القاهرة (الاتحاد) - وصف نادي قضاة مجلس الدولة (القضاء الإداري) الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري محمد مرسي وحصن بموجبه قراراته ضد الرقابة القضائية بـ”العدم”. وقال مجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة في بيان اصدره وبثته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية “إن ما سمي بالإعلان الدستوري هو عدم لا قيمة له تأكيدا للقواعد الفقهية المقررة”.
وأكد البيان ان “الإعلان الدستوري صدر من غير مختص” أي ممن لا يملك الاختصاص لإصداره. وأضاف البيان “من لا يملك سلطة الإصدار لا يملك سلطة التفسير او الإيضاح وإنما يملك رعاية المصلحة العليا للبلاد واحترام السلطة القضائية واستقلالها”.
وتابع البيان “إن القول بتحصين الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات التي تصدر من رئيس الجمهورية من رقابة القضاء مقصور على الأعمال المتعلقة بالسيادة هو قول صادر عن افتقار شديد لاستيعاب المفهوم الصحيح لأعمال السيادة، تلك النظرية التي اعتبرها الفقه الفرنسي والمصري بحق ثغرة في بناء المشروعية، ووصمة في جبين القانون العام وبقية من بقايا عهود الدولة غير القانونية”.
وأضاف البيان أن “غصب السلطة والاعتداء على القضاء وسلب اختصاصاته والخروج على الشرعية الدستورية وتكريس حكم الفرد لا يبرره أن يكون لمدة مؤقتة فلا تستحق ثورة جابهت الاعتداء على الحقوق والحريات أن تخضع لساعة واحدة لهذا الإعلان المنعدم المسمى دستوريا”. وطالب البيان الرئيس المصري بالتراجع عن هذا الإعلان مستشهدا بعبارة لثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب قال فيها إن “الرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل”.
إلى ذلك انتهى مجلس القضاء الأعلى في مصر اجتماعه الطارئ أمس والذي استمر عدة ساعات دون إصدار بيان يوضح فيه موقفه من البيان الرئاسي الصادر عقب اجتماعه مع الرئيس المصري محمد مرسي مساء أمس الأول -كما كان متوقعاً- تاركاً للجمعيات العمومية لمحكمتي النقض والاستئناف في اجتماعهما الطارئ اليوم الأربعاء تحديد الموقف النهائي من الإعلان الدستوري واتخاذ قرار بتعليق العمل كلية بمحاكم النقض والاستئناف احتجاجاً على الإعلان الدستوري.
وبدأ القضاة وأعضاء النيابة العامة اعتصاما مفتوحا اعتبارا من أمس داخل نادي القضاة بالقاهرة، احتجاجا على الإعلان الدستوري وشارك في الاعتصام أعضاء مجلس إدارة نادي قضاة مصر ورؤساء أندية القضاة بالأقاليم ورجال القضاء والنيابة العامة من مختلف الأعمار.
وتظاهر المئات من المنتمين لحركات وقوى سياسية مختلفة أمام مقر نادي القضاة، مؤكدين تأييدهم للقضاة ومساندتهم في مطلبهم الداعي إلى إسقاط الإعلان الدستوري.
واستنكر قضاة مصر ما جاء في بيان رئاسة الجمهورية حول أزمة الإعلان الدستوري، واصفين الإعلان الدستوري بـ”المنعدم”، مؤكدين ثباتهم على موقفهم الصلب، واستكمال كافة الإجراءات التصعيدية للحفاظ على دعائم دولة القانون، وحماية لاستقلال وحقوق وحريات الشعب المصري.
جاء ذلك في بيان أصدره نادي قضاة مصر برئاسة المستشار أحمد الزند أمس رداً على البيان الصادر من رئاسة الجمهورية عقب اجتماع رئيس الجمهورية بأعضاء مجلس القضاء الأعلى مساء أمس الأول والذي أكد عدم إدخال أي تعديلات على الإعلان الدستوري.
