6 فبراير 2011 20:41
زائر يأتي محملاً بالرمال الناعمة والرياح الشديدة غالباً ما يحمل معه جزيئات دقيقة من المواد العضوية وغير العضوية العالقة في الجو، وقد يحتوي على مواد عديدة كالألياف الحيوانية والنباتية واللقاحات والبكتيريا والطفيليات، والأتربة الناعمة المليئة بالمواد العضوية. له تأثير كبير على الأشخاص المصابين بحساسية الأنف والأذن والحنجرة والربو ومرضى ضيق التنفس.
مع عدم الاستقرار الجوى الذي تمر بها الدولة ونظرا لتولد سحب كثيفة من الأتربة والغبار الذي يغطي سماء معظم المناطق، بل ويعمل على حجب الرؤية أحياناً في بعض المناطق من شدة كثافتها. فإن هذه الأتربة وما تحمله الرياح من رمال، يعني أن الهواء الذي نستنشقه ليس هواءً صحياً ونقياً بل هو عبارة عن هواء ملوث مخلوط بأتربة دقيقة لا ترى بالعين المجردة ويعني ذلك انتشار أمراض عديدة تصيب الكثير من الأشخاص .وأغلب الفئات تضرراً جراء ذلك هم الأطفال وكبار السن .
حالات مرضية
“لم أفق من نومي ساعة الظهيرة إلا على صراخ ابني سالم ذو ( 5سنوات) فقد شعر بالضيق وحساسية الصدر”تقول أم سالم واصفة حالة طفلها من جراء الغبار. وتتابع:” عانيت كثيراً من هذا الغبار الكثيف المنتشر في الجو لأن ولدي مرض بسببه، لقد كان يمرح ويلعب مع أخوته وفجأة ارتفعت درجة حرارته بشكل رهيب“.
تتابع أم سالم بتوتر:” حملت ابني إلى المستشفى فاكتشفت بعد إجراء الفحوصات أن لديه التهابات مرتفعة جداً في البلعوم والتهاب في الصدر مصاحب بسعال حاد “.
تستكمل أم سالم حديثها: “ أخذت العلاج المناسب ولكن المعاناة لم تنته عند هذا الحد، فقد تطورت الحالة في اليوم التالي للمرض حيث بدأ يعاني من انسداد كامل في الأنف ولم يستطع التنفس إلا من خلال فمه ـ هذه معاناتي أسردها كما عشتها فكم ياترى من أقرانه أصيبوا بنفس الإصابة جراء مايحيط بنا من الغبار”.
حساسية الربو
أما شريف السيد الذي يعاني من حساسية الربو يشرح معاناته ويقول:” قبل أن تتغير الأحوال الجوية كنت مصاب “ بالزكام”وتوقعت إنها أيام وأتعافى، لكن مع تغير الجو بهبوب رياح مغبرة بالأتربة وتدني الرؤية الأفقية وأثناء الذهاب إلى العمل صباحاً تطورت حالتي الصحية إلى أبعد من ذلك، حيث ذهبت إلى المستشفى وأجريت فحوصات طبية واتضح أنني أصبت بالتهابات شديدة، ونصحني الطبيب بأخذ أدوية حساسية الربو وأخذ إجازة وكل هذا بسبب تلوث الجو بالغبار”.
كبار السن
يبدو أن الحالات المرضية مشابهة مع فرق بسيط عند كبار السن يقول أبو حسين الأربعيني الذي يعاني من أمراض صدرية “ الحساسية:” بسبب قيام زوجتي بتنظيف البيت من الغبار فقد سبب لي ذلك حساسية في الصدر مصاحب بسعال شديد طوال الليل واستمر ذلك لمده أسبوعين “. يلفت أبو حسين :” لابد في مثل هذه الأحوال كل المرضى والمصابين بالربو الحساسية تجنب الخروج من البيت بسبب سوء الأجواء الجوية غير المستقرة والابتعاد قدر الإمكان عن كل ما يسبب أي تهيج وسعال في الصدر “.
أيقظت نوبة من السعال الحاد الخمسينية عوشة مبارك عندما خلدت إلى النوم ليلاً عن ذلك تصف معاناتها بضيق وتقول :” لم أكن أعلم إن نسيان غلق النافذة سيحول بيتي إلى سحابة من الغبار المتراكم الناجم عن حالة عدم الاستقرار الجوي الذي ساد البلاد”. تتابع عوشة:” هذا النسيان سبب لي سعال حاد واحتقان في البلعوم .إلى جانب أحفادي الثلاثة الذين انتقلت لديهم العدوى من سعال وضيق التنفس”.
لم تتخلص عوشة من الغبار إلا عن طريق تنظيف البيت من الغبار بمساعدة الخادمة، عن ذلك تقول :” تم ذلك من خلال تنظيف الغبار العالق في النوافذ خاصة، ثم رش أرضية المنزل بالماء وشطفه،وتم وضع مواد مناشف مبللة على فتحات النوافذ الصغيرة لمنع تسرب حبات الغبار إلى داخل غرف المنزل “.
