حوار: حسام عبدالنبي
قال عبد القادر عبيد علي، رئيس مجلس إدارة جمعية المدققين الداخليين بدولة الإمارات، إن دولة الإمارات تلعب دوراً رائداً لتطوير مهنة المدقق الداخلي على مستوى الشرق الأوسط وذلك في ظل القانون الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حول ميثاق التدقيق في الحكومة الاتحادية، والذي يلزم الجهات الحكومية بتأسيس وحدة تدقيق داخلي في إطار الجهود الرامية إلى التشجيع على الوصول لقدر أكبر من الشفافية المالية، وبما انعكس على زيادة الاهتمام بالعمل في مهنة المدقق الداخلي في الدولة وزيادة عدد أعضاء جمعية المدققين الداخليين. وأضاف عبيد في حوار مع «الاتحاد» أن الإمارات تستحوذ على نسبة %45 من العدد الإجمالي للمدققين الداخليين العاملين في المنطقة، والذين يقدر عددهم بنحو 7 آلاف مدقق داخلي، في حين تبلغ نسبة المواطنين الإماراتيين %22 من المدققين الداخليين العاملين في الدولة.
وشدد على أن الإمارات أصبحت نموذجاً يحتذى به في مجال التدقيق الداخلي؛ نتيجة اعتمادها أفضل الممارسات العالمية على هذا الصعيد، إذ جاءت الدولة في المرتبة الأولى على مستوى المنطقة من حيث اعتماد وتطبيق أفضل المعايير والممارسات الخاصة بمجال التدقيق الداخلي، وفي المركز الثامن عالمياً في مجال التدقيق الداخلي وتطبيق معاييرها واشتراطاتها.
وقال: إن جمعية المدققين الداخليين في دولة الإمارات تستهدف أن تصبح مهنة التدقيق الداخلي أكثر ذكاءً، عبر منع استخدام الأوراق في أعمالها، وكذلك الارتقاء بأداء ومعارف أهل المهنة وتمكينهم من مواكبة التحديات المهنية المستقبلية، من أجل مواكبة التقدم الذي تحرزه دبي على صعيد الحكومة الذكية، واستهداف عدم استخدام الورق نهائياً في مكاتب حكومة دبي، بحلول عام 2021.
الذكاء الاصطناعي
وقال: إن الإمارات تمضي قدماً في سياق اعتمادها على الذكاء الاصطناعي، وهي تتبوأ الريادة لجهة استخداماته.
وأضاف أن العالم سوف يحقق 20 مليار دولار العام الجاري، كإيرادات ناجمة عن تبني الذكاء الاصطناعي، فيما من المتوقع أن يصل الإنفاق العالمي على التقنيات الذكية إلى 23 تريليون دولار بحلول عام 2023، موضحاً أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تنفق حوالي 5% من هذا المبلغ، وتستحوذ الإمارات والسعودية على نسبة تراوح بين 60% إلى 70% من إنفاق المنطقة على هذه التقنيات.
وذكر عبيد، أن الجهود في هذا المجال تشمل أيضاً استضافة المؤتمر الإقليمي السنوي العشرين للتدقيق الداخلي، تحت شعار «تكنولوجيا المستقبل تشكّل مستقبل التدقيق الداخلي»، وذلك في الفترة من 12 وحتى 14 أبريل 2020 في مركز دبي الدولي للمؤتمرات والمعارض.
وأشار إلى أن المؤتمر الذي يعد الذكي والأضخم على مستوى منطقة الشرق الأوسط بمشاركة أكثر من 1500 مهني، يمثل فعالية التدريب الرئيسية على صعيد مهنة التدقيق الداخلي، وسيتيح للمشاركين فرصة للتفاعل مع الخبراء والمهنيين للاطلاع على الكيفية التي ستعيد فيها التوجهات المستقبلية للتكنولوجيا تشكيل هذه المهنة في العقد الحالي وما يليه، لافتاً إلى أن المؤتمر سيناقش عدداً من المواضيع مثل الرقمنة، والتدقيق المرن، والحوكمة والمخاطر، والاحتيال والفساد، وأمن المعلومات والقيادة التحويلية.
متطلبات
وعن المتطلبات الواجب اتباعها لكي تواكب مهنة المدقق الداخلي التطورات، أفاد عبيد، بأنه يتوجب على المدققين الداخليين اعتماد التكنولوجيا بشكل أكبر من أي وقت مضى.
وذكر أنه من المتوقع أن تستحوذ الروبوتات على نسبة 50% من وظائف التدقيق الداخلي عام 2025، لاسيما في ظل تعزيز قدراتهم من خلال برامج الروبوت وتعلم الآلة، بما يمكنهم من التعامل مع الحجم المتسارع وسرعة وتعقيد البيانات.
وبين أنه لتوضيح الدور الذي يمكن أن تقوم به الروبوتات في مجال التدقيق الداخلي، فمن المقرر استضافة صوفيا، كأول روبوت بشري، في مؤتمر المدققين الداخليين الذي سينعقد في دبي، حيث ستلقي خطاباً وستتفاعل مع زملائها المهنيين.
