أبوظبي (الاتحاد)
حدد المشاركون في الجلسة الأولى من جلسات القمة العالمية للمحيطات 6 حلول لإنقاذ المحيطات من «الدمار البيئي» وتمثلت الأسباب في إصدار التشريعات الضرورية لتنظيم الصيد البحري، ودمج القطاعات المرتبطة بالمحافظة على البيئة، ووجود الإرادة السياسية اللازمة لاتخاذ الإجراءات المطلوبة، وإدراج مفاهيم التكنولوجيا الحديثة في المبادرات، وتعزيز الاتفاقيات والشراكات الاستراتيجية بين الدول، إضافة إلى المشاركة الاجتماعية.
وأجاب حضور الجلسة بنسبة 58% أن التفاعل المجتمعي يعد الأمل الأكبر لمواجهة مهددات المحيطات، بينما رأى 17% أهمية وجود الدعم السياسي اللازم للحفاظ على مكونات البيئة الطبيعية، بينما اعتبر 8% منهم أن الاستثمار والتطور التكنولوجي سيكون كفيلاً بحماية المحيطات.
وقالت رزان خليفة المبارك، العضو المنتدب لهيئة البيئة في أبوظبي: من المهم الاستثمار الفعال في تنمية الوعي البيئي لدى الشباب، وتجربة الإمارات في تمكين الشباب ودعمهم تعد إحدى التجارب الرائدة من خلال الإعلان عن وزيرة دولة لشؤون الشباب ومجالس الشباب، كما أن تشكيل مجلس الوزراء يضم 30% من فئة الشباب، والاستبيانات العالمية أوضحت أن أبناء الألفية لديهم اهتمام كبير بالمنتجات والعناصر البيئية.
وأضافت: إن العالم يواجه تحديات متنوعة منها التغير المناخي الذي يحدث بشكل متسارع، فنحن في الواقع سنصل إلى ارتفاع متوسط درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية في وقت أقرب وأسرع مما كنا نظنه، وبرغم وجود أطر عامة دولية تساعدنا على التعامل مع هذه المسائل الملحة، فإنه توجد تحديات تواجه المحيطات لن يكون بالضرورة التعامل معها وفقاً للاتفاقيات الدولية، بل بالعمل المحلي والأولويات المحلية.
وتابعت رزان المبارك: أشعر بالتفاؤل الكبير نظراً لوجود عدد من التجارب العالمية الناجحة، ومنها نجاح مزارع الأسماك في إندونيسيا، ذلك أن وجود التحديات لم يعرقل استجابة المحيطات والطبيعة للجهود المحافظة على البيئة، إضافة إلى وجود الفرص المتعددة لاستخدام التكنولوجيا الجديدة بهدف تحسين وإدارة المزارع السمكية لتحويلها من قطاعات الأعمال التقليدية إلى عنصر فاعل في استدامة الثروة البحرية.
وأشارت إلى أن تحقيق جهود المحافظة على البيئة والمحيطات يتحقق من خلال وجود الإرادة السياسية، وفي الإمارات بدأ تنفيذ برامج المزارع السمكية والإجراءات نظراً لوجود القيادة السياسية الواعية والتي تمتلك الرؤية الثاقبة بضرورة إيجاد الآليات المواكبة للتطورات المتسارعة في العالم، والتي تحتاج إلى سرعة في العمل ووتيرة من الجهود المتواصلة التي لا تتوقف لأجل تحقيق النتائج المطلوبة.
ولفتت إلى أن العالم يواجه تحدي انخفاض عدد الأسماك بسبب تحلية مياه البحر، فهناك تجمعات لمحطات التحلية التي تقوم بإنتاج الكميات الكبيرة من المياه التي يحتاجها العالم في موارده ولسد متطلبات السكان، وتم التعامل في الإمارات مع هذا التحدي من خلال استخدام المياه شديدة الملوحة في الزراعة، كنوع من استخدامات الوقود الحيوي، ومنذ أشهر بدأ «طيران الاتحاد» في استخدام الوقود الحيوي مستفيداً من هذه المياه.
من جهتها حذرت ويندي واتسون رايت، الرئيس التنفيذي لمعهد «أوشن فرونتير» من اقتراب ساعة الصفر لهلاك المحيطات، نظراً لوجود التغيرات المناخية المختلفة، إلا أنها أكدت أن ما يحدث في القمة العالمية للمحيطات باستضافة أبوظبي يعد تقدماً كبيراً وخطوة هامة ومصدراً ملهماً لجميع العاملين في قطاع المحافظة على المحيطات نحو مواصلة الجهود قدماً في صياغة الخطط والاتفاقيات المشتركة.
وأشارت إلى أن الهدف رقم 14 من أهداف التنمية المستدامة الذي وضعته الأمم المتحدة يمثل دعماً كبيراً للمحيطات، من خلال استذكار مشكلة البلاستيك والأثر السلبي له على بيئتنا المحلية وآثاره الخطيرة على استدامة الموارد الطبيعية، وهو الأمر الذي شهد خلال الفترة الماضية ارتفاعاً في الوعي المجتمعي عبر وجود معرفة عامة حول السلوكيات التي من شأنها الإضرار بالبيئة.
