31 مارس 2009 03:05
يتمتع بشجاعة كبيرة، ويعيش في صفاء نفسي وروحي لا مثيل لهما، يحاول القبض على كل لحظة سعادة هربت من يديه سابقا، يسابق الزمن لنيل حب واحترام من يحيطون به، هو الخير أينما اتجه نورا وهاجا يوقظ به الغافلين، هو علي جلال علي، بعد تعاطيه للمخدرات الذي دام 19 سنة، تعافى نتيجة إرادته القوية، وكان لوفاة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد النصيب الأوفر في توبته، و حضن والده أرجعه لصوابه، هو اليوم يقوم بدورات يقدمها للمتعاطين من خلال المراكز للاقلاع عن المخدرات للتعريف بمضارها ومشاكلها المتشابكة.
ولكم قصته المثيرة، حيث يقول علي جلال علي: «لم يكن في بيتنا سلطة قوية أو مراقبة شديدة تحاصر شغبي وفضولي المعرفي، استغل ذلك أحد أقاربي ومدّني بمواد مخدرة، لم أدرك مضارها ولا نتائج هذا الطريق الذي بدأت أخطوا فيه لأن سني كانت صغيرة ، دخلت هذا العالم، تعاطيت كل أنواع المخدرات .. بعد فترة من التعاطي صار قريبي يروج المخدرات عن طريقي، بحيث يمدني بكميات محددة أحتفظ ببعضها والباقي أبادله مع أصدقائه. التحقت بإعدادية كانت بعيدة عن حيّنا، وكنت بعيدا عن المراقبة، تعاطيت المخدرات ، وانفصلت عن المدرسة مارست الحياة بطريقتي، بعد ذلك التحقت بالقوات المسلحة واستمررت في التعاطي».
بسبب الجرعات الزائدة
من المواقف التي يذكرها علي جلال علي، هو وفاة 3 من زملائه وهم يتعاطون المخدرات إذ يقول:«أذكر جيدا وفاة صديق لي أمام عيني في جلسة لتعاطي المخدرات، بحيث أخذ جرعة زائدة من الهيروين، سبب له ذلك انفجارا داخليا، ولن أنسى ذلك أبدا، إذ خرج الدم من أنفه وفمه على شكل كويرات، لم يؤثر في الموقف ساعتها بحيث تعاملنا مع الحدث بعيدا عن الإنسانية، ولم يحرك فينا أي ساكن، مشينا في جنازته مثلت الحزن وبكيت.أما الشخص الثاني فقد توفي بعد أسبوع من تعاطيه جرعة زائدة من الهيروين خلال جلسة مخدرات، فقد الوعي على إثرها نقل بعدها للمستشفى وتوفي بعد أسبوع. وفي سيارتي كنت أنا وصديقي قد تعاطينا مادة مخدرة عن طريق الحقن بإبرة وتوفي في لحظتها، تركته على البحر وغادرت، بعد ثلاثة أيام قبض عليّ بتهمة التعاطي وحيازة مخدرات، أنكرت وتبرأت من تهمة التسبب في وفاته، لكن حوكمت بسبب التعاطي والحيازة.
سُجن بسبب التعاطي والحيازة وكان يظن أن السجن سيبعده عن أفعاله لكنه يؤكد غير ذلك حيث يقول: السجن كان وكرا لاتساع دائرة التعاطي حيث يتيح الانفتاح والتعرف أكثر على مروجين جدد من جنسيات مختلفة داخله.
حفظ القرآن
يقول علي: «إن حفظ القرآن فتح لي أبواب الخير كله، عندما حكم علي بالسجن 4 سنوات، كانت هناك مسابقة في حفظ القرآن الكريم ، بحيث من حفظ أجزاء منه سيفرج عنه، وبذلك حفظت ثلاثة أجزاء فقط لأخرج من السجن وليس بدافع ديني، نجحت وحصلت على الإعفاء، ويوم خروجي من السجن تلقينا خبر وفاة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، تأثرت كثيرا، وفي البيت لاحظت هزال والدي الشديد وضعفه، ورغم هزاله استقبلني بابتسامة وضمني لصدره بقوة، كان ذلك لثوان لكنه غير حياتي كلها، احتقرت نفسي، وأقسمت ألا أعود أبدا للمخدرات، وكنت لحظتها صادقا جدا».
? علي جلال علي بدأ يعرف طريقاً آخر في الحياة وصار له استعداد كبير ليخطو نحو العلاج، هكذا يقول: عرفت من خلال أصدقائي أن هناك مركزا يوفر الوظيفة لمن دخله للعلاج، وبالفعل دخلته وهناك وجدت من يحتضنني ويمد لي يد العون، هما الدكتور أحمد يوسف المدير الطبي والدكتور طالب، عاملاني بمنتهى الرقة، حجزت بالمركز مدة 45 يوما بدون إجازات ، تخليت مرة عن صلاة المغرب بعدما دعيت لها، هذا الحدث جعلني أتساءل: لماذا أنا فاعل ذلك؟ لماذا أكذب؟ تضايقت كثيرا، في اليوم الموالي ناديت الدكتور أحمد يوسف وواجهت نفسي بكل أخطائي، و في النهاية قال: إنك تعافيت بنسبة 50? ، بعد ذلك تواصل المركز مع عائلتي ونصحهم بالتعامل معي معاملة خاصة، خرجت من المركز وبدأت أعرف دنيا جديدة لم أعرفها من قبل كلها حب ومودة واحترام، بعدها اقترح علي الأهل الزواج، وفوجئت عندما قبلت قريبتي الزواج مني وهي دكتورة صيدلانية قد رزقت منها بطفلة غيرت حياتي 180 درجة.
نصحني الدكتور بمراجعة عيادة خارجية، واتبعت نظام الفحص الدوري بالقيادة العامة في شرطة دبي، وفي يوم اقترح علي الرائد الدكتور جمعة الشامسي أن أصاحبه في جولاته لتقديم برامج التوعية للأحداث، تفاعلت معهم وبدأ الدافع يقوى بداخلي لإنقادهم من هذا الوبال، منحني القيمون فرصة كبيرة في اكتشاف مواهبي في قوة الإقناع، وتعززت ثقتي بنفسي، وصرت لا أفوت فرصة دراسية حيث دخلت دورات دراسية داخل الدولة وخارجها، حصلت على وظيفة جيدة، وأكمل اليوم دراستي بمصر، وتربطني علاقة بوالدي.
? ومن أهم البرامج التي يعتمدها في علاج الإدمان هو برنامج 12 خطوة، ويهدف إلى الامتناع التام عن كافة أنواع المخدرات وذلك عن طريق تعلم طريقة جديدة للحياة، مواجهة شروط الحياة ومصاعبها بدون اللجوء للتعاطي للمخدرات، وذلك عن طريق ممارسة المبادئ الروحية لهذا البرنامج، كيفية التعامل مع تلك الفكرة المسيطرة والرغبة الملحة في التعاطي، وكيفية قول « لا» لكل المغريات، وأهم شيء قول « لا» للجرعة الأولى
المصدر: دبي