22 ابريل 2009 23:22
غافية ٌ الأواني منذُ الشتاء الفائت الأواني الخزفية للشجر وإذ لامست أغصانها السقف مادة أذرعها الرفيعة في كل مكان بدا الرُّواقُ مخضراً تحت ظلال الضحى. ناعمٌ يمُرُّ الهواء فيما دوارٌ خفيفٌ يعبر شاشة جبيني أستلقي مغمض العينين مع خدر الظهيرة فوق الكرسي يصلُ ناي الراديو البعيد ودونما رغبة ينفرج نصف جفني فأرى مشمشاً جفّ منذ ثلاث ليالٍ فوق الطاولة قارورة عطرٍ صامتة وكتاب مهمل ومغلق تقسم أوراقه بطاقة عيد ميلاد قديمة وجمتُ قليلاً متحسساً صدري لأرى أكان الهواء يصل رئتي أم أم هو قلبي قد توقف. حدث كل هذا حين فكّرتُ أن عليَّ تبديل الطين القديم في الأواني الخزفية رأفة بالشجر.
بين غيمة وأخرى
من أعالي بافاريا هبَـطتُ إلى السهول الدانوبُ يهبط وضعت يدي في الماء ماتبقى من ثلج الشتاء يذوب في الجداول اغصان الأشجار الكالحة بدت خضراء ابصرت الشمسَ تطلُّ بين غيمة وأخرى صعدتُ قمةَ الجبل صباحاً الجليد مكدّس بين الصخور اشجار الصنوبر عارية في الريح و وقتَ خفَـَتَ لون النهار اتـَّخذتُ طريقي صوب المحطة كان القطار ينتظر وفي جيبي كنت قابضاً على حفنة الثلج. جهة الشرق القمر أمام طاولتي صعَدَ أعلى الجبل شأُشفى بهواء يهبُّ من جهة الشرقِ بزجاجة ماء ونصفِ تفاحةٍ جئتُ. قبل وصولي بحقيبةً مليئة كُتُباً سألتُ أي الدروب أسلك المطارات مزدحمةٌ مثلَ رأسي وتشابهت أمامي الجهاتُ منذُ تَنفُس الصباح حتى الثامنة مساء مضيتُ فاراً من مدينتي ثم وصلت. أقول، فيما أجلس وحيداً أمام طاولة الليل هواء الشرق سيجفف الحزن بالهواء وحده سوف أشفى. أربعةُ طيورٍ وكرسي حقلٌ أربعةُ طيورٍ على حافة حوض السباحة جاءوا هذا الصباح لتحيتي الغيوم رمادية، متراكمة في الماء سمعتُ الرّعدَ ليلاً وفي الفجر صافحت وجهي الرياحُ الموسمية الشجرُ كذلك مُخضرٌّ والصيف أطفأ لَهَبَهُ كي يُحيي الخريفَ أربعة طيور وكرسيٌ واحد في هذا الحقل.
الفجيرة ـ خريف 2006
لَدي
لدَيَّ ما أريد ماءٌ ظلُّ شجرةٍ كبيرة والروح ساكنةٌ كما أريد. قبلَ قليلٍ ولدت الشمسُ لديَّ ساعات ممتدة في النهار وعندما سيمور الليلُ سأشهدُ صعودَ القمر وستبرقُ الأنجم القصية في الأنحاء والحطبُ سأشعلهُ بيديَّ وفي اللهبِ سأحدقُ حتى أغفو فكلُّ ما أريدُ لديْ.
حديقة معبد «وات بو» – بانكوك يناير 2006
الشجرة
أوائل كانون الثاني كم أنتِ جميلة قلتِ للشجرة كانَ الوقتُ صباحاً والنهرُ يجري بالقربِ منّا. لَمَستِ أوراقَـها بأصابعكِ بينما شقَّ قاربٌ طويلٌ المياهَ قبيلَ الربيع بقليلٍ ألصَقتِ راحتيكِ على جذعها ثم أطرقتِ في إخضرار الورق. قبلَ أن تواصلي السَيرَ من السماءِ ألقَتْ إليكِ بزَهرةٍ فابتَسَمتِ.
مقهىً أمام البحر
مقهىً أمامَ البحر حينَ دَلَفنا باحِثين عن مِـقعَدين ارتفعَ الموجُ يُحيينا. تظهرُ الشمسُ ثم تُعاوِدُ الاختباءَ وراءَ الغيوم عاليةٌ نخيلُ النارَجيل قُـلنا وجذوعُها تميلُ فارشة ً ظلال الظهيرة. بين مقعَدينا يَمُرُّ الهواءُ وصوبَ الجبال يُكملُ رحلَـتهُ الأبدية أمام كأسَي ليمونٍ يرتفعُ الموجُ ويهبط. سيذوبُ النهارُ في البحر وللأمواج التي لن نراها بعد اليوم سنُعيدُ التحايا سنُلوِّحُ بأيادينا للجزيرة في الغد قُلنا ثم سنذهبُ.
جزيرة كوشان - تايلاند شتاء - 2006
الرافعة بعمودها الحديدي
منذ أشهر والرافعة تَثقبُ الأرضَ بعمودٍ حديدي قرب منزلنا منذ أشهر يوقظنا الطنينُ فجراً يملأ فضاءَ الرُدهة ويَهُزُّ الجدران. ليست لكم هذه الأرض أذكر قالها والدي وفي كل هذه الصحراء لربما لن تجدوا موضعاً كي تناموا. منذ أعوامٍ بعدَ أن شيَّدَ جارنا منزلاً لم نرَ وجههُ نقولُ إذ نرتشف شايَ الأعشاب والبيت ملتحفٌ بالشتاء. منذ أشهرٍ نلمَحُ الرافعة من نافذةِ الردهةِ ونفكرُ بأشجارنا.