أحمد النجار (دبي)
أكدت الفنانة التونسية غالية بنعلي، أن مخزون التراث الإماراتي، بألوانه وإيقاعاته ومقاماته ولهجاته، يمثل كنزاً موسيقياً يعكس إشراقات الثقافة الإماراتية، حيث يمكن استثمار روح الهوية والأصالة في تأليف موسيقى عالمية عابرة للثقافات، قادرة أن تغزو وجدان الشعوب، من خلال تأليف محتوى جديد يزاوج الحداثة بالتراث يتناغم مع مزاج الجيل الحالي، واعتبرت أن التحدي الوحيد الذي يحول دون وصول أي منتج موسيقي إلى منابر الثقافة العالمية، هو الوقوع في فخ الاقتباس الخاطئ وتقليد نماذج ناجحة بهوية جديدة، من دون أن ينتابها أدنى شك أن الفن في الإمارات، سيكون له مستقبل باهر، خاصة مع النهضة الثقافية والفنية التي تعيشها في شتى المجالات.
وأبدت غالية إعجابها برسالة الإمارات في عام التسامح، ورأت أن الفن هو مسرح لهذا التعايش وحاضن مهم لقيم الحب والتسامح، مشيرة إلى أن الإمارات أثبتت إلى العالم أن العرب أمة محبة للسلام والتعايش، من خلال مبادراتها الثقافية وقوتها الناعمة في الغرب.
وأوضحت غالية المقيمة في بروكسل ببلجيكا، بأنه سيكون من السهل نشر الموسيقى الإماراتية لـ 200 جنسية، ليكونوا سفراء لهذا التراث الغنائي والجمالي لنقله إلى بلدانهم.
غالية الملقبة بـ «سفيرة الغناء العربي» أحيت مؤخراً حفلاً غنائياً على مسرح دبي أوبرا، يحتفي بذكرى أم كلثوم، وصفت الحفل بـ «المفاجأة»، كونها لأول مرة تقدم حفلاً في إمارة دبي، وعلى مدى أكثر من ساعتين، غنت روائع الأغنيات، رفقة فرقة موسيقية يقودها شباب عرب وأجانب، لم يعتد عليها المستمع العربي.
خصوصية وقيمة
غالية التي اعتلت عديداً من مسارح العالم، أوضحت أن الغناء على صرح دبي أوبرا في مدينة حاضنة للثقافة والفنون يعيش فيها أكثر من 200 جنسية، له خصوصية وقيمة فنية مختلفة، موضحة أن كل حفلة على الرغم من أجوائها وخصوصيتها، إلا أن الأهم بالنسبة لها هم الجمهور الذي تتوقع أن يكون متنوع الأطياف والأعمار والأعراق.
وأضافت: كنت أعتقد أن هناك فرقاً شاسعا بين المسارح الأوروبية والعربية، لكن هذا الاعتقاد ذاب عند صعودي على خشبة دبي أوبرا، فعلى العكس تماماً فقد وجدت قاسماً جوهرياً بين جمهور دبي وجمهور مسارح لندن، فكليهما يحتضنان جنسيات مختلفة ومتذوقين من دول غربية، وأشارت إلى أن الإمارات تعد صاحبة تجربة ريادية في بناء منابر حضارية وثقافية أصبحت منارة إشعاع تصدر الإلهام والجمال لكل الأجناس والأعراق في مشارق الأرض ومغاربها.
وقالت إنها تصنف فنها «حكاءة» بكونها تتعامل مع النص والديكور والرقص والفلكلور لكي تروي حكايات الحب والفرح، معتبرة أن جمهورها «ليس نخبويا» وفق انطباعات ملموسة لمتابعيها ومحبيها على منصاتها في السوشيال ميديا، غالبيتهم من الشباب، حيث تشهد حفلاتها متذوقين من أعمار مختلفة من 13 إلى 65 عاماً، يردون أغنياتها بصوت واحد باللغة العربية الفصحى، ولفتت بأنها تحرص دائماً على تقديم موسيقى عصرية وتنتقي نصوصا ألفها شباب هواة لكي تواكب إيقاع الجيل الجديد.
سطوة اللحن
وحذرت غالية من خطورة الكلمة وتأثير الأغنية وسطوة اللحن، موضحة أن هناك أياد خفية تديرها جهات منظمة ساهمت في تدمير تيارات فنية وثقافية أصيلة، عبر تجنيد فنايين ومطربين لنقل أفكار هابطة وقيم هادمة، شوهت الحسّ والسلوك، وتغلغلت في وجدان الشباب عبر محتوى خادش يهدف إلى تسطيح الوعي وإفساد الذائقة، كما أكدت بنعلي أهمية الفن النقي والراقي بكونه يشكل وعاءً للقيم، ورسالة نبيلة تنقل التراث والثقافة على جناحي الجمال والسمو، مشيرة إلى أن المعرفة الحقيقية يمكن تجربتها بالفن، الذي يخاطب الوجدان الإنساني ويتوثب نحو المستقبل، ويبقى أثره عالقاً في ذاكرة الأجيال المقبلة.