وبينت رداً على سؤال حول أفضل الحلول المقترحة لإنقاذ المحيطات، أنه من المهم بناء جسور التواصل العالمية بين الحكومات وشركات القطاع الخاص والجمعيات البارزة في القطاع، إضافة إلى إزالة الحواجز والعوائق التشريعية والقانونية التي قد تسبب مزيداً من الصعوبات في تعزيز التعاون الدولي، ودمج القطاعات بحيث تتم مضاعفة مستوى الإنتاجية في المبادرات البيئية مواكبة للتغيرات المناخية.
من ناحيتها قالت معالي سوزي بادجياستوتي، وزيرة الشؤون البحرية والمصائد السمكية بإندونيسيا: شهدت بلادي تحدياً طوال 20 سنة لوجود الصيد غير المشروع، والذي تمت مواجهته من خلال التشريعات الرادعة لأجل استمرارية الاستدامة في الموارد الطبيعية، حيث تم تحديد طبيعة السفن التي يسمح لها بالصيد في مناطقنا، وتحديد الكميات في محصول الصيد بعدد من الاتجاهات والمناطق.
وأضافت: إن الإجراءات القوية والدعم السياسي اللامحدود وإنشاء القدرات والكوادر البشرية القادرة والمؤهلة على التعامل مع الأخطار البيئية، إضافة إلى دعم الشرطة البحرية في السواحل، أدى إلى تعزيز الجهود لتحرير البحار من آلاف السفن التي كانت تستنزف الموارد السمكية، وأدت إلى انخفاض المحصول العام بما وضعنا أمام مهدد حقيقي للأمن القومي.
وأشارت إلى أن الكثير من السفن الكبيرة التي كانت تقوم باستخدام معدات الصيد الجائر حققت أرباحاً ضخمة وصلت إلى 300 مليون دولار، نظراً لوجود بعض الأفراد أو الشركات ممن لا يعون جيداً أهمية ضمان الاستدامة في الموارد ويرون أن التشريعات جاءت لتكون محددة لأرباحهم ونجاحاتهم، وهو بخلاف الحقيقة التي أثبتها الزمن أن استدامة الثروة السمكية والموارد الطبيعية تؤدي أيضاً إلى استدامة الثروة المالية.
وبينت أن الإجراءات التي اتخذتها إندونيسيا خلال السنوات الماضية، أدت إلى ارتفاع مؤشر الأسماك بنحو 28%، مما يثبت أن التغيير البناء وتحقيق النتائج الرائعة هو بالإمكان، ولكنه يتطلب وجود الإرادة الحقيقية والتشريعات المنظمة التي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة المتمثلة في تحقيق أكبر قدر من الاستفادة دون الإخلال بواجباتنا الضرورية في المحافظة على الموارد.
من جهتها أشادت نومفيو نوكوي، الأمين العام لرابطة الدول المطلة على المحيط الهندي، بجهود دولة الإمارات التي تشغل منصب نائب رئيس الرابطة وستصبح رئيساً لها مع مطلع أكتوبر المقبل، خاصة مع قيادتها لمختلف المبادرات الهادفة إلى تذكير العالم بضرورة إيجاد الحلول الفعالة والآليات القابلة للتنفيذ، وفقاً للموارد والإمكانيات المتاحة واللازمة لإنقاذ المحيطات من المهددات المستمرة والمتزايدة.
وقالت: إن الإشكالية لا تكمن في الاتفاقيات بحد ذاتها، ولكن في مسألة التطبيق والتنفيذ العملي، فهناك الكثير من الاتفاقيات التي تنص على البنود الهامة واللازمة للحفاظ على الموارد الطبيعية ولكن مسألة التطبيق العملي تتباين وفقاً لرؤية كل دولة وتوجهاتها وإيمانها الحقيقي والعملي بالحفاظ على العالم مما قد يواجهه من تحديات مختلفة.
وبينت أن التشريعات والخطوات الصغيرة قد تحدث أثراً كبيراً، فجمهورية سيشل وضعت عدداً من التشريعات للحفاظ على الموارد المائية من خلال القوانين المنظمة لذلك، والرابطة تعمل مع جميع الدول لنشر أهمية استدامة استخدام الطاقة والاستثمار في مجال الطاقة المتجددة وحماية البيئة باعتبارها عوامل مهمة لتحقيق الرخاء بمنطقة المحيط الهندي.
من جهتها شددت جين لوبشينكو، أستاذة جامعية بارزة في جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأميركية، أنه لا يمكن أن تعمل دولة منفردة أو معهد منفرداً أو منظمة أو جهة لمواجهة التحديات التي تنشأ في العالم المعاصر، ذلك أنها تحديات مشتركة وقضايا تتطلب حلولاً عملية وموحدة، بالاستفادة من التجارب التي حققتها الدول في مختلف مجالات العمل.
وبينت أن جزءاً من الحل يتمثل في تقديم الضخ المالي اللازم للمحافظة على الموارد الطبيعية وبدعوة الأكاديميين والعلماء لإيجاد الحلول وتدريب رواد الأعمال وأصحاب الصناعات والعاملين في قطاع الثروة البحرية على امتلاك المهارات اللازمة للتمييز ما بين الانتفاع من الموارد واستنزافها، بما يشكل خطراً على العالم وهو ما يتطلب التواصل الفعال بين الجميع.