عدد اليوم
تأتي الأمومة محملة بكثير من المسؤوليات و التغيرات في نمط الحياة المعتاد.. كقلة النوم والاستعداد الدائم لتلبية احتياجات فرد جديد في الأسرة وجديد على الحياة ذاتها.. وهو ما يشكل مسؤولية على عاتق الأبوين كثيراً ما يصيبهما بالإنهاك الجسدي والعاطفي..
وكثيراً ما تهمل الأم في هذه الفترة احتياجاتها الخاصة ومصادر رفاهيتها الشخصية، اعتقاداً منها أن هذه أنانية منها.. إلا أن دراسة جديدة كشفت أن المشاعر الإيجابية للأم ضرورية لأنها -كما يبدو- مفيدة للطفل أيضاً! يقود الدكتور سام واس Sam Wass مختبر بيبيديف لعلم النفس بجامعة إيست لندن UEL.. حيث قام بعدد من الدراسات التي رصدت وجود نوع من «التناغم العصبي» بين مخ الأم والرضيع.. أي أن نفس النشاط المخي يحدث للاثنين في نفس الوقت عندما يتواصلان معاً.. وكأن كل منهما يشعر بما يشعر به الآخر.. وفي هذه الدراسة التي نشرت مؤخراً في دورية نيوروإيماج، وجد أن هذه العلاقة تكون أكثر وضوحا عندما تحس الأم بمشاعر إيجابية مقارنة بالأم في حالة عاطفية أخرى.. وقتها تتفاعل مع الطفل بشكل إيجابي مع الكثير من التواصل بالعين.. في هذه الحالة، يتوحد النشاط المخي بين الأم والطفل بهذا القدر العالي من التناغم!
ما معنى هذا؟ لا يعرف الباحثون على وجه الدقة.. لكن يمكننا افتراض أن تناغم الجهاز العصبي لكل من الأم والرضيع قد يعني حدوث تواصل أفضل بينهما.. أن تدفق المعلومات أصبح يحدث بشكل أعمق على المستوى العصبي، حيث يستقبل الطفل عاطفة ومعارف من الأم بشكل أكثر عمقاً وكأنها تنفذ لخلايا مخه مباشرة.. كما يمكن افتراض أن المشاعر الإيجابية قد تغير من سلوك الأم تجاه الطفل ويجعل التواصل بينهما أفضل.. خصوصا أن هذا التناغم لا يحدث عندما تكون الأم مكتئبة، حيث تكون أكثر عرضة لتجاهل الطفل وعدم التواصل معه بالقدر الكافي!
لكن يوضح الباحثون أهمية إجراء المزيد من الدراسات للتحقق من هذه الفرضية.. إذ يصرح دكتور واس: «ما وجدناه هو وجود علاقة بين العواطف الإيجابية والتزامن العصبي - لكننا لا نعرف على وجه الدقة أسباب ذلك أو عواقبه».. وإلى أن يرصد الباحثون الآليات النفسية المصاحبة لهذه الظاهرة على وجه الدقة، يبدو أن سعي الأم لزيادة مشاعرها الإيجابية فكرة جيدة في كل الأحوال، لما للمشاعر الإيجابية من مكاسب نفسية مفيدة للصحة النفسية والبدنية، للفرد وأفراد أسرته أيضاً!