على الجانب الآخر، استمر تعليق العمل بكافة النيابات ومحاكم الجمهورية أمس لليوم الثالث على التوالي، حيث واصل القضاة وأعضاء النيابة إضرابهم وتعليق جلسات المحاكم وتأجيل القضايا إداريًا وعدم مباشرة التحقيقات في النيابات الكلية والجزئية، امتثالاً لتوصيات وقرارات الجمعية العمومية لنادي القضاة، والجمعيات العمومية لكل محكمة والتي أقرت تعليق العمل بالكامل في دوائر المحاكم.
واقتصر العمل في المحاكم والنيابات على نظر أوامر تجديد فترات الحبس الاحتياطي والأمور المستعجلة كاستصدار تصاريح الدفن وإيداع الأحكام، حيث شمل تعليق العمل الكامل معظم محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية وكافة النيابات، اعتراضًا على ما تضمنه الإعلان الدستوري من التدخل في اختصاصات السلطة القضائية وتحصين قرارات رئيس الجمهورية وعزل المستشار عبد المجيد محمود النائب العام من منصبه بالمخالفة لقانون السلطة القضائية.
وقررت الجمعية العمومية لمحكمة القاهرة الاقتصادية أمس تعليق العمل في كافة دوائر المحكمة اعتبارا من اليوم عدا القضايا التي يوجد فيها متهمون محبوسون احتياطيا وإيداع الأحكام.
وقال المستشار عمر القماري رئيس المحكمة إن الجمعية العمومية أيدت كافة القرارات التي اصدرها نادي قضاة مصر وفي مقدمتها المطالبة بإلغاء الإعلان الدستوري الجديد وتعليق العمل كلية.
وأكد أن الجمعية العمومية رفضت موقف مجلس القضاء الأعلى الخاص بزيارة الرئيس مرسي في المقر الرئاسي وما تلا تلك الزيارة، مشددا على أنه لا يوجد سلطان على القضاء والقضاة.
وأعلن نادي قضاة مجلس الدولة بالإسكندرية بالإجماع رفضه للإعلان الدستوري. وذكر بيان صادر عن مجلس إدارة النادي امس أن الإعلان يتضمن اعتداء صارخا على السلطة القضائية واختصاصاتها وكف يدها عن ممارسة مهمتها الرئيسية في الفصل في المنازعات وإرساء دعائم العدالة وسيادة القانون.
وأوضح البيان أن الإعلان الدستوري يتعارض مع كافة المبادئ الدستورية والقانونية التي سادت في أنحاء المجتمع الدولي في العصر الحديث، فضلا عن تعارضه مع كافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي تكفل حق الإنسان في التقاضي أو في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي.
وأشار إلى رفض كافة المبررات التي ساقتها مؤسسة الرئاسة لتبرير صدور هذا الإعلان لعدم قيامها على أساس سليم من الواقع أو القانون، مما يمثل ردة إلى عصور ما قبل الدولة الحديثة والتي يجمع فيها الحاكم في يديه كافة السلطات بلا معقب من أي جهة.
ودعا البيان إلى عقد جمعية عمومية طارئة في أسرع وقت لجميع مستشاري وقضاة مجلس الدولة على مستوى الجمهورية لمناقشة الإجراءات الواجب اتخاذها لإسقاط ما ورد في الإعلان الدستوري بشأن السلطة القضائية.
وقرر مجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة بالقاهرة عقد جمعية عمومية طارئة يوم الجمعة المقبل، بمشاركة جميع أندية الأقاليم، وذلك للإعلان عن موقفهم الرافض للإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي يوم الخميس الماضي.
وكان مستشارو وقضاة مجلس الدولة قد أعلنوا رفضهم للإعلان الدستوري برمته، خاصة ما تضمنه من تحصين لقرارات رئيس الجمهورية من الطعن عليها أمام أي جهة قضائية، الأمر الذي اعتبره قضاة مجلس الدولة على وجه التحديد اعتداء على اختصاص أصيل من اختصاصاتهم المخولة لهم بحكم القانون في نظر الطعون على كافة القرارات الإدارية.