تامر عبد الحميد (أبوظبي)
«عبد العال» في مسرحية «ريا وسكينة»، «سمير» في فيلم «بطل من ورق».. «عبد الفتاح ضرغام» في مسلسل «زيزينا» أدوار اشتهر بها الممثل المصري أحمد بدير، أحد أهم نجوم الكوميديا، والذي أجاد في الوقت نفسه تجسيد التراجيديا، وتقمُّص الشخصيات المركبة. تركت أعماله أثراً كبيراً في ذاكرة المشاهدين، وأثرى المكتبة الفنية العربية بأعمال متميزة نال عنها جوائز وتكريمات خلال مسيرته الفنية الطويلة التي أثمرت 350 عملاً ما بين المسرح والتلفزيون والسينما.
ابتعاد مبرر
عزا «رئيس جمهورية الضحك» كما يلقبه جمهوره، لـ «الاتحاد» اتجاهه إلى الأدوار التراجيدية مؤخراً إلى ضعف النصوص الكوميدية التي تعرض عليه. وقال بدير: «قدمت أعمالا كوميدية ناجحة على الرغم من بساطة تكلفتها مثل «فتحية والمرسيدس»، و«أنا وحمايتي»، و«صف عساكر»، إلا أنني قررت مؤخرا الابتعاد عن الكوميديا، والتركيز على الأدوار التراجيدية»، موضحا أنه من السهل إيجاد دور جيد في التراجيديا، لكنه من الصعب العثور على دور كوميدي ينتزع الضحكة من الجمهور، خصوصاً أن الفيلم الكوميدي من أصعب الأنواع السينمائية سواء في الإخراج، أو الأداء التمثيلي.
وذكر أن الكوميديا تعاني حالياً من أزمة في النصوص وضعف في مستوى الإنتاج، وأضاف: «الأفلام الكوميدية تعتمد على النص في الأساس، وقدرة الممثل الكوميدي على التنويع والتغيير والتلوين، خصوصاً أن التقوقع في دور محدد يهدد صاحبه بإخفاق نجمه»، معتبرا أن «جيل محمد هنيدي وأحمد حلمي وهاني رمزي ومحمد سعد والراحل علاء ولي الدين، خلقوا حالة سينمائية إيجابية في عالم الكوميديا بفضل الموهبة الحقيقية التي يتمتعون بها، ووجهوا لأفلام المقاولات ضربة قاضية».
مرحلة صعبة
وقال بدير إن السينما المصرية مرت بفترة صعبة جداً، غلبت عليها الأفلام التجارية أو ما سمي بـ«أفلام المقاولات»، التي استهدفت الربح فقط، بصرف النظر عن المضمون والرسالة الجادة، والتي غيرت نوعية المشاهد السينمائي.
إلا أنه بدا متفائلا بالمستقبل، معتبرا أن السينما المصرية بدأت مؤخرا باستعادة أمجادها، في ظل توجه شركات إنتاج ومنتجين لصنع أفلام بميزانيات ضخمة، ووفق معايير فنية عالية المستوى، والاهتمام بالمضمون الجيد، ومن أبرز تلك الأفلام «الممر»، و«الفيل الأزرق»، و«الكنز»، والتي طغت على «أفلام المقاولات»، التي اعتمدت على الاستعراض، والغناء، والرقص، والكوميديا غير الهادفة.
وأضاف: «هذه النقلة التي حدثت في السينما المصرية لن تلغي «أفلام المقاولات» التي ستظل في كل زمان ومكان، ولكن يجب الحد منها، والإكثار من إنتاج أفلام جادة، ليحدث توازنا سينمائيا بين أعمال تنفذ وفق مستوى فني جيد، وأفلام أخرى تنشط الحركة السينمائية».
أبو الفنون
وأشار بدير إلى أن أزمة النصوص تمتد إلى المسرح، وقال: «أتمنى العودة إلى خشبة المسرح، لكننا فقدنا في «أبو الفنون» خلال السنوات الماضية العديد من النجوم والكتاب والمنتجين الذين كانوا يثرون المسارح بأعمال مميزة وخالدة»، مشيرا إلى أن ثلاثية النجاح المسرحي تقوم على جودة القصة، وجمال الأداء، وهيبة المحتوى.
وتابع: «في الوضع الحالي أصبحت عملية جمع أكثر من نجم في عمل مسرحي واحد، مثل مسرحية «ريا وسكينة» التي جمعتني بسهير البابلي وشادية وعبد المنعم مدبولي، صعبة جداً بسبب أمور تتعلق بالأجور والتكاليف وأسعار التذاكر العالية التي تسببت في إبعاد الجمهور عن المسرح».
تجارب مميزة
واعتبر بدير أن تجاربه الدرامية في السنوات الأخيرة ومن أبرزها مسلسلات «عائلة الحاج نعمان» و«سلسال الدم» و«عشم إبليس» و«الجماعة»، و«حكايتي» كانت مميزة ونالت صدى كبيرا على الرغم من أنها بعيدة كل البعد عن الكوميديا التي اشتهر بها، مؤكداً أنه حتى الآن لم يعرض عليه دور مناسب للمشاركة به في موسم رمضان المقبل.
وحول الأجور الخيالية التي يتقاضها فنانو الجيل الحالي، قال بدير: «أتذكر في بداياتي الفنية أنني كنت أتقاضى 12 جنيها عن الحلقة الدرامية، فيما وصل أجر التعاقد على مسلسل كامل إلى 3000 جنيه، وهذا مبلغ كان له قيمة في عصرنا، إلا أن التضخم الذي ضرب العالم كله، جعل العملة بلا قيمة، فزيادة الأسعار نتج عنها زيادة في الأجور في جميع المجالات وهذا أمر طبيعي»، منوهاً إلى أن أرقام أجور الفنانين التي يعلن عنها والتي تصل إلى 50 مليوناً مبالغ بها كثيرا.
إيجابيات وسلبيات
أكد الفنان أحمد بدير أنه لا يتابع الـ«سوشيال ميديا» بصفة مستمرة، لكنه يطالع بين فترة وأخرى ما يحدث في مواقع التواصل، معتبراً أن لها إيجابيات من حيث الانفتاح على العالم، وإتاحة حرية التعبير، وإظهار الإبداعات، ومتابعة أحدث الأخبار والدراسات والتجارب، ومن جهة أخرى لديها تأثيرات سلبية منها نشر الإشاعات وخصوصاً إشاعة الوفاة التي أطلقت علي أكثر من مرة، والأكاذيب المدمرة والتدخل في الحياة الخاصة والتنمر.
بين جيلين
أكد الفنان المخضرم أحمد بدير، أن التطور سنة الحياة، وأن الجيل الحالي أثرى الحركة الفنية، لكنه شبه جيله وجيل الزمن الجميل بالوجبة الدسمة والأكل الطازج، أما بعض فناني الجيل الحالي فهم عبارة عن «وجبة سريعة»، قدموا أعمالا فنية عبارة عن فقاعات بمجرد أن تكبر يخرج منها الهواء سريعاً وتختفي وينساها الناس.
ليس مسرحاً!
على الرغم من أن أحمد بدير أشاد بتجربة «مسرح مصر»، التي أسسها الفنان أشرف عبد الباقي والتي تخرجت فيها مجموعة فنانين صاعدين موهوبين، إلا أنه أكد أنه «ليس مسرحاً حقيقياً بالمقاييس الفنية، إنما «اسكتشات» جميلة، تقدم مواقف اجتماعية تحدث يوميا، وتقدم بشكل كوميدي ساخر على خشبة المسرح».