تشتمل الحملة التوعوية الاجتماعية الأولى في إمارة أبوظبي التي تنطلق اليوم، تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، على محورين أساسيين، يمثلان وصفة اجتماعية.
ويتمثل المحوران في: «دعم الأسر الناشئة»، و«أبناؤنا مسؤوليتنا»، ويتضمن كل منهما العديد من المحاور التي سيتم التركيز عليها خلال الحملة.
التخطيط السليم للزواج
يناقش التخطيط السليم للزواج العديد من المواضيع المتعلقة بالزواج الحديث، بدءاً من بطاقات الدعوة وفستان العرس إلى مكان إقامة الزواج، وقائمة المدعوين وشهر العسل، وغيرها من التفاصيل.. وهي الأمور التي تنقضي في ليلة واحدة فقط، وقد نستعد لها بأعلى درجات الاستعداد ونراعي بدقة كل صغيرة وكبيرة، وننسى التخطيط الفعلي للزواج، وبعد فترة قصيرة من العرس تبدأ المشكلات في الظهور على السطح، وتتصاعد الخلافات في البيت؛ لأننا لم نخطط من أجل الاستمرارية الزوجية.
ويطرح هذا المحور العديد من الأسئلة، تتمثل في: كيفية التخطيط لزواجك إن كنت عقدت قرانك، وكيف خططت لزواجك إن كنت حديث الزواج.
الاختيار الزواجي
الاختيار الواعي المبني على التقارب في الأفكار والقيم والمفاهيم والنظرة إلى الحياة، يخلق جواً أسرياً يسوده الهدوء والاستقرار والاتزان الانفعالي، والتسرع في اختيار شريك الحياة والتغاضي المؤقت عن العيوب تحت تأثير الحب أو غيره، تلعب دوراً كبيراً في عدم تحقيق التوافق الزواجي.
تقارب الزوجين، من حيث السن والمستوى الاجتماعي والثقافي والقيمي والديني، يجعل التفاهم ممكناً، ويسمح بدرجة عالية من التواصل بين الطرفين، وكثيراً ما يحاول البعض القفز فوق قواعد التكافؤ اعتقاداً بأن الحب كفيل بتجاوز الحدود العمرية والاجتماعية والثقافية والدينية، ولكن بعد الزواج حين تهدأ حرارة الحب، وتبدأ هذه العوامل في التكشف شيئاً فشيئاً وتنتج عنها عوامل شقاق عديدة.
خفض نفقات الزواج
يواجه الشباب عدداً من التحديات في هذا المجال، وتلعب الأسرة والمجتمع الدور الأكبر فيها، وتتمثل في: التباهي بكثرة حفلات التحضير للزواج، كحفل عقد القران «الملجة» - حفل الحناء - وحفل ليلة الزفاف وهو الحفل الرئيس، وتكليف العريس بما لا يطيق ودفعه إلى اقتراض المال، «الديون» الخارجة عن قدرته على سدادها لاحقاً، والتفاخر والتباهي بشراء الماركات العالمية من ملابس ومجوهرات وغيرها، مما يرهق كاهل العريس.
مبادرة
يتم خلال الحملة توعية المقبلين على الزواج، وتسليط الضوء على المبادرة التي تقضي بتغيير مواعيد الأعراس وتحديد وقتها بساعتين فقط، لتكون من الرابعة عصراً حتى السادسة مساء، إضافة إلى منع تقديم الوجبات الرئيسة في الأعراس، والعمل على الحد من إقامة حفلات الزواج الضخمة في الفنادق، وضرورة الاقتصاد في التكاليف والاكتفاء بحفل بسيط.
تجنب الخلافات في بداية الزواج
تواجه الشباب في سنوات الزواج الأولى العديد من المشكلات التي ترتبط في معظمها في شخصية الشباب إناثاً وذكوراً، ومدى وعيهم، والمهارات التي يمتلكونها والتي تتمثل في: «قلة وعي الأزواج بأدوارهم ومسؤولياتهم الحقيقية، وتتمثل في تحمل المسؤولية تجاه حقوق وواجبات الشريك، وغياب دور أولياء الأمور في توعية الأبناء، وضعف الثقافة الخاصة بالإنجاب، وضعف الوعي بالثقافة الصحية والنفسية الخاصة بالمرأة، ومشاكل حول سكن الزوجية وإدارة الأمور المالية للأسرة بشكل عام، وعدم القدرة على ترتيب أولويات الحياة الاجتماعية والمادية، وعدم تفهم أحد الأزواج لطبيعة عمل الآخر، وعمل المقارنات مما يولد الشعور بالنقص، وقلة الخصوصية بين الزوجين، وتدخل الأهل السلبي بين الزوجين».
التعامل مع اختلاف التوقعات في بداية الزواج
لا بد من وصول الطرفين للنضج الكافي لتحمل تبعات الزواج ومسؤولياته والقدرة على رعاية الأسرة، بحيث يجب أن يدرك الطرفان أن الزواج علاقة متعددة الأبعاد جسدية عاطفية عقلية اجتماعية روحية، وعليهما النظر إلى كل تلك الأبعاد عند التفكر في الزواج، والزواج الذي يقوم على بعد واحد مهما كانت أهميته، يصبح مهدداً بمخاطر كثيرة.
كما أن الزوجين اللذين يدخلان حياتهما الزوجية بأفكار وأخلاق وطباع وعادات وميول متباينة وفي مخيلة كل منهم توقعات مختلفة عن الحياة الزوجية وكل منهما يتوقع أن ينهل من العسل الصافي دون أن يتألم من لسع النحل، وفي بعض الأحيان تكون لدينا صورة للزوج المثالي، لكننا نتزوج شخصاً ليس كما تصورناه، حينئذٍ نكون أمام خيارين، إما أن نمزق الصورة ونقبل الشخص الذي أمامنا أو نمزق الشخص ونقبل الصورة.
لذلك كن واقعياً، وتفهم الطرف الآخر، ولا تتوقع منه أن يفكر مثلك، ويتصرف مثلك، ويشعر مثلك، عندما نتزوج نبني صورة ذهنية للآخر، ونعرف ذاتنا عليها، ونعلق الآمال عليها، ولكن حين نصطدم بالواقع يظهر لنا الزوج على أنه ليس الشخص الذي توقعناه وتمنيناه، وقد لا تكون التوقعات عادلة أو واقعية، وقد تؤدي إلى الفشل في الحياة الزوجية، ليس لأننا غير متوافقين بشكل أساسي، ولكن لأن توقعاتنا غير متوافقة. لتجاوز اختلاف التوقعات وإنقاذ الزواج من هذا الفيروس الذي قد يتسبب في الخلافات الزوجية، يتوجب على الزوجين بأن يخصصا وقتاً مناسباً للجلوس والتحدث معا لتوضيح طبيعة النشأة والفروق في التوقعات، وعلى أن ينصت كل منهما للآخر من غير مقاطعة، ويناقشا الأمور التي يتوقعها كل منهما، كما أن إشباع الحاجات من العلاقات العاطفية كالنهر الجاري يغسل كل الهموم ويجرف في طريقه الكثير من الشوائب التي قد تعكر صفو الحياة الزوجية، وتبقى الأسرة السعيدة هي الأسرة القادرة على تخطي وعلاج المشاكل التي تواجهها.
تذكر دائماً
لا ترد الإساءة بالمثل لأن ذلك بمثابة من يطفئ النار بالنار، واحرص على تجنب التفسيرات والنظرة السلبية، حيث تتولد لدى الشخص الذي يفسر المواقف سلبياً قناعة تامة بحقه في جرح الطرف الآخر لشعوره بأن الطرف الآخر هو من ابتدأ في التسبب بجرحه.
ومن أهم مخاطر النظرة السلبية فقدان الأمل والرجاء؛ لأنه مهما حاول الشخص ستقابل محاولاته بالتفسير السلبي، وتذكر دائماً مدى الألم النفسى الذي نسببه للآخر حينما تتهمه ظلماً وتشكك في صدق نواياه.
الحفاظ على الزواج
النجاح في بناء بيت زوجية سعيدة يتطلب تفهم كل من الزوجين حقوق الطرف الآخر، وأن يدرك كل منهما أدواره ومسؤولياته وواجباته تجاه الآخر وتجاه نفسه ويتقبلها ويتحملها، إن المسؤولية في الحياة الزوجية هي مسؤولية مشتركة بين الزوج والزوجة.. هيئ لبيتك مناخاً عاطفياً إيجابياً، فبيتك هو جنتك التي تترعرع فيهار أزهار الألفة والمودة حينما تتوافر لها الظروف المناسبة، إن تهيئة مناخ عاطفي يعطيك ميزة التخلص من أسباب التوتر التي تؤدي للوقوع في الأزمات، فاحرصا على المحافظة على خلق جو هادئ نسبياً والحفاظ عليه، من خلال تقليل درجة الاندفاع لديهما إلى أدنى حد ممكن.