رأي طبي
الجميع يشكو من تلوث الهواء بالغبار هذه الأوقات ويعاني منه خاصة مرضى الربو والحساسية عن ذلك يقول الدكتور مازن ثابت -أخصائي أمراض الحساسية :” مع عدم الاستقرار الجوي الذي تتعرض له البلاد حاليا من غبار وأتربة،فإن الهواء في هذه الفترة يكون ملوثاً، لأن الغبار الذي نستنشقه مع الهواء مكون من مواد دقيقة أغلبها لا ترى بالعين المجردة مليئة بالمواد العضوية والغير عضوية وهي عبارة عن جزئيات مواد البكتيريا والطفيليات”.
يتابع الدكتور مازن :”هذه المواد بالإضافة إلى قلة المناعة أو انخفاضها بسبب تقلبات الجو وكذلك الأكل غير الصحي وأيضاً القلق المصاحب للإنسان لأي سبب، مجمل هذه العوامل تؤدي إلى نشوء أمراض الحساسية والالتهابات وأكثر الأمراض الشائعة في هذه الأيام هي أمراض “الربو” أو مايعرف بالأزمة التنفسية، والتهابات الجيوب الأنفية بسبب حساسية الأنف إلى جانب التهابات الجهاز التنفسي”. بخصوص الأعراض المصاحبة لتلك الأمراض يلفت مازن إليها. ويقول: “غالباً ماتكون الأعراض المصاحبة هي السعال ـ صعوبة في التنفس “أزمة تنفسية” خاصة عند كبار السن ـ ارتفاع درجة الحرارة وبعض الحالات يحصل لديها نزيف من الأنف ناتج عن تحسس الأنف، وعن الفئات الأكثر إصابة بتلك الأمراض يلفت مازن “أكثر الفئات إصابة غالباً تكون من الأطفال وكبار السن وذلك بسبب أن المناعة لدى هاتين الفئتين ضعيفة جداً ولا تستطيع المقاومة”.
من جانبه ينصح الدكتور مازن المرضى المصابين بالربو والحساسية. ويقول :” عليهم حماية أنفسهم من الأتربة والغبار المنتشر قدر الإمكان،وذلك من خلال التقليل من الخروج إلى الشوارع للحاجة ،كما يجب عليهم وضع الكمامات لتجنب دخول الأتربة إلى الأنف، إلى جانب الإكثار من شرب السوائل الغنية بفيتامين “C” والمتواجد في البرتقال والليمون وكذلك الإكثار من شرب السوائل الدافئة”.
من جانبها تشير الدكتورة ثريا حسين ـ أخصائية أمراض جلدية وأمراض الحساسية :” إن الأتربة الناعمة والغبار هي أشياء طبيعية للشخص العادي، بينما يعتبرها الجهاز المناعي في مريض الحساسية أشياء غريبة عنه، فلا يلبث الجهاز المناعي أن ينتج أجساما دفاعية مناعية مضادة ويتفاعل الجسم المناعي مع تلك المتغيرات الطبيعية الموجودة في البيئة التي تعتبر مهيجات أو مسببات للحساسية.
أنواع الحساسية
وتستكمل الدكتورة حديثها :” عند التعرض للأتربة الناعمة يصاب البعض من الناس بحساسية العين، التي تعتبر من أكثر أمراض العيون انتشاراً وتصيب عادة ملتحمة العين والجفون، وتتفاوت الأعراض في شدتها فقد تكون خفيفة ويصاحبها احمرار العين ودموع، والشعور بحكة وألم في العين، ونادراً ما تحدث حساسية في قرنية العين وهي حساسية لها مضاعفات على سلامة البصر.إلى جانب ذلك فإن استنشاق الأتربة الناعمة قد يسبب حساسية في الأنف التي تسبب التهاب الأغشية المخاطية للأنف التحسسية، ويعاني المريض من العطاس، وانسداد الأنف الذي قد يسبب ضيقا في التنفس، خصوصاً عند بذل مجهود جسماني، كما تكون هناك رغبة شديدة لحك الأنف ويمتد الحك إلى سقف الحلق والعينين والأذنين. وعندما تحمل الأتربة الناعمة حبوب اللقاح معها ويتعرض الإنسان للرياح المحملة بالأتربة الناعمة وحبوب اللقاح .يحدث رشح شديد بالأنف “سيلان الأنف” وقد يحدث نزيف بالأنف وتظهر هالات داكنة أسفل العين ويتورم الجفنان”
تضيف الدكتورة:”التعرض للغبار أيضا يسبب الالتهابات بالأذن نتيجة الحساسية التي يسببها التراب الناعم ويصاب المريض بحكة شديدة في الأذن وبألم شديد”.
طرق الوقاية
للوقاية من هذه الأمراض أثناء تعرض الجو للغبار تنصح الدكتورة ثريا. وتقول :” أفضل طريقة لتجنب الحساسية هي تجنب رياح الغبار والأتربة الناعمة التي تعتبر المهيج للحساسية. ومن الأفضل استخدام لأقنعة الواقية في مواقع العمل،مع إحكام إغلاق نوافذ المنزل وتنظيفه بشكل جيد من آثارالغبار بعد العواصف الرملية خاصة غرف النوم والأغطية والفرش.ومن الأفضل إغلاق نوافذ السيارة جيدًا وتشغيل المكيف أثناء القيادة خاصة عندما يكون الجو مغبراً.واستخدام القطرات المضادة للحساسية. كذلك تجنب التعرض للأماكن التي يكثر فيها الغبار”.
المصدر: أبوظبي