الجمعة 8 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات 37 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التواكل

8 أكتوبر 2007 01:18
التواكل وعدم الأخذ بالأسباب من السلوكيات التي يرفضها الإسلام؛ لأن التواكل قائم على فهم خاطئ لقوانين الله تعالى في الكون بالربط بين الأسباب والمسببات، وأن الانسان الذي يسعى وينتشر في رحاب المعمورة يرزقه الله تعالى ويكلل مساعيه بالنجاح والتوفيق· ويقول الدكتور شعبان محمد إسماعيل -أستاذ أصول الفقه بجامعة أم القرى بمكة المكرمة: إذا تأملنا آيات القرآن الكريم وجدنا أن التواكل وعدم الأخذ بالأسباب سلوك يتناقض مع منهج الاسلام في الحث على العمل والأخذ بالأسباب· يقول الله تعالى في سورة التوبة: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)، وقال تعالى في سورة الملك: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور)، وجاء الأمر بالتوكل على الله تعالى صريحاً في قوله تعالى: (وعلى الله فليتوكل المتوكلون)، وبين سبحانه انه يحب المتوكلين فقال تعالى: (إن الله يحب المتوكلين)· ولما كان المتوكلون محبوبين لله تعالى فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم يدخلون الجنة بغير حساب، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ''عرضت عليّ الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط- أي الرجل وقبيلته، والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي ليس معه أحد، ورفع لي سواد عظيم- أي عدد كثير من الناس، فظننت أنهم أمتي فقيل لي: هذا موسى وقومه ولكن انظر الى الأفق فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر الى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم، فقيل لي: أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب''، ثم قام صلى الله عليه وسلم فدخل منزله فخاض الناس في اولئك الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الاسلام فلم يشركوا بالله· وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ''ما الذي تخوضون فيه؟'' فأخبروه، فقال: ''هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون''، فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: ''أنت منهم''، ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال صلى الله عليه وسلم: ''سبقك بها عكاشة''· الطيور تتوكل يبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الطيور تتوكل على الله، فتأخذ بالأسباب عند البحث عن مصادر رزقها فيقول صلى الله عليه وسلم: ''لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً''، فالرسول صلى الله عليه وسلم بين في هذا الحديث أن الطير تغدو في الصباح جائعة تسعى هنا وهناك وتلتقط الحب من مواضعه ثم لا تزال طوال نهارها في جهاد وكفاح حتى تعود وقد ملئت بطونها من رزق الله الذي هداها اليه فسعت وتعبت حتى حصلت عليه· ذلك هو قانون الحياة وتلك سنة الله في كونه· الأخذ بالأسباب ويضيف الدكتور شعبان إسماعيل أن التوكل على الله تعالى معناه: الاعتماد عليه سبحانه وتفويض الأمور كلها اليه اعتمادا على انه الكفيل بأمور عباده والقادر على كل شيء مع السعي في الأسباب التي أمر الله بها وجرت بها العادة كاللبس لدفع الحر والبرد، والأكل والشرب لدفع الجوع والعطش، والنكاح لمن أراد الولد، والحرث وإلقاء البذور لمن أراد الزرع، والغرس لمن أراد الشجر والثمر، وتناول الدواء لمن أراد الشفاء· وهذا كله يخالف مفهوم التواكل الذي يعني الكسل وعدم العمل وإهمال الأخذ بالأسباب· فقد روي أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- دخل المسجد في وقت الضحى فوجد جماعة يجلسون في المسجد فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون· فقال: بل المتواكلون· وأمر بإخراجهم من المسجد لأنهم خالفوا منهج الله تعالى في كونه وعطلوا العمل بالأسباب· ولذلك قال أهل البصيرة: إن القلوب تتوكل والجوارح تعمل، فالتوكل صفة للقلوب وليس صفة للجوارح· أما المتواكلون فقد عكسوا القضية حيث فهموا أن التوكل من عمل الجوارح فضلوا وأضلوا·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض