الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واشنطن وتساؤلات العراق الصعبة

واشنطن وتساؤلات العراق الصعبة
19 يوليو 2007 02:51
في العاشر من يناير الماضي، أعلن الرئيس جورج بوش عن زيادة في عدد القوات الأميركية في العراق، باعتبارها محاولة أخيرة لإعادة الأمن إلى هذا البلد و''التعجيل باليوم الذي تبدأ فيه قواتنا العودة إلى الوطن''· أما وزيرة الخارجيـــة كوندوليزا رايس، فقالـــت ''في الأشهر القليلة المقبلة، ستعرفون ما إن كانت هذه الزيادة ناجحة أم لا··· بعد ستة أشهر سنعرف''· كان هذا قبل ستة أشهر؛ غير أن وزارة الدفاع اعترفت في تقرير صدر الخميس الماضي بأن التقدم ''غير مرضٍ'' على صعيد كثير من المعايير التي حُددت في يناير الماضي· وعليه، فما هي الخطوة المقبلة؟ لقد شدد بوش يوم الخميس على أن استراتيجيته في حاجة إلى مزيد من الوقت (ربما ستة أشهر أخرى، ثم ستة أشهر أخرى؟)، إلا أن تخلي عدد من أعضاء الكونجرس ''الجمهوريين'' عن موقف الحزب قد يساعد ''الديمقراطيين'' في الكونجرس على الدفع في اتجاه تمرير تشريع ما حول الانسحاب· ولكن في غضون ذلك، علينا أن نستعد لتجدد الحجج والتعليلات التي يدفع بها المؤيدون لسحب القوات الأميركية من العراق والمناوئون له· الواقع أن بعض هذه التعليلات سيكون منطقياً، ولكن معظمها سيكون سيئاً· وبالنسبة لمن التبس عليهم الأمر، ففي ما يلي أمثلة لبعض أسوأ الحجج والتعليلات التي يدفع بها كلا الفريقين وردي عليها: - يتعين علينا أن نبقى في العراق وفاء للتضحيات التي قدمها جنودنا! وأقول لأصحاب هذا الموقف: في الواقع أن هذا هو الأسوأ من بين التعليلات والحجج المؤيدة لمنح المقاربة التي تتبناها الإدارة الحالية مزيداً من الوقت· والحال أنه من غير الواضح كيف يمكن أن يكون البقاء هناك، في ظل التقدم الضئيل الذي يتم إحرازه وعدم وجود استراتيجية منسجمة ومتناسقة، ''وفاء'' للجنود· (الأكيد هو أن تكدس مزيد من جثت الجنود لا يمثل وفاء لمن قضوا هناك)· وعلاوة على ذلك، فهدف الجيش من البقاء هناك ليس ''الوفاء'' للجنود -آسفة أيها الجنود- وإنما حماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة· وعليه، فإذا كانت الاستراتيجية التي نتبناها بخصوص العراق تُضعف حقا أمننا على المدى البعيد، فقد حان وقت التغيير· - يتعين علينا أن ننسحب من العراق من أجل دعم قواتنا بالفعل! لكني أقول لأصحاب هذه الرؤية: كلاَّ أيها النشطاء المناوئون للحرب· صحيح أن من شأن سحب الجنود من العراق أن يزيلهم من طريق الخطر، غير أن الكثير من جنودنا يؤيدون استراتيجية الإدارة الحالية بخصوص العراق· ولذلك، فإن الزعم بأن الانسحاب هو الطريقة الحقيقية الوحيدة لـ''دعم'' الجنود ضرب من ضروب الوصاية· وعلى أي حال، فإذا كان من المغري بالنسبة للفريقين الاستناد إلى حجج وتعليلات بخصوص ما يحتاجه الجنود ''حقا'' أو يستحقونه، فإن ذلك لا يتعلق، في النهاية، بحماية الجنود أو التضحيــــات التي قدموهـــا أو ما يفضلونه أو لا يفضلونــــه· ثم إنه إذا كانــت حرب ما ضروريــــة حقـــا، فعلينــــا أن نكون مستعدين لقبول الكلفــــة من حيث الأرواح الأميركية· - لقد ضيعنا الكثير من المال في العراق، ولذلك فلا بد من المغادرة اليوم! ومن وجهة نظري أرى أن الإنفاق لوحده ليس سبباً كافيا للتوقف· فربما تكون الحرب مكلفة فعلا، ولكنها تستحق ما أُنفق عليها على المدى البعيد· - لدينا مسؤولية تجاه العراقيين - ولذلك، فإننا لا نستطيع المغادرة! وفي رأيي صحيح أنه من غير الصواب أن نتخلى عن العراقيين ونتركهم لحال سبيلهم بعد أن خلعنا صدام حسين لندخل في عهد يتسم بمزيد من العنف والفوضى· ولكن علينا أن نميز بين ما ينبغي علينا أن نفعله وما نحن قادرون في الواقع على فعله· فإذا كانت جهودنا غير الموفقة الرامية لـ''المساعدة'' لا تزيد الأمور إلا سوءا، فإن العراقيين يستطيعون الاستغناء عن أصدقاء من أمثالنا· - إننا لا نقوم سوى برعاية حرب أهلية - ولذلك، علينا أن ننسحب ونرغم العراقيين على حل مشاكلهم! أجد أن ذلك موقف مغرق في التبسيط ومؤذٍ· فمما لا شك فيه أن الفساد والعنف الطائفي بين العراقيين يشكلان عقبة أمام السلام في العراق، إلا أن العراقيين لم يطلبوا منا أن نغزو بلدهم· لقد تسببنا في هذه المشكلة بأنفسنا؛ ولذلك، فأن يكون إصلاحُ ما تضرر مكلفاً وغير مناسب لا يبرر في حد ذاته انسحابنا· وعلاوة على ذلك، فإن العواقب قصيرة المدى لانسحاب أميركي من الأرجح ألا تكون سوى مزيد من إراقة الدماء· الحقيقة أن الانسحاب ربما يكون ضرورياً بالنسبة لنا، وربما هو أفضل بالنسبة للعراق على المدى البعيد، ولكنا علينا ألا نتظاهر بأنه لن تكون له عواقب وخيمة بالنسبة للأبرياء الذين ساهمنا في تعريضهم للخطر· الحقيقة أنه إذا كنا جادين بخصوص حل الأزمة العراقية، فعلينا أن نحجم عن خطابات التضحية والكلفة والمسؤولية، ونطرح بدلاً من ذلك أسئلةً ضرورية حول قدراتنا ومصالحنا· ما الذي نستطيع حقا فعله بالموارد التي نتوفر عليها؟ وماذا يمكننا أن نتوقع من الحكومة العراقية، وما الذي يريده الشعب العراقي؟ وما هو أسوأ سيناريو يمكن أن يحدث إذا انسحبنا في غضون ستة أشهر؟ أو اثني عشر شهرا؟ أو ثمانية عشر شهراً؟ وما هو أسوأ سيناريو يمكن أن يحدث في حال بقيت القوات الأميركية هناك إلا ما لا نهاية؟ وما الذي سيكلفه البقاء - أو المغادرة- من حيث الحلفاء، والمعلومات الاستخباراتية، والتعاون والاستقرار الإقليميين؟ وما هي الأزمات - أو الفرص- الأخرى التي نتجاهلها في ظل ارتباط جيشنا وجزء مهم من ميزانيتنا الفيدرالية في العراق؟ ولعل السؤال الأهم من ذلك كله هو: هل نريد حقا أن نجد أنفسنا بصدد طرح هذه الأسئلة مرة أخرى بعد ستة أشهر من اليوم؟ كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©