مواجهة المخاطر
وقال رئيس مجلس إدارة جمعية المدققين الداخليين بدولة الإمارات، إنه عند النظر إلى تأثير التقنيات الناشئة على مجال التدقيق الداخلي، فإن ذلك يتطلب تحديثاً للمعارف والتدريب، حيث تغير دور المدققين الداخليين، جراء تعقيد الأعمال وإدخال تقنيات جديدة، موضحاً أن الرقمنة تطرح تحديات وفرصاً هائلة بالنسبة لكل عمل تجاري، فيما تواجه المؤسسات، على مستوى العالم، تحديات ناجمة عن عمليات الاحتيال والاختلاس وإساءة الائتمان.
وحدد عبيد، عدداً من التحديات التي تنتظر العاملين في هذه المهنة ومنها الأمن السيبراني، والرقمنة واستدامة الأعمال، والحوكمة، والبلوك تشين، والاحتيال والفساد، إلى جانب أمن المعلومات والروبوتات وغيرها من التحديات.
وأضاف أن مخاطر الإنترنت تشكل في الوقت الحالي أكبر تهديد على العمليات المتكاملة للأعمال.
ودلل على ذلك بالتوقعات أن تصل تكلفة الجرائم الإلكترونية إلى 8 تريليونات دولار على مستوى شركات العالم، خلال السنوات الخمس القادمة، منوهاً بأن سرقة البيانات والاحتيال تحتلان صدارة قائمة المخاوف لدى المؤسسات في جميع أنحاء العالم، حيث جاءت الهجمات السيبرانية في المركز الثالث في القائمة في عامي 2018 و2019.
وشدد رئيس مجلس إدارة جمعية المدققين الداخليين بدولة الإمارات، على أهمية دور المدققين الداخليين في الوقاية من القرصنة وحماية البيانات الحساسة.
وقال: إن المدققين الداخليين يقومون بتخزين المعلومات الحساسة المتعلقة بنقاط الضعف الكامنة في وظائف إدارة مخاطر الشركات الخاصة بعملائهم، إضافة إلى العمليات والإجراءات الأمنية وحالة الامتثال التنظيمي الخاصة بهم، وبحيث لا يمكن لقراصنة الإنترنت استغلال هذه البيانات في معرض هجمات الهندسة الاجتماعية، أو الابتزاز، أو استغلال نقاط الضعف لقرصنة المؤسسة.
تحفيز المواطنين
ورداً على سؤال عن الدور الذي تقوم به الجمعية لتحفيز وتأهيل المواطنين للعمل في مهنة المدقق الداخلي التي تكتسب أهمية خاصة في أوقات التحديات الاقتصادية، أجاب عبيد، بأن الجمعية استطاعت، خلال العام الماضي، تسليط المزيد من الضوء على أهمية دور مهنة المدقق الداخلي، من خلال تنظيمها 71 نشاطاً، منها مؤتمران إقليميان شارك فيهما 1000 مدقق من داخل الدولة وخارجها، بالإضافة إلى 69 دورة تدريبية وورش عمل.
وأكد أن الجمعية طرحت كذلك «حصاد التدريبي»، وهو برنامج يهدف إلى تعزيز المهارات المهنية للمواطنين الإماراتيين في مجال التدقيق الداخلي، الذين يشكلون في الوقت الراهن نحو 22% من إجمالي عدد المدققين الداخليين في الدولة.
أكاديمية للارتقاء بالقدرات
كشف عبدالقادر عبيد أن الجمعية بصدد إنشاء أكاديمية متخصصة بتطوير قدرات المدققين الداخليين، للمرة الأولى، في الإمارات.
وأشار إلى أنه سيتم الإعلان عن المزيد من التفاصيل حول الأكاديمية وطبيعة عملها ومهامها ورؤيتها قريباً، متوقعاً أن تشهد السنوات المقبلة نمواً غير مسبوق في الطلب على مهنة التدقيق الداخلي، نتيجة لدورها الأساسي في نجاح المؤسسات ورسم مستقبلها، خاصة في ظل التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
ودعا عبيد، أبناء الإمارات، خاصة ممن هم في المرحلة الثانوية، إلى اتخاذ اختصاص التدقيق الداخلي مهنة لهم، نظراً لأهمية هذا الاختصاص في تحقيق طموحاتهم والمساهمة في رسم مستقبل المؤسسات التي سيعملون، معلناً أن جمعية المدققين الداخليين في الدولة قامت، للمرة الأولى، بتعريب دليل ضمان الجودة في مجال التدقيق الداخلي ووضعته في خدمة أبناء المهنة، بهدف تطوير قدراتهم.
واختتم عبد القادر عبيد، بالتأكيد أن العالم برمته يحتاج إلى المزيد من المدققين الداخليين، بسبب التحولات السريعة والمتزايدة التي يشهدها هذا القطاع، وكذلك بسبب التحولات الاقتصادية التي يشهدها العالم، حيث ستشهد الفترة المقبلة نمواً كبيراً بالطلب على المدققين الداخليين المؤهلين لمواكبة التطورات التي تشهدها الدولة، وتوجهاتها لتصبح دولة ذكية.