز يونايتد»، المُدجّج بالنجوم في ذلك الوقت، عانى بشدة من أجل اقتناص لقب الدوري، بعد خوضه عدة مباريات من دون لاعبيه الأساسيين، بسبب تعرضهم للوباء الفيروسي الشهير، بحسب بعض الوثائق التاريخية النادرة التي ذكرت ذلك، لكن القدر أهدى «الطاووس» لقبه التاريخي الأول، وسط مخاطر الأنفلونزا في موسم 1968/1969، بينما شهد الموسم ذاته، ضربة قاصمة «للمدفعجية» بسبب الوباء العالمي، في نهائي كأس الدوري، المعروف حالياً باسم «كاراباو»، حيث تم تأجيل بعض المباريات لفريق الدرجة الأولى اللندني، بسبب إصابة 8 من لاعبيه بفيروس الأنفلونزا، لكنه اضطر لاستدعائهم لخوض نهائي الكأس، الذي خسر فيه أمام فريق الدرجة الثالثة، سيوندون تاون، بنتيجة 3/1، وقبل ما يقارب نصف القرن، في عام 1918، تسبب وباء الأنفلونزا الإسبانية، بجانب الحرب العالمية الأولى، في تجميد جميع الأنشطة الرياضية، في الولايات المتحدة الأميركية، ولم يُستكمل موسم كرة القدم هناك، ليتم وصفه في بعض الوثائق التاريخية، بالعام الذي غير كل شئ في كرة القدم الأميركية.
«إيبولا» يضرب الكرة الأفريقية
بلغ وباء إيبولا الفيروسي أوج خطورته خلال عام 2014، وتلقت دول غرب القارة الأفريقية ضرباته الموجعة، واحدة تلو الأخرى، حتى أُجبِرَت ليبيريا وسيراليون وغينيا، على تجميد النشاط الكروي المحلي، وأغلب المنافسات الرياضية، بأوامر واضحة من الاتحادين، الأفريقي والدولي، وتعرضت التصفيات المؤهلة إلى «كان 2015» لأزمات صعبة، بدأت برفض منتخب سيشل استضافة نظيره السيراليوني، في إياب الدور الثاني للتصفيات، بناءً على قرار حكومة سيشل، خوفاً من الوباء المنتشر في سيراليون، وقرر «الكاف» تأهل الأخير مباشرة إلى دوري المجموعات، مع خوض المباريات خارج البلاد، وتكرر الأمر مع المنتخب الغيني، الذي خاض مباريات المجموعة الخامسة في المغرب، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، لأن المغرب، الذي تقرر أن يستضيف نهائيات كأس الأمم الأفريقية في العام التالي، طلب تأجيل البطولة، وسط مخاوف من انتشار وباء إيبولا خلال إقامتها داخل أراضيه، وهو ما قوبل برفض قاطع من «الكاف»، الذي لم يجد أمام إصرار المغرب على موقفه، سوى إقصاء «أسود الأطلس» وحرمانه من خوض تصفيات نسختي، 2017 و 2019، قبل أن يتم إلغاء الجزء الثاني من القرار، وبحث الاتحاد القاري عن مستضيف جديد بين دول مختلفة، حتى وافقت غينيا الاستوائية على القيام بالمهمة، ليجد «الرعد الوطني» مقعداً في النهائيات، بعدما فشل في التأهل عبر التصفيات!
«الكوليرا» يُنهي أحلام الإكوادور
أرادت الإكوادور كتابة التاريخ، عندما ترشحت لاستضافة كأس العالم للشباب تحت 17 عاماً، في أول نسخة لمونديال الصغار، بعد تعديل الفئة السنية من 16 إلى 17 عاماً، وبالفعل قرر «الفيفا» إسناد التنظيم للإكوادور في عام 1991، لكن وباء «الكوليرا» الذي انتشر في بداية تسعينيات القرن الماضي، داخل قارة أميركا الجنوبية، دفع الاتحاد الدولي لسحب ملف التنظيم من الإكوادور، ومنحه إلى إيطاليا، بعد عام واحد من تنظيمها المونديال الكبير، وبدلاً من أن يلعب «التريكولور» النهائيات العالمية من دون تصفيات، وجد المنتخب نفسه خارج البطولة تماماً، بعدما خرج من دور المجموعات في التصفيات القارية المؤهلة إلى المونديال!