قيمة شريك حياتك
عامل شريك عمرك كما لو كنت تراه لآخر مرة، واجعل الامتنان للدور الذي يلعبه الطرف الآخر جزءاً رئيساً في حياتك، فالأشياء والأحداث من الممكن تأجيلها، لكن المشاعر لا يمكن تأجيلها لأن لها موعداً مناسباً ومكاناً محدداً، ابدأ يومك بالحب، واجعله أولوية قصوى، فإذا نظرت للحب كأولوية فستتجاهل توافه الأمور، وتذكر أن الأفعال أبلغ من الأقوال، ما فائدة أن تقول لشريك حياتك إنه أهم شخص في حياتك، وأنت تقضي الساعات الطويلة خارج المنزل أو على الهاتف، أو في مشاهدة التلفاز...؟
تدريب حديثي الزواج على تجنب الخلافات
أوضحت أمل عزام الخبير الاجتماعي بمؤسسة التنمية الأسرية أن كل محور من المحورين الأساسيين للحملة يتضمن العديد من المحاور، منوهة إلى أن المحور الأول يتعلق بالأسر الناشئة ويتضمن التخطيط السليم للزواج لتجنب المشكلات التي قد تظهر على السطح وتتصاعد في البيت بسبب التكاليف العالية للعرس وتراكم الديون الناجمة عن ذلك، بحيث تهدف إلى التخطيط السليم لضمان الاستمرارية الزوجية.
وقالت: «إن التهيئة للزواج تعني تهيئة النفس للتعامل مع مرحلة مهمة بحياة كل رجل أو امرأة، وهو استعداد كلا الطرفين كي يشارك حياته شخص آخر يختلف عنه في الطباع والميول والشخصية، والاستعداد لاحتوائه وتلبية احتياجاته العاطفية والنفسية، وتحمل المسؤولية وقيادة دفة الحياة الزوجية إلى بر الأمان، والاستعداد للتعامل مع اختلاف التوقعات حول الزواج لكل منهما دون الشعور بخيبة الأمل كلما بدر من أي منهما ما لا يتوقعه من الآخر، والقدرة على مواجهة المشكلات التي تواجههم بالحياة والتعامل معها وحلها دون أن تتحول إلى خلافات تدمر الحياة ».
وأشارت عزام إلى أن المرحلة تتضمن مناقشة محور الاختيار الزواجي المبني على الاختيار الواعي والتقارب في الأفكار والقيم والمفاهيم والنظرة إلى الحياة، ما سيخلق جواً أسرياً يسوده الهدوء والاستقرار والاتزان الانفعالي.
وتابعت: «يتضمن المحور أيضاً خفض نفقات الزواج، حيث يواجه الشباب عدداً من التحديات في هذا المجال، فيما تلعب الأسرة والمجتمع الدور الأكبر فيها، والتي تتمثل في التباهي بكثرة حفلات التحضير للزواج، وعدم مراعاة اختلاف الظروف الحياتية والمستوى المعيشي بين أهل العروس والعريس، وعدم تشجيع الأبناء على الاستقلال المادي وتحمل المسؤولية، وعدم السماح للمخطوبين بالتعرف على بعضهم خلال وجود الأهل، أو العكس السماح للمخطوبين بالتعرف على بعضهم من دون حدود فتحدث المشاكل، تدخل الأهل الإيجابي والسلبي في حياة الزوجين، طول فترة العقد مما يتسبب في العديد من الخلافات بين الطرفين أثناء هذه الفترة، عدم وجود توافق بين العائلتين سواء من حيث العادات والتقاليد أو المستوى المادي.وسلطت الضوء خلال هذه المرحلة على ضرورة توعية المقبلين على الزواج بمبادرة تغيير مواعيد الأعراس وتحديد وقتها بساعتين فقط، لتكون من الرابعة عصراً حتى السادسة مساء، إضافة إلى منع تقديم الوجبات الرئيسية في الأعراس، والعمل على الحد من إقامة حفلات الزواج الضخمة في الفنادق، وضرورة الاقتصاد في التكاليف والاكتفاء بحفل بسيط، ترشيداً للنفقات وتخفيضاً من الأعباء الكثيرة التي يتحملها الشباب في مقتبل حياتهم من إنفاق أموال طائلة على الأعراس.
