أحمد النجار (دبي)
أكدت فاطمة لوتاه، مدير إدارة البرامج الثقافية والتراثية في دبي للثقافة، أهمية إحياء الموروث الحرفي المحلي لكونه يمثل نموذجاً جمالياً وإنسانياً للتلاقح الثقافي والتواصل الإنساني بين الشعوب، وهالة من البريق والإشعاع لتحقيق معادلة الإلهام والتنوع التي تحلق على أجنحة القيم والعادات وتقاليد الآباء والأجداد، تلك هي الفكرة والرؤية التي يتمحور حولها منتدى «صون التراث الثقافي الإماراتي»، الذي ينطلق اليوم في متحف الاتحاد بدبي، بأجندة واسعة من الندوات والورش التي يحييها خبراء تراث محليون ومختصون من دول عربية، ويقام المنتدى على مدار يومين متتاليين، للاحتفاء بالتراث المادي والمعنوي بصفته مفردة حضارية وثقافية من عناصر الهوية المحلية والتنمية الثقافية المنتجة، والملهمة للأجيال المقبلة.
وأشارت لوتاه إلى أن المنتدى يمثل منصة ملهمة لتعريف الطلاب والمهتمين والدارسين بالتجارب التراثية القديمة والصناعات التقليدية، وربطهم بالقيم والأصالة والهوية من خلال تشجيعهم على دمج الحرف اليدوية برؤية عصرية تواكب التكنولوجيا وتخدم البيئة وتساهم في ازدهار المشهد التنموي المحلي في تحقيق الاستدامة ورفاهية المجتمع.
«التلي» إلى اليونسكو
وأوضحت لوتاه أن هذا المنتدى من المقرر أن يقام كل عامين بأفكار وأجندات مختلفة تخدم التراث والهوية والثقافة المحلية، بهدف تحقيق الأهداف المرسومة في نشر رسالة التراث والحرف التقليدية وتعليمها للأجيال المقبلة عبر المدارس والجامعات ومراكز التنمية التراثية التي تحرص هيئة دبي للثقافة والفنون على دعمها وتطويرها بما يحاكي متطلبات الواقع ويحاكي إيقاع العصر، ووصفت المنتدى بأنه يتيح استعراض ملف ترشيح حرفة التلي في قائمة الصون العاجل لمنظمة اليونسكو، حيث ستقام بهذا الخصوص ورش تطبيقية حرفية تنظمها مراكز دبي للتنمية التراثية، إلى جانب ورشة تعليم التلي بمشاركة مجلس إرثي للحرف المعاصرة بالشارقة ومؤسسة الغدير للحرفة الإماراتية بأبوظبي، كما يستعرض المنتدى حلقة نقاشية حول دور مؤسسات الإعلام المختلفة وتقنية المعلومات في صون الحرف اليدوية، ودور المدرسة في نقل وصون الحرف كموروث ثقافي غير مادي، كما يتضمن المنتدى تجربة هيئة الثقافة والفنون في دبي ودورها في دعم إقامة المراكز التراثية في المدارس، لافتة إلى أن أجندة المنتدى تناقش جميع مفردات التراث الإماراتي، لاسيما الحرف التقليدية التي تعد جزءاً مهماً من النسيج المجتمعي، مثل السفّ والنسيج والسعفيات وصناعة العطور والبشوت والبراقع وصبغ الثياب، وصناعة الطبول والأسلحة والفضيات بأنواعها وأشكالها، وصناعة السفن والقوارب.
وفكرة المنتدى، وفق لوتاه، تقدم مكاسب حقيقية لحفظ التراث المادي والمعنوي وحمايته من الاندثار، وإثراء الهوية الوطنية ودعم صناعة الحرف اليدوية التي تنعكس على العملية التنموية وتساهم في إنعاش تعزيز الاستدامة والإنتاجية، مقدماً رسالته الثقافية ونقلها إلى العالم.
معهد للحرف
ولا تخفي لوتاه حجم التحديات أمام إنعاش صناعة الحرف التراثية، بسبب هيمنة التكنولوجيا على نمط الحياة والعيش والاحتياجات المجتمعية، فضلاً عن التعددية الثقافية في الإمارات والتي تحول من دون إبراز الهوية الوطنية إلى جانب النمط الاستهلاكي للناس وإقبالهم على المنتج الحداثي المتجدد، لكننا نتعامل مع كل هذه التحديات ببرامج مواكبة وواعية تستهدف دمج الحرف بطرق عصرية وأدوات تقنية لضمان استمراريتها ونشجع على تعلمها وتطويرها عبر كل مبادراتنا الثقافية والتراثية، والتي تشمل إقامة المنتديات الملهمة وإنشاء مراكز التنمية التراثية والمشاركة في معارض ومهرجانات دولية وإقامة مسابقات بين المعاهد والمدارس والجامعات لتحفيز المبدعين وتشجيع الموهوبين. إلى جانب نشر التراث والتعريف به من خلال مهرجانات عدة مثل مهرجان دبي وتراثنا الحي، الذي يقام في القرية العالمية ويساهم في إبراز الحرف التقليدية للجمهور، إضافة إلى توزيع الكتيبات والبروشورات في أماكن الجذب العامة، كما أننا نفكر في إنشاء معهد متخصص لتعليم الحرف التقليدية.