5 فبراير 2012
يترتب على الطلاق أضرار نفسية كبيرة لطرفي العلاقة الزوجية، كما يحدث شروخا في بناء الأسرة، أما المتضرر الأكبر منه، فهم الأطفال الذين يتعرضون للضياع أحيانا، وبات الطلاق ظاهرة في بعض المجتمعات، ووعيا من المؤسسات بما يؤثر سلبيا على تماسك الأسرة، أصبحت بعض المؤسسات والهيئات تقدم دورات تدريبية وتثقيفية للمقبلين على الزواج وللمتزوجين أيضا للحد من هذه الظاهرة وانعكاساتها على المجتمع.
الطلاق يتزايد
وفي هذا الصدد، تقول اعتدال الشامسي، واعظة في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية في الأوقاف في أبوظبي ومحاضرة في برنامج تابع لصندوق الزواج، إن نسبة الطلاق في الإمارات تفوق 36%، واعتبرت ذلك معدلا كبيرا، واستندت إلى عدة مراجع ومواقع إلكترونية لاستخراج نسبة الطلاق للعام الماضي في الإمارات، وكلها تشير إلى أن حالات الطلاق في تزايد، رغم المستوى المعيشي الجيد وارتفاع نسبة المتعلمين، وتوضح أن الطلاق المبكر أيضا في تزايد، وترجع الأسباب في ذلك إلى سرعة اتخاذ القرار، وقلة الخبرة، وثقافة المجتمع التي تدعم فكرة أن الفتاة يجب أن تتزوج في سن صغيرة، وتضيف: في حين أن هناك أسراً واعية تسمح لبناتها باتخاذ القرار بعد نضوجهن.
وكانت زيجاتهن ناجحة، وترجع الشامسي سبب ارتفاع نسبة الطلاق في الإمارات إلى انعدام التأسيس والتثقيف حول مؤسسة الزواج، وغياب الحوار في الأسرة، وتراجع دورها في دعم مؤسسة الزواج، وعدم فهم الحقوق والواجبات الزوجية. وتوضح أن غالبية الأزواج يتفاجأون بالمسؤوليات الجديدة وغياب النضج بعد حفل الزواج، في ظل التسرع في اتخاذ القرار، لكن السبب الأهم، والذي قد يكون الحل الأهم أيضا هو تدخل أسرة الزوجين الإيجابي الذي لم نعد نشعر به في سنواتنا الأخيرة.
الطلاق الآمن
يسبب الطلاق كثير من الأذى النفسي للأطفال الناجمين عن هذه العلاقة الزوجية التي حكم عليها بالفشل، وللتخفيف من هذه النتائج ولتقيل حدتها على الأطفال تتساءل هبة شركس استشارية نفسية وخبيرة أسرية وتربوية: الطلاق الآمن حلم صعب المنال، أم واقع يحتاج إلى بعض الوعى والجهد لتحقيقه؟.. وهنا ترى: عندما تستحيل الحياة بين الزوجين، وتتحول علاقتهم عن المودة والرحمة، فتختفى المودة وتغيب الرحمة ولا يكون هناك سبيل بين الزوجين إلا الانفصال، وقتها يمثل الطلاق المخرج الآمن لهذا الوضع المتأزم، ويبدأ التحول العكسي من الـ»نحن» إلى «الأنا»، فيبدأ كل من الزوجين بالتفكير في نفسه وتدور بداخله العديد من التساؤلات، منها على سبيل المثال لا الحصر: كيف أخرج من هذا الوضع بأقل خسائر ممكنة؟ ما هي الفرص المتاحة أمامي في الحياة بعد الانفصال؟ ما هي سلبيات وإيجابيات هذا القرار؟ وما هي تبعاته؟ إن تبعات الطلاق لا تتوقف فقط على الزوجين، بل تتعداهما إلى الأبناء، هؤلاء الأبرياء الذين يدفعون ثمن قرار لم يتخذوه، ويعيشون وضع لم يختاروه، ووقت الطلاق تنشأ لدى الطفل العديد من الصراعات الداخلية، حيث لم تعد هناك أسرة ولا بيت، لقد غاب الحب والسلام عن الساحة، وينظر الطفل من حوله ويسأل «ما مصيري الآن؟
الطلاق المبكر
من جانبه، يوضح خليفة المحرزي رئيس المجلس الاستشاري الأسري بدبي، أن آفة الطلاق المبكر تتصاعد في المجتمع الإماراتي، قائلا إنها ظاهرة تنذر بالخطر الكبير على كل أفراد المجتمع ومؤسساته المختلفة، ففي وقوع الطلاق دمار للأسرة والأفراد. ويضيف المحرزي: الطلاق المبكر ظاهره قضية امرأة استسلمت لقرار غير مسؤول يتخذه الرجل، ولكنني أراها قضية مجتمع ومسؤولية تربية جيل على احترام الزواج كمؤسسة مقدسة لا يصح التلاعب فيها أو الاستهتار بإنشائها وتكوينها، إن البداية ليست في رجل اتخذ قرار الطلاق، بل في أساليب التنشئة الاجتماعية القاصرة عن تنشئة الطفل دون خضوع لتقليدية القيم الذكورية والأنثوية ويرمى بها نحو مستقبل مجهول، ومسؤولية ليست هينة على الإطلاق، إنها مسؤولية حياة، وتربية الأجيال، ورعاية البشرية جمعاء، فهل تقدر هذه الفتاة على أداء هذه المهمة؟ وقد انتشرت خلال الآونة الأخيرة مجموعة من الظواهر الاجتماعية ذات المردود الخطير على المجتمع بأسره، لعل من أبرزها ظاهرة الطلاق المبكر أو المدمر إذا تناسبت التسمية لما لها من آثار وانعكاسات سلبية. يقول خليفة المحرزي إن لعملية الطلاق آثار سلبية على كافة الأصعدة سواء ذكرنا الزوجة أو الزوج أو العائلة أو المجتمع بأسره، ويضيف: هذه الآثار لا تكون نفسية، فحسب وإنما تشمل الجوانب الاجتماعية والعاطفية والمادية والأمنية والأخلاقية، كما أن الكثير من الأزواج المطلقون لا يستطيعون استعادة السلوك التوافقي لما بعد الطلاق، والمقصود بالسلوك التوافقي: هو السلوك الموجه من الفرد عن وعي وإدراك للتغلب على العقبات والمشكلات التي تحول بينه وبين تحقيق أهدافه وإشباع حاجاته، ويتم ذلك عن طريق تعديل الفرد لذاته وبيئته، ليتحقق له الانسجام مع بيئته بشكل يحقق له الرضا الذاتي والقبول الاجتماعي ويخفض توتراته وقلقه وإحباطاته.
علاج مبكر
ينصح المحرزي بضرورة احتواء أزمات بداية المرحلة الزوجية كحل لمشكلة الطلاق، وكلها مهارات يجب أن يلم بها الرجل والمرأة معا، وهي عبارة عن مهارات سلوكية وعاطفية وعقلية يمكن تيسيرها للجنسين معا من قبل المؤسسات المجتمعية ذات الاهتمام بأمور الأسرة، كما أن الحديث عن الطلاق المبكر يجعلنا أمام تساؤل مهم حول مدى معرفة الشباب بالمؤسسة الزوجية، وما حاجة الشاب أو الشابة من الزواج؟
المصدر: أبوظبي