استدامة الزواج
وأضافت: سنعمل خلال هذه المرحلة على تمكين حديثي الزواج من كيفية تجنب الخلافات في بداية الزواج (تنمية المعارف والمهارات) التي تواجههم خاصة في سنوات الزواج الأولى، حيث تعترضهم العديد من المشكلات، والتي ترتبط في معظمها بشخصية الشباب، إناثا وذكورا، ومدى وعيهم ، والمهارات التي يمتلكونها، وتجنب الخلافات في بداية الزواج وذلك سعياً لاستدامة الحفاظ على الزواج في السنوات الأولى، بحيث يتطلب النجاح في بناء بيت زوجية سعيد لكل من الزوجين، وتفهم حقوق الطرف الآخر، وأن يدرك كل منهما أدواره ومسؤولياته وواجباته تجاه الآخر وتجاه نفسه ويتقبلها ويتحملها ويدرك أن المسؤولية في الحياة الزوجية مشتركة بين الزوج والزوجة، كما تركز المرحلة على أهمية التعبير عن مشاعر الحب والامتنان والمودة والاحترام، والاهتمام بمشاعر الشريك، وإبداء الحب للطرف الآخر والعطاء أولاً وتحسين العلاقة، وترجمة ذلك في الأفعال، بحيث يجب على كلا الزوجين أن يظهر دائما أن أسرته هي بالفعل أهم جزء في حياته، فكل فعل إيجابي يقوم به الزوجان يقوي روابط الألفة والحميمية بينهما، ويقلل من مشاعر الإحباط ، وعلى كل طرف في الزواج أن يبدأ بنفسه ويقوم بتغير أفكاره وآرائه ومواقفه والتي بدورها ستغير مشاعره وسلوكه، ويساعد شريك حياته ليفهم الخطأ بدلا من ترك هذا للزمن لأن العمر يمضي سريعاً، مشيرة أن الأسرة المتميزة هي تلك التي تضع رؤية واضحة لمستقبلها، لتحديد رؤيتك لعلاقاتك المستقبلية.
أبناؤنا مسؤوليتنا
عن المرحلة الثانية في الحملة، قالت عزام إن هذا المحور والذي سيطلق تحت عنوان «أبناؤنا مسؤوليتنا» سيركز على جانبين أساسيين الأول: مسؤولية الوالدين والقائمين على رعاية الأبناء تجاه أبنائهم، ونشر مفاهيم التربية الإيجابية والتي ترتكز على بناء الضبط الذاتي وتحمل المسؤولية في زمن يواجه فيه الوالدان الكثير من التحديات والصعوبات في أساليب التواصل مع الأبناء وتوجيه سلوكهم لاسيما أن الأسرة تعتبر المؤثر الأعظم في بلورة شخصية الطفل وتنشئته.وتابعت: سيكون التركيز الأكبر في هذا المحور على ترسيخ مفهوم الوالد المسؤول كبديل عن الوالد المثالي، فالكثير من الآباء يحبون أطفالهم كثيراً، ولديهم كامل الرغبة في تربيتهم تربية حسنة، ولكنهم ودون وعي منهم يتحملون مسؤولية كل ما هو مفروض أن يقوم به الطفل، أي يبالغون في تحمل المسؤولية عن أطفالهم، وهذه المسؤولية من قبل الوالدين تحرم الطفل من التعلم، بل وتعكس عدم احترام قدرة الطفل على التعلم من خوض التجربة، الأمر الذي يحرم الطفل من تكوين الاستقلالية وتطوير الثقة بالنفس، فالوالدية المسؤولة تهتم بتطوير مشاعر المسؤولية، والثقة بالنفس لدى الأطفال أكثر من اهتمامها بالصورة المرسومة والمتوقعة من المجتمع.
والوالد المسؤول هو الذي يمنح الأطفال خيارات تجعلهم يعيشون التجربة والخبرة، ويختارون ويتحملون نتيجة خياراتهم، كما سيتم التركيز خلال الورش التفاعلية على تعريف المجتمع على الركائز الأربع الأساسية لتأسيس العلاقة الإيجابية الفعّالة بين الأهل وأطفالهم: الاحترام المتبادل، توفير وقت للمتعة والمرح، إيصال الحب للطفل، ومهارة التشجيع.