5 فبراير 2012
ضمن خريطة واسعة وممتدة توازن بين حاجة النخبة والمحترفين، ومتطلبات الهواة والطلبة ومتذوقي الفن بكافة أطيافهم وشرائحهم، نظمت إدارة الفنون في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة خلال العام الماضي 658 فعالية فنية مختلفة توزعت على مدينة الشارقة والمنطقة الوسطى والمنطقة الشرقية من الإمارة، واشتملت هذه الفعاليات على صنوف ومشارب واتجاهات تخصصية وأخرى عامة، تم ترجمتها عمليا ونظريا من خلال المناسبات والمعارض الكبرى، وكذلك من خلال المعارض الفردية والورش والندوات الفكرية وإصدارات الكتب والبحوث الفاعلة والمتفاعلة مع هاجس متقد ومشع وموجه لمستقبل الفن في المكان، وتأكيد دوره وحضوره في المجتمع.
وتأتي هذه الاستراتيجية لإدارة الفنون بالشارقة كتحقيق واقعي ومثمر لتوجيهات ورؤى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، والذي يدعو خلالها بتقديم كل الدعم والاهتمام والرعاية بالثقافة والفن والمعارف الإنسانية، كما جاء في التقرير السنوي الذي أصدرته إدارة الفنون في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة قبل أيام حول نشاطاتها خلال العام 2011.
الفن الأصيل
وتعقيبا على دلائل ومؤشرات التقرير، قال هشام المظلوم مديرعام إدارة الفنون بثقافية الشارقة لـ “الاتحاد” أن هذا التنوع والزخم الكبيرين في الفعاليات التي تضمنها تقرير إدارة الفنون السنوي بالتفصيل يعكس توجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة المتمحورة حول إبراز دور الفن الجاد، واستثماره في التواصل الكمي والكيفي مع المواهب الجديدة، وتعزيز الروابط مع الفنانين المحترفين والمؤسسات الفنية والراعية للفنون، وكذلك تحقيق التواصل المجتمعي، والسعي لنشر الفن الأصيل والمعاصر في مختلف الأرجاء والمحافل الدولية وفقاً لإستراتيجية متوازنة تحقق الفائدة للفرد والمجموع، كما هو الحال بالنسبة للحراك الفني في الداخل والخارج.
وضمن انتباهات إنسانية متداخلة ومتشابكة تجمع وتؤكد على قيمة الفن وأثره الجمالي والتثقيفي في المجتمعات الحديثة، أوضح المظلوم أن برامج وفعاليات وأنشطة إدارة الفنون تتوفر على رغبة كبيرة في إثراء الحوار الحضاري بين الشعوب، وخصوصا وأن لغة الفن التشكيلي ــ كما أشار المظلوم ــ لا تحتاج إلى ترجمان، وإلى انشغال مرهق حول المرادفات اللغوية ونقلها بكل حمولاتها الضمنية، كما هو الحال مع الأنماط الثقافية الأخرى، ومن هنا تتأصل قيمة الفن في كونه النسيج المشترك والقابل للتداول البصري الحر بين الشعوب وبين ما تقدمه هذه الشعوب من اجتهادات بصرية ومحاولات راقية لتجاوز العزلة والانغلاق، والدخول مع الآخر في نقاش ثري وحافل بالجماليات المنطلقة من الخصوصية إلى العالمية دون عقد وحواجز متوهمة، هي في النهاية صنيعة أفكار انعزالية مبهمة لا يجدر بالفنان أن يقف أمامها طويلا.
التحدي الذاتي
وفي سؤال حول التحدي الذاتي لما يمكن أن تقدمه إدارة الفنون مستقبلا مقارنة بالعديد من الفعاليات المميزة التي قدمت في العام الماضي، قال المظلوم “إن عملنا متواصل، ومخطط له جيدا من أجل تقديم فعاليات ترقى بالأهداف الموضوعة والمتوجه نحو تحقيق الجودة والامتياز في كل سنة مقبلة، وفي كل خطة قادمة” وأوضح المظلوم أن الدورة القادمة من مهرجان الشارقة للفنون الإسلامية سوف تشهد العديد من المفاجآت المبهجة والمنتظرة من قبل متذوقي الفن الإسلامي وما يدور في فلكه من نتاجات تشكيلية توائم بين أصالة القديم وديناميكية الجديد، وبين المنتج العملي والمنتج النظري الذي يقرأ ويحلل ما يقدمه الفن المعاصر من أجل إثراء الفن الإسلامي العريق والمتجذر في وعي الفنان.