أحمد النجار (دبي)
4 تجارب إماراتية واعدة، تمثل أحلام طالبات على مقاعد الدراسة في تخصصات الفضاء، أثبتن جدارة وكفاءة وتبوأن مواقع قيادية، خبراتهن تتخطى 3 سنوات، يعملن ضمن خلية نحل في مركز محمد بن راشد للفضاء، وقد عبرن عن حماسهن ضمن منظومة مستقبل رحلات الفضاء البشرية إلى المريخ.
وفي إفاداتهن لـ«الاتحاد» أكدن أن حلم المليون سنة ضوئية، يبدأ بومضة أمل واحدة لبلوغ الهدف المنشود، «لا سقف لطموحاتهن، وليس ثمة (مستحيل) يقف حاجزاً أمام إرادتهن»، فهن يسعين لأن يكن في مقدمة رائدات التغيير في المجتمع الإماراتي، وأن يدخلن التاريخ العربي من أوسع أبوابه، عبر برامج الفضاء الكبرى التي تساهم بشكل فاعل في إحداث نهضة علمية مذهلة لمستقبل كافة الشعوب العربية، فلم يعد استكشاف المريخ بحسبهن حلماً، بل حقيقة ماثلة بالنسبة لهن.
مريم الزرعوني: نحتاج إلى جيل من النوابغ
لدى جولة «الاتحاد» داخل غرف المعامل في مركز محمد بن راشد للفضاء، كانت محطة البداية، مع المهندسة مريم الزرعوني، رئيسة وحدة الدراسات، ضمن فريق التخطيط الاستراتيجي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، وهي مساهمة في المبادرات التعليمية لبرنامج الإمارات لرواد الفضاء.
وقالت مريم: اخترنا تجارب علمية وتم تنسيقها مع جهات علمية، مثل «جاكسو» و«ناسا» و«أيسو» و«روسكوسموس»، ووضعنا الجدول لرائد الفضاء هزاع المنصوري قبل انطلاقه إلى محطة الفضاء الدولية، وكنت مشاركة منذ بداية البرنامج ضمن فريق أوصى باختيار هزاع المنصوري وسلطان النيادي، وكنت موجودة في المحطة الأرضية في وكالة «روسكوسموس» بروسيا، وكنا نتواصل مع هزاع بشكل يومي للاطمئنان على حالته، وسير الجدول والتجارب العلمية.
وعن التخصص في مجال الفضاء، أوضحت: حين تم الإعلان عن مسبار الأمل، انضممت للفريق، وكانت غايتنا بلوغ مراحل متقدمة تترجم رؤية القيادة، من خلال إطلاق مشروع مسبار الأمل ومشروع المريخ 2117، وبرنامج الإمارات لرواد الفضاء كانت مشاريع أشبه بالحلم، فلم نكن نتخيل أن تصبح حقيقة.
آخر قطعة
أكبر إنجاز تعتز به مريم، يشكل مصدر فخر لها، عندما عايشت لحظة انطلاق هزاع المنصوري على متن المركبة «سويوز إم إس 15» إلى محطة الفضاء الدولية، حيث كنت شاهدة على كل لحظة من بداية البرنامج حتى نهايته، وأضافت: أفخر كثيراً بكوني جزءاً من برنامج مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، وقد انضممت للبرنامج منذ كان مشروعاً على ورق، واليوم أصبح المسبار حقيقة، فقد تم قبل أيام تركيب آخر قطعة له.
وقالت: نحتاج إلى جيل جديد من العلماء والطلاب النوابغ ليكونوا جزءاً من برامجنا ومشاريع مركز محمد بن راشد للفضاء، ولدينا فرص كثيرة وتخصصات عدة متوفرة في الفيزياء والكيمياء وهندسة البرامج والإلكترونيات، وبوسع من يمتلك الشغف أن يساهم في مشاريعنا المستقبلية لاستكشاف الفضاء.
وتتولى مريم أيضاً تقديم ورش متخصصة في مسبار الأمل إلى جانب المهام العلمية للمشروع، وورش عمل تعليمية وتوعوية للصغار والكبار عبر المدارس والجامعات، تمتد إلى عامة المجتمع.
عائشة شرفي.. بصمة في الفضاء ونقل المعرفة
عائشة شرفي، تعد أول مهندسة تعمل في قطاع «أنظمة الدفع» للأقمار الاصطناعية، وهو مجال جديد لم يكن موجوداً من قبل، اعتبرته عائشة بمثابة تحدٍّ لكنها سطرت قصة نجاح فيه. عائشة التي درست هندسة كيميائية، تمتلك خبرة 6 سنوات، وهي مسؤولة أيضاً عن نظام الدفع لمسبار الأمل، وتتطلع إلى ترك بصمة في قطاع الفضاء.
معرفة
ولم تتردد بوصف رحلة بداياتها بـ«الصعبة» مشيرة إلى أن أكبر إنجاز لها في عملها هو مشروع مسبار الأمل، مبدية اعتزازها به، وسيكون ذلك أكثر عند إطلاقه، وتابعت: أبي هو داعمي وسندي الحقيقي، وسأجتهد دائماً لنقل المعرفة للأجيال المقبلة.
وتنصح عائشة المرأة الإماراتية والعربية بدراسة علوم الفضاء فلا شيء ينقص المرأة العربية لدخول السباق الفضائي، وأوضحت: «لم أشعر بأي نقص مقارنة بزملائي الرجال، ناهيك عن أنني عضوة في أول فريق اختار أول رائد فضاء وكان معظمه نساء، حتى في الفريق العلمي لاستكشاف المريخ.
ولا تشكك عائشة بدورها أن تبرز رائدة فضاء امرأة من المجتمع الإماراتي، وقالت: نحن لا نفرق بين جنس وآخر في الفضاء، فقد احتكمنا مسبقاً إلى الصفات ومستوى اللياقة الصحية والسمات الذهنية والمزايا الشخصية، واخترنا الأنسب والأفضل، ولا نستبعد في الدفعات القادمة تخريج رائدات فضاء إماراتيات وسيحظين بالدعم نفسه ويمنحن شرف الثقة لتمثيل الدولة.
حصة علي.. شغفي مبكر بالفيزياء والهندسة الإلكترونية
حصة علي حسين، مهندسة تقنيات الأبحاث المتطورة، تم قبولها بالمركز، خلال دراستها في «أميركية الشارقة»، بعد أن نفذت مشروع تخرج خاصاً بالفضاء، وتمتلك الآن خبرة 4 سنوات، وتأمل أن تساهم في تطوير مجال الفضاء في دولة الإمارات، وقالت حصة: شغفي المبكر بالعلوم والفيزياء والهندسة الإلكترونية دفعني لهذا التخصص، وخلال دراستي لهذا المجال، تم إيفادي لرحلة تعليمية إلى كوريا الجنوبية، وقابلت هناك فريق خليفة سات 2، وحدثوني عن مجال الفضاء بكونه علماً شائقاً مليئاً بالتغيير والصعاب، فشعرت باندماج وانجذاب ذهني على الرغم من صعوبته.
وقالت حصة: الفضاء مجال صعب يحتاج الكثير من المثابرة للوصول لنتائج مذهلة، كانت حصة واحدة من أبرز المهندسات الفاعلات اللواتي ساهمن في تصميم وتصنيع مسبار الأمل في رحلة عمل شاقة وشائقة استمرت قرابة 5 سنوات، ووصفته بأنه مشروع نهضوي كبير للإمارات والعرب، مشيرة إلى أنه مليء بالتحدي في صعوبة تصميمه وضبط دقة الأرقام والحسابات، معربة عن فخرها البالغ بأن تكون جزءاً من فريق عمل أول مسبار ينطلق من دولة عربية إلى المريخ.
استثمار
وأكدت حصة على اقتدار المرأة الإماراتية أن تصبح رائدة فضاء، من منطلق أنها أصبحت في مناصب قيادية، ويمكنها استثمار الدعم النوعي الذي تحظى به من القيادة الرشيدة لرسم مسارها المستقبلي في عوالم الفضاء، وأردفت: «أعتقد أن كل من تسعى لأن تكون رائدة فضاء، تحتاج إلى قدرات فيزيائية هائلة وثقة ذاتية وتتطلب عزيمة وإصراراً كبيرين وقوة تحمل إلى جانب إلمام كبير بالعلوم والتكنولوجيا«. وخلصت: مجال الفضاء بيئة تفاعلية خصبة تتطلب شراكة من الجنسين معاً، وتتيح فرصاً ووظائف كثيرة وتستوعب تخصصات عديدة.
مريم الدرمكي.. مهندسة في حل المشاكل الطارئة
تمتلك مريم الدرمكي، مهندسة أنظمة الاتصالات، خبرة 3 سنوات في مجال الفضاء، وبدايات مريم كانت من الجامعة، حيث كانت مشاركة مع فريق مشروع «نايف 1»، وهو ما دفعها إلى الالتحاق بمركز محمد بن راشد للفضاء لإكمال رحلة التحدي، والبحث عن إنجازات متجددة، يقودها فضولها العلمي نحو مواكبة التطور التكنولوجي وأدوات تطبيقه في مجال عملها، وقالت مريم: «نعمل كفريق من أجل دولتنا، ونتعاون كعائلة لإنجاز مهامنا، يقودنا حماس مشترك لنساهم في تسجيل إنجازات مضيئة لمجتمعنا ونفتح دروباً للأمل والإلهام للأجيال المقبلة».
الحل الصعب
أروع تجربة عالقة في وجدان مريم، كانت عند إطلاق قمر خليفة سات، لحظة استقبالنا أول إشارة من القمر الاصطناعي، ولفتت مريم إلى أن المرأة في الإمارات دخلت بالفعل نادي السباق الفضائي، وامتلكت الخبرات اللازمة، وهي تؤسس الآن لجيل جديد، معتبرة أن فكرة وصولها كرائدة فضاء «مهمة صعبة»، ولكنها ليست مستحيلة، بل أمنية قابلة لأن تصبح واقعاً ممكناً، وخاصة في ظل قيادة حكيمة تمتلك الحل الصعب لكل المستحيلات، ولا يخالجها شك في أن تصبح الإمارات سباقة في إرسال أول رائدة فضاء عربية أيضاً، فقط يكفي أن تتوفر بها مجموعة من الصفات، وتكون قوية الإرادة ومتحمسة لتحقيق هذا الإنجاز التاريخي.
قمر بأيادٍ إماراتية
مريم، حاصلة على ماجستير في الهندسة الكهربائية والاتصالات اللاسلكية، وكانت محطة البداية بدخولها مشروع خليفة سات، وهو أول قمر اصطناعي صنع بأيادٍ إماراتية، وأكملت: «كنت من ضمن فريق متخصص في إجراء تجارب على القمر الاصطناعي وهو في الفضاء، وفيما يختص بأنظمة الاتصالات في خليفة سات، كانت من مهامي المسندة مواجهة أي مشاكل طارئة وحلها مع الفريق، ودائماً منذ بداياتي أواظب على تعلم واستيعاب كل أجزاء ومتعلقات وتصاميم القمر الاصطناعي».