الإثنين 14 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 33 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"صباحو كدب" خلطة ثقيلة الظل خفيفة العقل

"صباحو كدب" خلطة ثقيلة الظل خفيفة العقل
26 أغسطس 2007 02:06
كل فيلم جديد بالنسبة للممثل أحمد آدم أصبح مغامرة غير مأمونة العواقب· فآدم الذي كان يعتبر أحد أهم أبناء جيله قادته اختياراته المتوالية من فشل إلى فشل وسلك دربا مختلفا عن زملائه حتى تأخر ترتيبه، وأصبح اسمه يدفع الجمهور الى التردد عند دخول دار العرض التي تعرض أفلامه، ولم تفلح أي وصفة في تغيير هذا الانطباع· التهريج والخواء فقد جرب أحمد آدم التهريج في ''ولا في النية'' ولم ينجح· وجرب الفيلم الاجتماعي الذي يقدم قضية جادة ويعكس جوهر النسيج الوطني والتواصل بين عنصري المجتمع المصري المسلمين والمسيحيين في ''فيلم هندي'' ولم يفلح· وتحول سيناريو الفيلم الساحر الذي كان يمثل حلما لسنوات طويلة لأهم مخرجي السينما المصرية إلى نقمة، عندما قدم الفيلم السياسي في ''معلش احنا بنتبهدل'' وقضية العراق لا تزال طازجة، ففشل فشلاً ذريعاً· ووسط هذا قدم تجارب ضعيفة في ''شجيع السيما'' و''هو فيه إيه'' وتجربة متوسطة المستوى والنجاح في فيلم ''الرجل الأبيض المتوسط'' · فشل آدم ظاهرة تستحق التوقف والدراسة لأن بدايات آدم كانت مبشرة للغاية ولا توحي بهذا المصير المأساوي الذي آلت إليه هذه الموهبة المهمة· جديد آدم ''صباحو كدب'' تأليف أحمد عبدالله وإخراج محمد النجار هو تكملة لهذا الفشل· القصة مكررة، إذ تدور أحداث الفيلم حول شخصية الكفيف الذي يعود له بصره ولكنه يخفي لمعرفة نوايا من حوله، ثم يصاب بحالة نفسية بعد إكتشافه حقيقة من حوله· يجسد آدم شخصية ''نعناع أفندي'' مدرس الموسيقى الكفيف الذي يعود إليه بصره· ويهوى ''نعناع'' الغناء ويبقى حائرا طوال الفيلم بين عدد من شخصيات الكفيف التي قدمتها السينما المصرية طوال تاريخها· فهو تارة صالح سليم الذي يعود إليه نظره في فيلم ''الشموع السوداء''، لكنه يخفي ذلك حتى يتمكن من كشف قاتل شقيقه، وفي معظم الفيلم هو ''الشيخ حسني'' الذي جسده باقتدار الفنان محمود عبد العزيز في رائعة المخرج داود عبد السيد ''الكيت كات''، أو''عرفة'' الذي قدمه محمد صبحي على خشبة المسرح في ''وجهة نظر''، ولا مانع في الطريق من أخذ ملمح أو لازمة ما، من كل كفيف قدمته السينما، أو ممن اشتهروا بخفة الدم، مثل الملحن الراحل سيد مكاوي أو الموسيقار عمار الشريعي لنصبح في النهاية أمام كفيف متعدد الملامح الشكلية خال من المضمون هو ''نعناع أفندي'' الشخصية الكاريكاتورية الشديدة السذاجة التي لا تحمل أي رؤية أو وجهة نظر· ولأن التيمة مكررة ومقلدة، فلا مانع أيضا من أن تأتي أغنية الفيلم باسم ''الخيار'' مسايرة للموضة ومستثمرة لنجاح تجربة تقديم أغان الفواكه والخضراوات التي اجتاحت الساحة· البحث عن فكرة السيناريو الذي كتبه أحمد عبد الله عن فكرة للممثلة نهى العمروسي، رسم شخصية كفيف لا مبال تفتقر إلى إنسانية شخصية ''الشيخ حسني'' في ''الكيت كات'' أو دهاء ''عرفة'' في ''وجهة نظر''· وحول السيناريو فقدان البصر إلى مجرد ''إفيه'' لمداعبة الجمهور· وحتى يكمل آدم الذي انفرد بالفيلم وجعل جميع الشخصيات من حوله باهتة هذه الصورة، لجأ إلى طريقة كلام ساذجة وحشو مفتعل طوال الفيلم مما زاد من تسطيح الفكرة، كما زاد من مسخ الشخصية، وظهر ذلك في الكثير من التفاصيل البسيطة· في هذا الفيلم تاهت خطوط شخصيات كان يمكنها ان تضفي على الفيلم أبعادا جديدة منها الشخصيات النسائية التي جسدتها أميرة فتح وأميرة العايدي· فرغم أهمية دور الأولى ''قمر'' فإن السيناريو سطحه لتبدو مجرد جارة تنتظر صعود او هبوط جارها ''نعناع'' لتتبادل معه كلمات مقتضبة أو تمنحه ساندويتش· والثانية راقصة شعبية تمارس نشاطها في ملاهي الدرجة الثالثة يستعين بها صديق نعناع محمد شرف وزوج أم نعناع سعيد طرابيك للنصب عليه والاستيلاء على أرضه· كفيف مستهجن حبكة الكفيف الذي يفقد البصر ويستعيده أكثر من مرة طوال أحداث الفيلم كانت مستهجنة وبدت كما لو أن فيها استخفافا بالعقول· وينطبق الأمر على جميع عناصر الفيلم فلا يوجد بجانب سيطرة الإفيهات والخواء الذي يتضمنه السيناريو والذي يحاول البطل ملأه طوال الوقت بأي عنصر بارز· فالتصوير أقل من عادي ولا يوجد فيه مايلفت برغم خروج الفيلم إلى أماكن تصوير جديدة في الإسكندرية، واعتماده على أماكن حقيقية وليس ديكورات· المفارقة التي يحملها ''صباحو كدب'' هي ذلك التوافق الغريب بين مصير بطله أحمد آدم ومخرجه محمد النجار الذي بدأ منتصف الثمانينيات بأفلام عكس من خلالها هموم وقضايا جيله مثل ''زمن حاتم زهران'' و''الصرخة'' مع نور الشريف و''الهجامة'' مع ليلى علوي وغيرها، قبل أن يغير مساره إلى الأفلام الخفيفة التي جعلته هدفاً دائماً للنقد فقدم أغلب أفلام الإفيهات التي سيطرت على السينما في السنوات الأخيرة وأصبح البديل الجاهز لأي فيلم من أفلام الشباب والمطربين، فقدم أفلاما لمحمد فؤاد ومصطفى قمر وحكيم و''ميدو مشاكل '' لأحمد حلمي و''عوكل'' لمحمد سعد و''صعيدي رايح جاي'' لهاني رمزي· ويواصل النجار مشواره بفيلم خفيف هو ''صباحو كدب''·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض