26 سبتمبر 2007 21:52
''القاطرة البشرية''·· ''الإعصار''·· ''الوحش''، كلها ألقاب أطلقت على بطل العالم للوزن الثقيل في الملاكمة ''مايك تايسون'' الذي عُرف بقسوته وتحطيم خصومه على الحلبة وخارجها· إنه مايك تايسون الذي واجه متاعب عديدة ودخل السجن، لكن التجربة لم تكن شراً كلها، فقد تعرف على الدين الإسلامي أثناء السنوات التي قضاها مداناً، واعتنق الإسلام وتغيرت حياته تماماً·
كان الملاكم الأميركي يخطط منذ عام 1993 لأن يسير على خطى مواطنه محمد علي كلاي، وذلك باعتناق الدين الإسلامي وتغيير اسمه ليصبح مسلماً عقيدة واسماً· فمنذ ذلك الحين بدأ يدرس تايسون الإسلام لمعرفة مبادئه وتعاليمه· وكان يخطط بعد خروجه من السجن -بعد إدانته في جريمة اغتصاب- لأن يصبح شخصا مختلفا عما عرفه عليه الناس، ويريد أن يعود إلى حلبة الملاكمة لاستئناف نشاطه الرياضى في الملاكمة بدين جديد هو الإسلام وباسم جديد هو مالك عبد العزيز· ولكنه نجح في تغيير دينه ولم يفلح في تغيير اسمه، إذ ظلت تناديه وسائل الإعلام المختلفة بمايك تايسون، فلم يجد حرجاً في الاستمرار باسمه القديم· وكان المهم عنده هو اعتناق الإسلام وليس تبني اسم جديد·
المدهش أن قسوة تجربة السجن يمكن أن تولد نور الإيمان، وأن الاهتداء إلى الحق يمكن أن يتم من بين قضبان الزنزانة· فقد ساعده على التفكير الجدي في اعتناق الإسلام مكوثه ثلاث سنوات في السجن، أي نصف مدة العقوبة التي حُوكم بها وهي ست سنوات، فوجد في خلوة السجن فرصة سانحة لمراجعة مسار حياته داخل حلبة الملاكمة وخارجها، فصمم بعد دراسته للإسلام على أن هذا الدين هو الذي سيساعده في تجاوز كل مشكلاته في الحياة· ومن هنا بدأ تايسون رحلته الإيمانية التي قادته إلى اعتناق الإسلام·
اختار تايسون اسم مالك عبد العزيز، باعتبار أن هذا الاسم الإسلامي هو المقابل لاسم مايك· وعندما كان تايسون يقضي عقوبة السجن في سجن إنديانا للشباب، تلقى دروسا مكثفة عن الإسلام من معلم مسلم هو محمد صديق· وكان إسلام تايسون بالنسبة لوسائل الإعلام الأميركية المختلفة بمثابة صدى لإسلام محمد علي كلاي في الستينات·
سانده محمد علي كلاى الذي قال لدى سماعه نبأ اعتناق مايك تايسون للإسلام فى عام 1993: إننى أسانده 100%·
طلب تايسون من وسائل الإعلام الأميركية المختلفة أن تدعوه باسمه الجديد مالك عبد العزيز· وأخبر حراس السجن فى عام 1993 أنه بصدد اعتناق الإسلام خلال شهر· وأنه فى ذلك يتبع خطوات محمد علي كلاي·
وقال إن ذهابه إلى السجن لم يكن كله شراً بل كان فيه الخير أيضا، إذ أتاح له فرصة الحصول على الراحة النفسية والخلاص الروحي، وذلك بقراءته للقرآن الكريم·
ومن بين الذين كانوا يزورون تايسون في السجن أيدي مصطفى محمد مدرب الملاكمة، وهو مثل تايسون اعتنق الإسلام· وقد حصل أيدي على بطولة الملاكمة عندما كان اسمه أيدي جرجوري في عام ·1980 فلاحظ أن تايسون يصبح متواضعا وخاشعا عندما يكون في سلام مع نفسه· وقال محمد: إن الإسلام أعطى تايسون هدفا وطريقا في الحياة، وإننى ألتقيه صباح كل سبت لأداء الصلاة معاً، ومن ثم كل واحد منا يذهب إلى طريقه· فأنا لا أذهب إليه بحثاً عن عمل، بل كأخ· وأضاف: إن دون كينج متعهد مباريات الملاكمة قد عارض تايسون بسبب التوقف في المسجد القريب من السجن عند إطلاق سراحه، علماً بأن كينج ومدرب تايسون خصمان قديمان· وكان كينج يريد من تايسون التوجه مباشرة إلى المطار لأن هناك طائرة خاصة في انتظاره لتقله إلى كليفلاند·
ولد تايسون فى بروكلين عام ،1966 وعاش وترعرع في شوارعها حيث اشتهر بالضرب والأذى والسرقة، وأمضى أوقاتا في الإصلاحيات قبل أن يلفت نظر أحد مدربي الملاكمة الذي صعق عندما رأى تايسون وهو في سن الثالثة عشرة، وكان وزنه وقتذاك تسعين كيلو جراماً· ''مجرد النظر إليه كان يشعرك بالخوف، وقبل أن يضربك من المؤكد أن منافسيه يكونون قد تحطموا معنوياً''· هذا كلام المدرب الشهير طوني داماتو، الذي قاد تايسون في مرحلته الذهبية قبل وفاته·
وفي العامين اللذين أعقبا الانطلاقة، خاض هذا ''الوحش'' 19 مباراة فاز فيها كلها بالضربة القاضية، واكتسب وقتذاك شهرة عالمية ولقّب بـ''الديناميت''، وصارت مبارياته، بفضل تغطية إعلامية أمّنها متعهد مباريات الملاكمة الشهير دون كينج، تستقطب أرقاماً قياسية، إلى أن أتى الموعد الذي أدخل تايسون التاريخ من الباب الكبير· ففي 22 فبراير ،1986 أسقط تايسون بطل العالم الكندي تريفور بربيك، وانتزع منه اللقب ليصير -وعمره 20 سنة وأربعة أشهر- أصغر بطل للوزن الثقيل في تاريخ رياضة الملاكمة· ''هذه هي الفترة الوحيدة، إضافة إلى السنوات الثلاث التي تلتها، التي لعبت فيها بكل طاقتي وقدراتي· لم أكن أفكر في شيء سوى الفوز· كنت أشعر بأنني لا أقهر، لكني أخطأت لاحقاً ووقعت في مطبات عدة رغم التحذيرات ودفعت الثمن''·
حطم تايسون منافسيه بين 1986 و،1988 مسقطاً إياهم في الجولات الأولى، وكانوا يتفاخرون أمام بعضهم البعض عن مدى الجولات التي صمدوا فيها أمام الإعصار· ويتذكر دون كينج متعهد مباريات الملاكمة تلك الفترة قائلا: ''كان مايك مرعبا من جهة الشكل (180 سنتيمترا و102 كيلو جرام) وكان منافسوه يطالبون بمبالغ كبيرة لخوض مباريات ضده، لأنهم كانوا يعلمون سلفاً أن الأضرار قد تكون بليغة بعد الخسارة''·