هالة الخياط وناصر الجابري (أبوظبي)
أكد سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، أن حماية المحيطات والبحار والموارد البحرية تمثل أولوية رئيسة بالنسبة لدولة الإمارات لتحقيق التنمية المستدامة.
جاء ذلك لدى افتتاح سموه أمس في العاصمة أبوظبي فعاليات الدورة السادسة من القمة العالمية للمحيطات، والتي تعقد للمرة الأولى في الشرق الأوسط، في أكبر دورة لها منذ انطلاقها، وذلك تحت الرعاية الكريمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبدعم من هيئة البيئة ودائرة التنمية الاقتصادية كممثلتين عن حكومة إمارة أبوظبي.
حضر حفل الافتتاح معالي محمد بن أحمد البواردي وزير دولة لشؤون الدفاع، ومعالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة، ومعالي الدكتور مغير خميس الخييلي رئيس دائرة تنمية المجتمع، ومعالي اللواء فارس خلف المزروعي القائد العام لشرطة أبوظبي، ومعالي سارة عوض عيسى مسلم رئيس دائرة التعليم والمعرفة، ومعالي سيف محمد الهاجري رئيس دائرة التنمية الاقتصادية، ورزان خليفة المبارك العضو المنتدب لهيئة البيئة في أبوظبي، وعدد من المسؤولين.
وقال سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، في تصريح له بالمناسبة: «تمثل القمة العالمية للمحيطات التي تقام في أبوظبي مناسبة بالغة الأهمية لدولة الإمارات التي تستضيف دورتها الأولى في الشرق الأوسط، وهو ما يوفر فرصة لعرض جهودنا الرائدة في حماية البيئة البحرية التي بدأها الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه»، مؤكداً سموه أن حماية المحيطات والبحار والموارد البحرية تشكل أولوية رئيسة بالنسبة لدولة الإمارات لتحقيق التنمية المستدامة، ونحن نعمل لضمان أن يكون نمونا الاقتصادي السريع قائماً بشكل لا يؤثر على تنوعنا البيولوجي البحري ونظمنا البيئية الطبيعية، والتي تعتبر أساسية لاستدامة معيشة مجتمعاتنا الساحلية.
وأضاف سموه أن المركز الذي حققته دولة الإمارات في مجال التنافسية العالمية في المنطقة، وفقاً لأحدث مؤشر للمحيطات، يعكس التزامنا الراسخ بحماية البيئة والمحافظة عليها، لكن لا يزال هناك الكثير الذي ينبغي القيام به.
وتركز القمة، التي تستمر حتى يوم غد الخميس في منتجع سانت ريجيس بجزيرة السعديات في أبوظبي، على أهم التوصيات والإجراءات الفعالة التي يجب اتخاذها للمساعدة على حماية المحيطات، التي تعتبر أكثر الموارد الطبيعية قيمة في العالم، حيث يشكل الاقتصاد المستدام للمحيطات فرصة حقيقية أمام بلدان العالم لحماية التنوع البيولوجي فيها، والمحافظة على أمنها الغذائي والمناخي.
وفي كلمته الافتتاحية للقمة، ممثلاً عن دولة الإمارات، قال دكتور ثاني أحمد الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة: «إن دولة الإمارات ترتبط بشكل وثيق بالبيئة البحرية منذ قرون عدة، ففي السابق كانت تجارة اللؤلؤ والصيد ونقل المواد الأساسية مصدراً رئيساً للعيش هنا، والآن 42 من السكان في أبوظبي، و90 من تعداد سكان الدولة، يعيشون في المناطق الساحلية، وتساهم منظومة الاقتصاد الأزرق بـ68 من إجمالي الناتج المحلي، وتشكل مياه التحلية 98 من المياه العذبة المستخدمة».
وأضاف معاليه: «أدركت حكومة الإمارات منذ تأسيس الدولة مدى التنوع البيولوجي الذي تحظى به بيئتنا البحرية، وأهمية الحفاظ عليه، وضمان استدامته، فعملت على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة واستدامة مواردها الطبيعية وتنوعها البيولوجي، عبر استراتيجيات وخطط ورؤى ومبادرات عدة، منها برنامج تقييم الأثر البيئي لجميع المشاريع، وخطة أبوظبي البحرية 2030، وشبكة زايد للمحميات البحرية، وشبكة لمراقبة جودة المياه البحرية، بالإضافة إلى إطلاق برنامج المصايد السمكية المستدامة، وسياسة الاستزراع السمكي، وإصدار العديد من القوانين والتشريعات التي تحمي بيئتنا البحرية».
