11 مارس 2010 21:21
بعد محاولات مضنية نجح العلماء في التغلب على المشاكل التي كانت تحول دون القدرة على تجميد البويضات النسائية ما يعني إمكانية حفظ أي عدد منها في النيتروجين السائل لسنوات عديدة حتى الحاجة إليها، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث حمل بعد سن انتهاء الخصوبة، أو ما يعرف بسن اليأس، وقد اعتبره الكثير من الأطباء وكذلك النساء حلّا سحريا لتبعات العنوسة وتأخر سن الزواج وغيره من الأسباب.
حول هذا الموضوع يتحدث الدكتور محمد خليل وفا، المتخصص في تقنيات مساعدة الإخصاب وأطفال الأنابيب والذي يرأس مركز إخصاب لأطفال الأنابيب في مستشفى النور بأبوظبي، ليقدم المزيد من المعلومات الطبية.
عن الآمال التي تحييها عملية تجميد البويضات لدى النساء، يقول وفا إن هذه التطبيقات العلاجية تحيي آمال ملايين النساء ممن تأخرن في الإنجاب لأسباب خارجة عن إرادتهن، كالتأخر في الزواج أو الانشغال في الحياة العلمية، أو التعرض لمشاكل صحية توقف إنتاج البويضات بشكل طبيعي، أو الخضوع لعلاجات كيميائية تتلف المبيضين والكثير من العوامل الأخرى، فتجميد الخصوبة أمر جيد بالنسبة لهؤلاء النساء بحيث يمكنهن من الاحتفاظ بالبويضات لفترة والتمكن من الإنجاب لاحقا، وتسمى هذه الطريقة أو العملية “فيتروفيسكاشن”، أي التبريد السريع للبويضات.
والجدير بالذكر أن البويضات ليست كالحيوانات المنوية، إذ لا تكتمل طرق نضوج الحمض النووي الخاص بها إلا عند اختراق الحيوان المنوي للبويضة، فكان هنالك صعوبة في تجميدها أو الاحتفاظ بها حية.
تأخر سن الزواج
أما بالنسبة للظروف التي يمكن أن تدفع المرأة للجوء إلى هذه الطريقة، فيوضح: “حالياً هنالك العديد من الظروف التي تقود إلى استخدام البويضات المجمدة، ومنها تأخر سن الزواج عند المرأة أو ارتباطها بمهنة أو دراسة ورغبتها في تأجيل الإنجاب، أو بسبب إصابتها بأمراض خبيثة تستدعي العلاج الكيماوي، أو الأشعة، فعندئذ يمكنها الاحتفاظ بالبويضات مجمدة لحين رغبتها في الإنجاب.
وهذه الطريقة جيدة بحيث يتم أخذ البويضات من المرأة خلال سن الخصوبة، والاحتفاظ بها مجمدة لفترات طويلة، ويمكن للمرأة بفضلها أن تحمل متى أرادت حتى لو دخلت سن اليأس.
صحيح أن هنالك طريقة أخرى غير الاحتفاظ بالبويضات تكمن في أخذ شريحة من المبيض يتم تجميدها وعندما نحتاجها نزرعها مرة أخرى، وهذه تحتاج إلى عمليات، وفرص نجاحها جيدة لكنني طبيا أفضل الطريقة الأولى”.
زيادة فرصة الحمل
وعن آلية تخزين هذه البويضات وكيفية الاختيار بينها يقول أخصائي التخصيب: “تتلخص هذه التقنية في تخزين البويضات غير المخصبة في سائل النتروجين عند 169 درجة مئوية تحت الصفر، والاحتفاظ بها إلى أن تقرر المرأة الإنجاب، ويرجع تاريخ أول حمل بهذه الطريقة إلى عام 1986، وكان الغرض الأساسي من تطويرها زيادة فرصة الحمل للنساء المصابات بالسرطان والمعرضات إلى خطر فقدان الخصوبة بسبب العلاج الكيميائي والإشعاعي.
وقبل استعمال المواد المجمدة يتم فحص نوعيتها لاختبار خلوها من الشوائب والتأثيرات الخارجية واختيار السليمة منها فقط، ويحافظ التجميد على عمر البويضة فتبقى في العمر الذي أخذت عليه مهما طال الزمن، لكن العاملين في هذا المجال يرون أنه كلما بكرت المرأة في تخصيب بويضاتها كان أفضل لها، وهذا يعني في أواخر العشرين وأواخر الثلاثين، لأن الإخصاب يكون في ذروته في تلك الفترة.
