السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«الزبون الصعب».. حين يفقد الإنسان قيمته وقِيَمه

«الزبون الصعب».. حين يفقد الإنسان قيمته وقِيَمه
3 مارس 2019 03:38

عصام أبو القاسم (دبا الحصن)

تختتم اليوم «الأحد» فعاليات الدورة الرابعة من مهرجان المسرح الثنائي الذي تنظمه إدارة المسرح بدائرة الثقافة في الشارقة، وتجري فعالياته في المركز الثقافي لمدينة دبا الحصن. وشهد الجمهور في الليلة الثالثة من التظاهرة مسرحية «الزبون الصعب» لفرقة المسرح الكويتي، وهي من تأليف ماكس رينيه وإخراج سعود القطان، وتمثيل فهد الخياط، وموسى بهمن.
وتناولت المسرحية قصة زوج فقد زوجته وذهب إلى مركز الشرطة للإبلاغ عنها، وهناك التقى بشرطي، وظيفته ضبط وحصر المضبوطات والمفقودات في مخزن تبدو الأشياء في أرففه من كل شكل ولون «أزياء وأغراض منزلية..»، وهي موزعة بطريقة مهملة. ويظهر الشرطي في المشهد الأول بمظهر مهمل أيضاً، بديناً ويرتدي ملابسه بطريقة تعكس حالته الذهنية المهتزة.
الزوج، هو الآخر، لم يبد متأثراً بفقد زوجته، وهو حين يصفها للشرطي، يبدو مثل شاعر يصف طيف فتاة مشتهاة: سمراء، طويلة.. إلخ. ولكنه يفعل ذلك بانفعال سطحي وزائف.
إذن، لا الزوج زوجاً ولا الشرطي يقوم بدوره كما ينبغي، كما أن وقائع القضية ذاتها «فقد الزوجة» لم يكن لها في نفس الزوج والشرطي معاً، الوقع المعتاد أو المألوف في الواقع، وهو ما سيتكشف أكثر مع تقدم لحظات العرض الذي قدم باللغة العربية.
أما لماذا لم يظهر كل شيء على الشكل الذي يمكن أن يحيل إلى الواقع، فلعل مرجع ذلك أن العمل أراد أن يبرز، من البداية، من خلال شريط صوتي، بثت عبره نشرة أخبار إذاعية، تأثير القوانين وطريقة إنفاذها في بعض المجتمعات التي تُحكم مواطنيها بقبضة من حديد، حيث يتحول المواطن إلى شخص يعاني من التشوش والخوف، كما يظهر الشرطي مضطرباً يؤدي عمله بطريقة روتينية، مثل الآلة، أي بلا تفاعل أو مشاعر.
في المشاهد التالية، يظهر الشرطي، أثناء مساعدته للزوج حتى يعثر على زوجته، كما لو أنه يبحث عن غرض مفقود في المخزن الذي يعمل به، وبعد محاولات عدة وحين يتعبه البحث بلا نتيجة، يحاول إقناع الشاكي بأن زوجته قد ماتت. صمم المخرج فضاء العرض مستنداً إلى الدلالة العامة لمخزن المفقودات بأقسام الشرطة، فثمة أرفف ومنضدة ودفاتر لتقييد معلومات حفظ المفقودات، إلخ. ووظف الإضاءة بصورة مقتصدة، لرسم حركة الممثلين ولتحديد الانتقالات الزمنية، بين الماضي والحاضر، كما استعان بالراديو، كمصدر يعرف المتلقي من خلاله الخلفية السياسية لوقائع العرض المقدم على الخشبة، على أن الاشتغال الأبرز في هوية العرض الجمالية والدلالية تركز على الأداء التمثيلي، خاصة الحوار بين الشاكي والشرطي، وهو حوار جدل، تلون بنبرات متباينة، توتر وشفقة وانحياز وعداء.
وفي المشهد الأخير، يتبين أن الشاكي ظل على مدى خمس سنوات سابقة يأتي ويقدم الشكوى ذاتها، وهو على الهيئة المظهرية ذاتها: الملابس، الحقيبة، النظارة. وكان الشرطي ذاته يقابله، ويجري بينهما الحوار المتلون ذاته.
وأخذت بعض الإفادات التي قدمت في الندوة النقدية التي جاءت عقب تقديم العرض، على المخرج عدم توظيفه للعديد من العناصر التي توزعت فوق الخشبة، وقال بعضهم إن العرض اتسم بالغموض والتلغيز. بالمقابل، ثمة من أشاد بصورة العرض، في أشكالها وألوانها وتناغم مكوناتها البصرية وتداخلها.
وشهدت الأمسية الثالثة من المهرجان احتفالية اجتماعية أقامتها دائرة الخدمات الاجتماعية بدبا الحصن التي أتاحت لضيوف المهرجان أن يتعرفوا على ملامح من المشغولات اليدوية والأطعمة الشعبية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©