وأشار معاليه إلى أنه على الرغم من الإجراءات الدولية التي تتخذ لإعادة التوازن، والحفاظ على المحيطات، إلا أن حجم الضغوطات والتحديات التي تتعرض لها البيئة البحرية كبير للغاية، لذا علينا جميعاً توحيد وتكثيف جهودنا وتسريع وتيرتها، للتغلب على التحديات المشتركة التي تواجهها بيئتنا البحرية، كتغير المناخ، والصيد الجائر، والتلوث، لافتاً إلى أن الدولة، وعبر استضافة القمة العالمية للمحيطات، تسعى للوصول عبر نخبة من صناع القرار والخبراء والمختصين العالميين إلى آليات وحلول مبتكرة قابلة للتنفيذ، لتحقيق الحماية الفعالة للبيئة البحرية، وضمان استدامة تنوعها البيولوجي، لضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة.
وخلال حوار مراسم الافتتاح حول «الاقتصاد الأزرق»، أكدت رزان خليفة المبارك، العضو المنتدب لهيئة البيئة في أبوظبي، أهمية العمل الجماعي لحماية النظم البيئية البحرية، وقالت: «تأتي استضافة دولة الإمارات لقمة هذا العام في وقت مناسب، تستعد فيه البلاد لتولي رئاسة منظمة الدول المطلة على المحيط الهندي لأول مرة منذ بدء عضويتها فيها عام 1999، حيث تحتاج هذه الدول إلى الإسهام بدور محدد في تعزيز سلامة المحيطات التي تحتضن ما يقارب 90% من التجارة العالمية، وحوالي 80% من التجارة النفطية البحرية، عبر ثلاثة ممرات ضيقة في المحيط الهندي وحده».
وأضافت: «لقد دخلت محيطاتنا حالياً مفترق طرق، فمسألة التغير المناخي، وتلوث مياه البحر، وممارسات الصيد غير المنظمة، وفقدان المواطن الطبيعية، وتدهور التنوع الحيوي، أصبحت جميعها تشكل مزيداً من الضغوط على الحياة البحرية، ما يعزز الحاجة إلى إدارة الضغوط الناجمة عن حركة التمدّن والتصنيع على محيطاتنا بشكل أكثر كفاءة واستدامة».
ومن جانبه، أوضح معالي سيف محمد الهاجري، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، أن القمة العالمية للمحيطات تعد ملتقى مهماً وضرورة مُلحّة لبحث طرق وأسباب الحفاظ على الموارد والثروات الطبيعية التي تزخر بها المحيطات، وتستفيد منها الدول كافة، ومن الضرورة ترسيخ أطر التعاون بين الدول والجهات المعنية، وتضافر جميع الجهود لتعزيز استدامة المحيطات للمضي قدماً نحو المستقبل، وبما يضمن تحقيق أهدافنا الاقتصادية. ومن هذا المنطلق، تحرص دولة الإمارات دائماً على المشاركة والتفاعل في المحافل والمؤتمرات والمبادرات والقمم الدولية، إيماناً منها بأهمية الحفاظ على الموارد والثروات الطبيعية.
وأكد الهاجري أن دولة الإمارات تبنت خطوات استباقية لحماية محيطاتنا، إذ أطلقت جملة من السياسات الفاعلة والمؤثرة لمواجهة المخاوف الحالية والتحديات المستقبلية المتوقعة.
وأضاف معاليه: «انعقاد هذا الحدث العالمي، لأول مرة في أبوظبي ومنطقة الشرق الأوسط، يؤكد المركز الريادي للدولة في الجهود العالمية الفاعلة والمؤثرة لتعزيز استدامة المحيطات وحماية النظم الإيكولوجية البحرية عالمياً. والتزاماً منا بدفع هذه الجهود العالمية إلى الأمام، اعتمدنا نهج عمل مستدام لشواطئنا وسواحلنا، جرى فيه مراعاة أهمية تنسيق الرؤى والجهود مع الشركاء والجهات المعنية».
وقال الهاجري: «هدفنا هو تحقيق معادلة متوازنة بين المكاسب الاقتصادية وسلامة بيئتنا، لترجمة رؤية قيادتنا الرشيدة على أرض الواقع نحو بناء اقتصاد مستدام، بما ينسجم مع أفضل المعايير الدولية المعمول بها في هذا الإطار».