أزهار البياتي (الشارقة)
من عاصمة النور والأناقة باريس، قدم المصمم العالمي والعربي الأصل رامي العلي تشكيلة بديعة في خط موضة الملابس لموسمي خريف وشتاء 2019، تتمتع بسمات الجرأة، والجمال، وتعكس في مضمونها العام أيقونات ساحرة من الأفكار والتصاميم، مفعمة بالروعة من ناحيتي الخطوط والقصّات مع ملامح من الترف والرقي، حيث تنسجم جميعاً مع أجواء الاحتفالات والمناسبات.
في هذين الموسمين يأخذ العلي عشاقه ومحبيه في رحلة إلى بلاد الأندلس وسحرها الأخاذ، راسماً لنا من خلالها لوحة فنية زاهية، لأبرز وأجمل العادات الفولكلورية في تاريخ الجنوب الإسباني، والتي تتعّلق بالتراث الأصيل وملابس الغجر هناك، وما اشتهر به مصارعو الثيران وراقصات الفلامنجو من أجواء التشويق وحرارة المشاعر والألوان، مستعيداً عبر مجموعته الأخيرة رؤيته الخاصة لشخصية «أوبرا كارمن» الشهيرة، التي ألفها الفرنسي جورج بيزيه في أواخر قرن الثامن عشر، بأزيائها الغجرية التقليدية آنذاك.
عبر هذه الباقة الحمراء والمكوّنة من سبع عشرة قطعة وموديلاً، جاءت خطوط العلي غنية بالتفاصيل الصغيرة والملامح القوية، مبتكراً لها لمسات حميمية في منتهى الأنوثة والإبداع، مستثمراً ثيمة ملابس أبطال حكاية كارمن وفق مخرجات أكثر حداثة، كاستبداله على سبيل المثال لعناصر «الفرنشات والشراشيب الحريرية»، التي تشكّل جانباً أساسياً من الزي الإسباني المعتاد، بنوعية خاصة من السلاسل المعدنية، مما منح بعض التصاميم إطلالة عصرية غاية في الجمال، مضيفاً عليها الأشغال اليدوية الجميلة من المطرزات الموشاة بأحجام من الأحجار والكريستال، مزخرفاً قصّاته وفق نمط أنثوي زاه وأنيق، على مساحات القماش تطريز لزهور يانعة، ومزخرفا إياها في أحيان أخرى بنقشات تحاكي زخرفة ملابس مصارعي الثيران.
وكما تعودنا من هذا المصمم المبدع على الدوام، خرجت معظم قصّات التشكيلة وفق طراز كلاسيكي جّذاب، ضمن رؤية معاصرة وجديدة، احتوت الكثير من الجرأة والغواية المدروسة، لتعكس في هيئتها وجهاً دراماتيكياً آخر من شخص ملهمته المثيرة كارمن، معتمداً وفق تصوره على تفاصيل آسرة، كأدوار «الكشاكش» المتتالية الحمراء، التي زينّت الفساتين، مع قصّة عدد من البناطيل ذات الخصر العالي، التي ماثلت زي مصارعي الثيران، فيما جاءت موديلات أخرى بطبقات من الأورجنزا والأتوال مستشرقة من ملابس راقصات الفلامنجو الإسبانيات، بالإضافة إلى أقمشة أخرى فخمة مثل خامات الميكادو والساتان، التي أضافت مزيداً من الرومانسية والترف على العديد من القطع والموديلات.
أما مسطرة العلي اللونية، فقد جمعت ظلال الأحمر بمختلف تدرجاته، من لونها «الخمري المحمر»، مروراً بدرجة ورد الجوري مع البرتقالي الناري، ووصولاً إلى دراماتيكية الأحمر الوردي، معبّرة جميعاً عن لمسة دفء وحميمية وأنوثة تكسر رتابة الخريف وبرودة الشتاء، بالإضافة إلى نماذج مدهشة لقطع اكتست بلون العاج، مشغولة بالشك اليدوي و«الستراس البراق» هنا وهناك.