مخاطر عدة
وبالتطرق إلى فوائد هذه التقنية، والمخاطر المقابلة لها يفيد الدكتور محمد: “تحافظ الطريقة السريعة للتبريد على شبكة الحمض النووي للبويضات دون أن تؤدي إلى تلفها، وكأنها تجمد الزمن، لكن بالمقابل فإن لها مخاطر عدة إذ هنالك احتمال بألا تعيش هذه البويضات خلال التبريد، وهنالك احتمالية أخرى بأن يحدث تلف في البويضة لدى تخزينها.
لذلك نقوم بعمل أكثر من محاولة ونجمد أكثر من بويضة، ويبقى الحمل الطبيعي بالتأكيد هو الأفضل، فالتقدم والتطور العلمي له ضريبة وآثار جانبية”.
ويوضح أنَّ السن الأفضل للحمل هو 23 عاماً، وتتناقص فرصه تدريجيا مع الوصول إلى سن 38 ثم تسقط النسبة، وبعد وصول المرأة إلى 42 عاماً، هنالك مخاطر أخرى على صحتها من خلال الحمل، فحالتها الصحية لا تسمح به، كما أن احتمال إصابتها بالأمراض تكون مرتفعة أكثر.
نصيحة إلى النساء
ولو حملت المرأة بعد سن الأربعين فيمكن أن يولد الجنين غير طبيعي، لكن إذا كانت البويضة مأخوذة ومجمدة منذ سن الثلاثين فتكون فرص واحتمالية أن يكون الجنين سليما وصحيحا أعلى بكثير. وأفضل نصيحة إلى النساء بأن تكمل الخصوبة والإنجاب قبل انتهاء سن 37 لأن نسبة الحمل والإنجاب تقل بعد السابعة والثلاثين، كما أنصحهن بالزواج والحمل في سن الخصوبة وهو 23 عاما.
وفي ما يتعلق بنسب نجاح الحمل بواسطة تجميد البويضة، قياسا إلى طرق تجميد الأجنة،يجيب الدكتور محمد خليل وفا قائلاً: “إن نسبة نجاح عملية تجميد البويضات في سائل معين هي أقل من نسبة نجاح تجميد الأجنة لأن هناك احتمال حصول تلف في الجينات أو الكروموسومات بسبب تلف الهيكل المكوِّن لخلايا البويضة خلال عملية التجميد.
ويضيف الدكتور وفا هناك عدة طرق ممكن إجراؤها لزيادة فرص الحمل نذكر منها: التجميد لكل أو جزء من أنسجة المبيض، وتجميد البويضات غير الناضجة، وتجميد البويضات الناضجة، وتجميد الحيوانات المّنوية ونسيج الخصية، الذي يستفيد منه الرّجال الذين يعانون من أمراض السرطان والذين يحتاجون إلى العلاج الكيماوي أو أشعة جاما أو كليهما، والرّجال الذين يعانون من أمراض الخصية والمعّرضون لاستئصال الخصيتين، بالإضافة إلى الرّجال الذين تتعرّض عندهم الحيوانات المنوية للتناقص المستمر سواء في العدد أو الحركة أو كليهما.
وكذلك في حالة انعدام الحيوانات المنوية في السائل المنوي حيث يتم أخذ خزعة من الخصيتين للبحث عن حيوانات منوية داخل النسيج نفسه ومن ثمّ يتم تجميد الأنسجة لاستعمالها لاحقاً في عملية الحقن المجهري، فضلا عن الرجال الذين يواجهون صعوبة بالغة في إعطاء العينة وقت الحاجة لها يوم التلقيح.
الحفاظ على النسل
وحول السلبيات المنسوبة لتقنيات مساعدة الإخصاب يشرح الأخصائي: “هنالك شباب يحصل لهم أورام سرطانية في الخصية مثلا، فأين الخطأ في تجميد الحيوانات المنوية الخاصة بهم، فهنالك شاب عمره 15 عاما ولديه ورم، وعندما تعرض للكيماوي والأشعة فإنها تؤثر على النسل، لكن في حالة احتفاظه بالحيوانات المنوية فإنه يمكن الحفاظ على النسل. هنالك حالات تستدعي اللجوء إلى هذه التقنيات المتطورة ويبقى الحمل والإنجاب بالصورة الطبيعية هو الأفضل والأسلم صحيا.
أما عن حجم الإقبال على هذه التقنيات محليا فيوضح وفا: “لاشك أن هنالك زيادة في الطلب محليا على تقنيات لإخصاب وهنالك أكثر من مستشفى محلي يقوم بذلك، وفي المستشفى هنا تحديداً لدينا أكثر من عشر حالات لأفراد احتفظوا بالحيوانات المنوية، وهنالك أجنة محتفظ بها، لكن طريقة تجميد البويضات ما زالت الحالات التي أقبلت عليها قليلة جدا، ولا تزيد عن اثنتين أو ثلاث.
المصدر: أبوظبي