10 فبراير 2012
ضمن محاور ساخنة وملحّة، وسينما واعية ومتفاعلة مع قضايا العنف والحروب حول العالم، ووصولا إلى أفلام وندوات تلامس وتتنفس هواء التغيير وتحدياته في البلدان العربية، انطلق مساء أمس “الخميس” في العاصمة الألمانية برلين فعاليات الدورة الثانية والستين من مهرجان برلين السينمائي الذي يتكئ على عراقته وحيويته وتجدده ليكون واحدا من أقدم وأهم المهرجانات السينمائية في العالم.
(برلين) - أصبح مهرجان برلين السينمائي، على صلة وثيقة مع السينمات المغيبة والمجهولة والبعيدة، كي يفتح لها معبرا بصريا واسعا، وأفقا ثقافيا وتسويقيا زاهيا يجدد من قيمة وألق هذه الإسهامات المتفردة التي تملك لغتها السينمائية العالية، والمنطلقة من خصوصية الإرث والهوية.
وضمن مشاركة حاشدة وصلت إلى 400 فيلم من مختلف دول العالم، اختارت اللجنة المنظمة للمهرجان 22 فيلما روائيا طويلا في المنافسة الرسمية، بينها 18 فيلما تعرض عالميا للمرة الأولى، من أجل المنافسة على جوائز الدب الذهبي والفضي وجائزة لجنة التحكيم، بالإضافة إلى جوائز فرعية متعددة في حقول التمثيل والإخراج والكتابة وغيرها.
فيلم الافتتاح
وقد افتتح المهرجان أمس بعرض فيلم للمخرج الفرنسي بينوا جاكو، وتدور أحداثه في اللحظات الحاسمة للثورة الفرنسية والظروف التي أحاطت بالملكة ماري أنطوانيت التي تقوم بدورها هنا الممثلة الألمانية ديان كروجر، التي شاهدناها بدور مميز ولافت في فيلم “ أوغاد مجهولون” للمخرج الأميركي كوانتين ترانتينو.
وفي سياق انتباهه لثورات الحراك العربي بشراراتها ومسبباتها وتحدياتها، يحتفي مهرجان برلين السينمائي في دورته الحالية بهذه الثورات من خلال عدة عروض لأفلام روائية وتسجيلية مستمدة من روح هذه الثورات ومنبعثة من هديرها الصاخب والمهيب، كما يعقد المهرجان ندوات لقراءة وتحليل ظاهرة الربيع العربي بمشاركة عدد من الأدباء وصناع الفيلم العرب مثل محمد علي الأتاسي من سوريا، وهالة جلال من مصر، ونادية الفاني من تونس، والروائي الطاهر بن جلون من المغرب، ومحمود حجيج من لبنان.
حضور إماراتي
ويشهد مهرجان برلين في دورته الحالية حضورا إماراتيا مكثفا من خلال صناع الأفلام المحليين والمقيمين، ومن خلال مديري ومسئولي مهرجاني أبوظبي ودبي السينمائيين، مع حضور فاعل لمؤسسات وهيئات سينمائية إماراتية متخصصة مثل “إيميج نيشن أبوظبي” و “لجنة أبوظبي للأفلام” و “تو فور فيفتي فور”، بالإضافة لمشاركة عشر مواهب سينمائية إماراتية واعدة في برلين ضمن دورات تدريبية وورش عملية يقيمها المهرجان لمحبي السينما والشغوفين بها من مختلف قارات العالم.
فمن خلال رغبة متواصلة في فتح منافذ مبتكرة وفضاءات مشجعة أمام السينما الوليدة والشابة في الإمارات، يأتي حضور الجهات السينمائية المحلية ومنها “إيميج نيشن أبوظبي” في المهرجان لخلق ما يمكن أن نسميه “الشراكة التفاعلية” مع الآخر ومع التجارب السينمائية المتقدمة، تأكيدا لمسعى التطوير التنظيمي والفني المرافق لعملية إنتاج الفيلم.
منافذ حقيقية
وللتعرف على تفاصيل وحيثيات هذا التواجد الإماراتي المكثف في المهرجان يقول محمد العتيبة، رئيس إميج نيشن أبوظبي في تصريح لـ”الاتحاد”، إن مهرجان برلين السينمائي يعتبر وجهة مطلوبة ومرغوبة من قبل كافة السينمائيين في العالم، ومن هنا، كما يوضح العتيبة، يمكن التواصل مع منافذ حقيقية وهامة فيما يخص الشأن السينمائي سواء على مستوى مشاهدة النتاجات الراقية للأفلام، أو على مستوى التعرف على آليات التسويق والتوزيع والترويج للإسهامات السينمائية القادمة من مختلف قارات العالم.
ويشير العتيبة إلى أن تواجد “إيميج نيشن أبوظبي” في هذا المهرجان العريق يأتي ضمن إطار التعاون والمشاركة المتبادلة التي باتت سمة واضحة وهدفا قويا لدى المسئولين عن قطاع السينما في ألمانيا. موضحا أن، المبادرات المشجعة التي أبدتها الحكومة الألمانية ومعهد جوته في منطقة الخليج جعلتنا نتفاعل مع أهدافها الثقافية الشفافة التي تؤكد على روح الحوار والمشاركة والاستفادة المتبادلة القائمة على احترام التنوع الثقافي”.
وحول أبعاد وطموح هذه المشاركة، يقول العتيبة: “إن إيميج نيشين أبوظبي تطمح في مهرجان برلين إلى إيجاد معبر واضح ومتجدد للتواصل مع السينمائيين في أوروبا والدول الأخرى المشاركة، وكذلك التواصل مع الجهات الرسمية والشركات الخاصة لتوطيد وتنمية الشراكة السينمائية وتطوير الكوادر والمواهب المحلية والأخرى المقيمة معنا في الإمارات والتي تساهم في تفعيل الحركة السينمائية بالمكان”.
ونوه العتيبة إلى أن فيلم “ظل البحر” الذي أشرفت على إنتاجه إيميج نيشن أبوظبي سيكون حاضرا في سوق المهرجان من خلال عرضين مختلفين في العاشر والرابع عشر من الشهر الجاري، وبإشراف الشركة الموزعة للفيلم، ووصف العتيبة الفيلم بأنه يترجم قيمة المواهب السينمائية في الإمارات وتأثيرها المتواصل في إيجاد منصة راكزة للفيلم الإماراتي في المهرجانات الخارجية.
نبض المجتمع الإماراتي
يؤكد محمد العتيبة رئيس إميج نيشن أبوظبي، على أن فيلم “ظل البحر” أثبت أن المخرج الإماراتي والكاتب الإماراتي باتا قادرين على الدخول بثقة في مغامرة التصدي وبنجاح لصناعة فيلم روائي طويل، كان من الصعوبة في السابق التصدي له وإنتاجه.
مشيدا في الوقت ذاته بمخرج الفيلم نواف الجناحي والكاتب محمد حسن أحمد اللذين استطاعا أن ينقلا بحرفية وصدق روح ونبض وجماليات المجتمع الإماراتي.
وتمنى العتيبة أن يساهم الحضور الإماراتي في مهرجان برلين السينمائي إلى تعريف السينمائيين الألمان بمسارات الحركة السينمائية في الإمارات لفتح أبواب جديدة أمامها وخلق مناخات مشجعة لصناعة الفيلم في الإمارات، وتطوير إنتاج الأفلام المحلية.