يوسف العربي (دبي)
تفاعل مطورو العقارات في دبي مع معطيات معادلة العرض والطلب، وقاموا مؤخراً بضبط وتيرة طرح المشاريع العقارية الجديدة، خاصة في قطاعات «السكن الفاخر والمكاتب ومحال التجزئة» لمنح السوق المحلية الفرصة لاستيعاب المعروض القائم. ورصد خبراء ومسؤولون تحول تركيز الشركات العقارية الرئيسة في الإمارة من إطلاق المشاريع إلى ترتيب أوضاعها الداخلية، واستكمال العمليات الإنشائية بالمشاريع العقارية، قيد التنفيذ، للحاق بركب «إكسبو 2020».
وأكد خبراء أن التوجهات والمبادرات الحكومية، وفي مقدمتها تأسيس اللجنة العليا للعقارات، ساهمت بدور بارز في زيادة وعي المطورين بأهمية ضبط العرض، والتركيز على المشاريع النوعية التي تقدم قيمة مضافة حقيقية، تسهم في ترسيخ استدامة القطاع العقاري بالإمارة. وقالوا: إن السوق العقارية في دبي تحتاج إلى فترة تتراوح بين 12 و24 شهراً لاستيعاب زيادة المعروض العقاري في القطاعات المشار إليها، فيما يستمر الطلب على الإسكان المتوسط والغرف الفندقية من فئة 4 نجوم والشقق المخدمة.
توازن العرض والطلب
وأكد مهند الوادية، المدير الإداري لشركة «هاربور» العقارية، والمحاضر بكلية دبي العقارية التابعة لدائرة الأراضي والأملاك، لـ «الاتحاد» أن المراقبين للسوق العقارية في دبي رصدوا تراجعاً كبيراً في إطلاق الشركات للمشاريع العقارية الجديدة، خاصة في القطاعات التي تشهد نوعاً ما من فائض العرض وفي مقدمتها الإسكان الفاخر، والمكاتب، ومحال التجزئة.
ووصف الوادية تراجع وتيرة إطلاق المشاريع في القطاعات المشار إليها، بأنه يشكل خطوة مهمة لمنح السوق العقارية الفرصة الزمنية الكافية لاستيعاب فائض العرض، لافتاً إلى أنها تعد بمثابة تفاعل إيجابي للغاية من الشركات العقارية لتحقيق التوازن في معادلة العرض والطلب. ولفت الوادية إلى أن عدداً كبيراً من شركات التطوير العقاري في دبي ركزت جهودها مؤخراً على ترتيب أوضاعها الداخلية، وصبت جهودها على استكمال وتيرة البناء بالمشاريع التي أطلقتها في وقت سابق، لتعزيز مصداقيتها لدى عملائها للاستفادة من تلك المكتسبات مع عودة الانتعاش.
وقال: إن القطاع العقاري في دبي يحتاج إلى فترة تتراوح بين 12 و 24 شهراً لاستيعاب زيادة المعروض العقاري في القطاعات العقارية التي تشهد فائض عرض، فيما يستمر الطلب على الإسكان المتوسط والغرف الفندقية من فئة أربعة نجوم والشقق المخدمة.
رصيد العقارات
من جهته، قال فراس المسدي، الرئيس التنفيذي لشركة «إف إيه إم للعقارات» إن وتيرة إطلاق المشروع تراجعت بنحو 95% خلال الربع الأخير من عام 2019، مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2018، متوقعاً استمرار انخفاض وتيرة إطلاق المشاريع العقارية التقليدية خلال 2020، معتبراً أن توقف معظم شركات التطوير الرئيسة عن إطلاق مشروعات الجديدة، يعد خطوة إيجابية مهمة لمنح القطاع الفرصة لاستيعاب المعروض.
ولفت إلى أن تباطؤ الإطلاق ساهم بشكل كبير في إيجاد تحقيق التوازن بين الطلب والعرض، مضيفاً: «رغم ذلك، أعتقد أننا بحاجة لبعض الوقت للحصول على توازن بينهما».
وقال المسدي: أعتقد أن معظم المطوّرين العقاريين من القطاع الخاص اضطروا إلى ضبط وتيرة إطلاق المشاريع، في استجابة طبيعية لمؤشرات العرض والطلب بالسوق المحلية، وحرصاً منهم على تحقيق أهدافهم المالية.
وأضاف أن الكثير من المطوّرين يعتمدون على أرصدتهم العقارية (ما لديهم من عقارات)، والمرجح أن يلجؤوا إلى حلول أخرى، مثل التأجير من أجل زيادة دخلهم أو عوائدهم المالية.
وأكد المسدي أهمية تأسيس اللجنة العليا للقطاع العقاري في دبي، والتي تسهم بدور رئيس في تنظيم العرض وتعزيز الوعي العام لدى المطورين، بضرورة اتخاذ ما يلزم لتعزيز النمو المستدام للقطاع.
ولفت إلى أن قرارات ومبادرات اللجنة ستساعد على تنظيم عملية التطوير العقاري، وتسهل للمطوّرين سبل التحكم في أرصدتهم بطريقة منظمة مدروسة، بما يتماشى مع الطلب والعرض في السوق العقاري، على المديين القريب والبعيد.
استجابة واعية
وقال إسماعيل الحمادي، المؤسس والرئيس التنفيذي للرواد للعقارات، إن انخفاض وتيرة إطلاق المشاريع العقارية جاء استجابة من المطورين لقرارات الحكومة، ونتيجة لتأسيس اللجنة العليا للقطاع العقاري التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب، ومنح فرصة للمطورين والمستثمرين للتخلص من الفائض العقاري واستيعاب السوق للمعروض، خاصة أن هناك مشاريع عدة متشابهة.
وقال إن القرارات والمبادرات الحكومية التي تم إطلاقها نجحت في كبح وتيرة إطلاق المشاريع العقارية التي أعدها العديد من المطورين والشركات العقارية شبه الحكومية مع بداية العام الجديد.
وتوقع الحمادي أن تحتاج السوق العقارية إلى نحو عامين أو أكثر قليلاً، لامتصاص الزائد من المعروض العقاري، خاصة أن نوعية المشاريع المطلوبة بالسوق حالياً، تتجه نحو عقارات الفلل والعقارات الجاهزة، نتيجة تراجع الأسعار، علاوة على عقارات الأراضي السكنية والتجارية.
تغذية الطلب
من جانبه، قال عاطف رحمن، مدير وشريك دانوب العقارية، إن القطاع العقاري في دبي يتميز بالديناميكية والقدرة على التكيف مع المتغيرات المتسارعة، مشيراً إلى أن «إكسبو دبي 2020» سيلعب دوراً رئيساً خلال المرحلة المقبلة في تغذية الطلب، خاصة الغرف الفندقية، خلال فترة انعقاد الفعالية، وعلى باقي القطاعات العقارية، على المدى المتوسط.
وأوضح رحمن أن القطاع العقاري شهد فائضاً في العرض في فئة الإسكان الفاخر، وهو أمر عزز التنافس الإيجابي بين الشركات العقارية العاملة بالسوق، وكان من نتائج ذلك توافر المنتج العقاري بأسعار معقولة.
وأضاف أن الشركات العقارية سرعان ما فطنت إلى أهمية ضبط وتيرة إطلاق المشاريع في القطاعات التي تشهد فائضاً في العرض، ومن ثم التركيز على طرح المنتجات العقارية الأكثر تلاقياً مع نوعية الطلب الحقيقي بالسوق ومنها الإسكان المتوسط.
نايل ماكلوغلين: فرصة لاستيعاب الفائض
أكد نايل ماكلوغلين، نائب رئيس أول في «داماك العقارية»، أن أحدث المؤشرات تؤكد أن سوق العقارات في دبي شهدت فائض عرض، نتيجة الزخم في إطلاق المشاريع خلال فترات سابقة، مشيراً إلى تراجع وتيرة إطلاق المشاريع على نحو ملحوظ مع زيادة الوعي العام بأهمية منح الفرصة للسوق لاستيعاب المشاريع العقارية التي تم تطويرها. وقال إنه مع تراجع وتيرة إطلاق المشاريع بات لدى السوق العقارية المحلية القدرة والقابلية للاستقرار في بداية العام الحالي، مستفيدة من المبادرات الحكومية الداعمة للقطاع، بعدما شهد أداءً ضعيفاً على مدار الأعوام القليلة الماضية. ويرجع السبب الرئيسي لهذا الاستقرار إلى المبادرات الحكومية، كمنح تأشيرات طويلة المدى للمستثمرين والمهنيين المهرة، والسماح بتملك الأجانب للشركات بنسبة 100%، علاوة على خطوة إنشاء اللجنة العليا للتخطيط العقاري المنوطة بالتحكم في عملية العرض والطلب بين المستثمرين والمشترين. وتوقع أن يشهد العام 2020، استقرار الأسعار إلى حد ما، بعد ما أظهرت انخفاضاً للعام الجاري.
ويدعم هذا الاستقرار المؤشرات الإيجابية حول ارتفاع الطلب المتوقع على خلفية معرض إكسبو 2020 دبي، وهو ما سيضفي شعوراً متجدداً بالإيجابية، ويعمل على خلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى تعزيز وجلب المزيد من الاستثمارات العالمية إلى دبي، على مدار العقد المقبل. وقال: إن شركة «داماك» لديها خطط واضحة قابلة للتنفيذ في العام 2020، والتي تستند إلى منهجية تعتمد على المساهمة في منح السوق المحلية الفرصة لاستيعاب فائض العرض لاستعادة الجاهزية لعودة الانتعاش، وستقوم الشركة خلال هذه الفترة بتوسيع نطاق تواجدها في الأسواق العالمية لتنويع المحفظة العقارية.