22 مارس 2008 02:16
محمد عبدالرحيم
أبوظبي - استمر الطلب العالمي على الديزل ليرفع أسعاره إلى مستويات جديدة عالية ليشكل إضافة للأعباء والضغوط الناجمة من ارتفاع أسعار النفط الخام· وفي الوقت الذي ظل فيه معظم المستهلكين يركزون اهتمامهم على أسعار الجازولين المرتفعة، أخذ الطلب العالمي القوي يرفع أسعار الديزل حتى بوتيرة أسرع، وهو الأمر الذي دعا بعض مصافي التكرير العمل على زيادة السعة من أجل إنتاج الديزل·
ويذكر أن النفط الخام استمر يسجل ارتفاعات قياسية بعد أن بلغ مستوى 110 دولارات للبرميل الأسبوع الماضي ليدفع معه أسعار المنتجات المكررة إلى مستويات تاريخية أيضاً· وعلى الرغم من هذه الزيادات في الأسعار، شهد استخدام الديزل قفزة بمعدل 5,9 في المائة في يناير في جميع أنحاء العالم مقارنة بالعام الماضي ليتجاوز المنتحات البترولية الأخرى مثل الجازولين ووقود الطائرات·
واتسم الطلب في الولايات المتحدة الأميركية المستهلك الأكبر للطاقة في العالم الطلب على الجازولين بنوع من الضعف، إلا أن أسعار الديزل مضت إلى ارتفاع وبشكل ساهم في ارتفاع سعر الديزل في جميع أنحاء العالم· ومنذ الأول من فبراير المنصرم، قفزت أسعار الديزل في الولايات المتحدة بنسبة 17 في المائة إلى مستوى غير مسبوق على الإطلاق بسعر دولار مقابل اللتر الواحد وفقاً لآخر البيانات الخاصة بالحكومة الأميركية·
وعلى الرغم من أن سعر الجازولين قد بلغ مستوى قياسياً أيضاً بسعر 85 سنتاً مقابل اللتر، فإن هذه الزيادة لا تمثل سوى 8 في المائة فقط مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي· ويبدو أن الضغوط التي يعاني منها المستهلك الأميركي بسبب ارتفاع الأسعار والمخاوف من المصير الذي سيؤول إليه الاقتصاد المحلي قد أفضت إلى تقليل الطلب على الجازولين في الأشهر الأخيرة وبشكل سمح بتزايد مخزون الجازولين إلى أعلى مستوى لها في سنوات عديدة·
وعلى النقيض من ذلك، فإن الطلب على الديزل في جميع أنحاء العالم استمر في النمو، بينما تأرجح حجم الإمدادات إلى أدنى مستويات تاريخية له· ويتعلق جزء من هذه المشكلة بفصول السنة، حيث ترتبط في موسم الشتاء أسعار الديزل بصورة أكبر بأسعار زيت التدفئة والتي لديها عناصر كيميائية مماثلة ويتم إنتاجهما عبر عملية متشابهة إلى حد كبير· لذا فإن قدوم فصل للشتاء في هذا العام أكثر برودة من المتوقع أن يؤدي إلى رفع أسعار زيت التدفئة ومارس ضغوطاً هائلة أيضاً على الديزل·
وفي الأثناء نفسها، استمر الطلب العالمي القوي على الديزل المتزامن مع ضعف الدولار يحرم الولايات المتحدة من جزء من الإمدادات· إذ قال لوري فولتر محلل صناعة النفط في إدارة معلومات الطاقة الأميركية: ''لقد أصبحنا أمام وضع في أوروبا وآسيا ارتفع فيه الطلب درجة بصورة كبيرة التهمت معها معظم الإمدادات المتوافرة في الولايات المتحدة الأميركية''· وبالإضافة إلى ذلك، فإن أسعار النفط التي بلغت عنان السماء لا تزال لم تكشف عن مؤشرات تدل على التوقف طالما استمر المستثمرون في توظيف أموالهم في السلع والهروب من الدولار وسط الأزمة التي تمسك بخناق الاقتصاد الأميركي·
وعلى خلاف ما يحدث في سوق الجازولين الذي يهيمن عليه الاستهلاك الأميركي النهم الذي لا يكف عن التوقف، فإن الديزل تحكمه العوامل الخارجية، حيث يتم استخدامه باتساع في جميع أنحاء العالم· فقد أصبح الديزل الوقود المفضل لوسائل النقل في أوروبا بعد أن أضحى السائقون يميلون أكثر إلى استخدام السيارات التي تعمل بالديزل في العقد الماضي· وكذلك فإن العديد من الدول في العالم المتقدم باتت تفضل الديزل بدلاً من الجازولين بسبب ما يتميز به من مرونة نظراً لإمكانية استخدامه كوقود في تشغيل المصانع، بالإضافة إلى استخدامه كوسيلة للنقل على حد سواء·
والآن فإن هذا الاتجاه بات من المتوقع له أن يستمر وبشكل يشعل الطلب العالمي على الديزل ويؤدي إلى خلق سوق للديزل يتسم بالمزيد من الصرامة والإحكام في السنوات المقبلة، كما يشير المحللون· والآن فإن مؤسسة نيو فانوندلاند آند لابرادور للتكرير الشركة الكندية التي تقف خلف أحد أكبر مشاريع التكرير الجديدة القليلة في أميركا الشمالية بدأت تراهن بشدة على الديزل، إذ أصبح من المتوقع أن ثلثي إنتاج المحطة المقترحة الذي من المتوقع أن يدخل الأسواق في عام 2012 سوف تتمثل في الديزل والمنتجات المتعلقة به، كما أن الثلث الباقي فقط سوف يأتي في شكل جازولين· وبالنسبة لشركات المصافي والتكرير فإن اقتصاديات هذا النوع من الخدمات تدعم فكرة التوسع في إنتاج الديزل· ففي الأسبوع الماضي، بلغ سعر برميل الديزل 135,24 دولار في سوق نيويورك هاربور مقارنة بسعر لا يزيد على 109,20 دولار لبرميل الجازولين·
ومن جهة أخرى، فإن المصافي التي تم إنشاؤها بشكل رئيسي لإنتاج الجازولين كما هو الحال في معظم المصافي الأميركية لديها قدرة أقل للتوسع في إنتاج الديزل· إذ إن تحويل الخام الى ديزل يتطلب معالجة مختلفة عن تلك التي تختص بإنتاج الجازولين· ومن أجل زيادة السعة الخاصة بإنتاج الديزل، فإن المصافي سوف يتعين عليها الاستثمار بكثافة في معدات جديدة· أما بالنسبة لجموع المستهلكين الأميركيين، فإن ارتفاع أسعار الديزل يعني تكاليف أعلى للسلع وبشكل يجبر باعة التجزئة على تمرير بعض هذه الزيادات الناجمة عن تكاليف النقل على أكتافهم·
نقلاً عن وول ستريت جورنال