2 ديسمبر 2011 00:33
(صنعاء) - قُتل 13 يمنيا، هم ثمانية مدنيون وخمسة جنود، وأصيب 48 آخرون، أمس الخميس، بقصف مدفعي طال أحياء سكنية في مدينة تعز “وسط”، بالتزامن مع اشتباكات متفرقة بالمدينة، بين القوات الحكومية ومسلحين قبليين مؤيدين لموجة الاحتجاجات المناهضة للرئيس علي عبدالله صالح.
وفيما تبادلت السلطة والمعارضة في اليمن، الاتهامات فيما بينهما بشأن أعمال العنف في تعز، اتفق الجانبان على تشكيل حكومة ائتلافية، برئاسة أحزاب المعارضة، لأول مرة في تاريخ اليمن الموحد، يحتفظ فيها حزب “المؤتمر” الحاكم، الذي يرأسه صالح، بوزارات الدفاع، الخارجية، والنفط، فيما يتولى ائتلاف “اللقاء المشترك” وزارات الداخلية، المالية، التخطيط والتعاون الدولي، والإعلام.وقال سكان بمدينة تعز لـ”الاتحاد”، إن القوات العسكرية الموالية للرئيس صالح قصفت، ليل الأربعاء الخميس، العديد من الأحياء السكنية، مشيرين إلى أن القصف استمر حتى ظهر الخميس، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.
وأكدوا أن قصفاً بمدافع الهاون “استهدف أحياء سكنية” منها، المسبح، الروضة، شارع جمال، بير باشا، وساحة الحرية، وسط المدينة، التي يعتصم فيها آلاف المحتجين المعارضين للنظام الحاكم، منذ 11 فبراير. وقالت الناشطة في حركة الاحتجاج بالمدينة، بشرى المقطري، لـ”الاتحاد”، إن القصف خلف “قتلى وجرحى بين المدنيين”، وألحق أضراراً بالغة بعدد من المنازل.
وأفاد سكان، لوكالة فرانس برس، بأنه مع استمرار الاشتباكات تم إغلاق جميع الطرقات المؤدية إلى المدينة التي باتت معزولة عن محيطها الريفي، وهي اكبر مدينة في اليمن من حيث عدد السكان، بعد العاصمة صنعاء. وذكر شهود أنهم رأوا دبابات الجيش تنتشر في حي “بيرباشا”، وفي جوار نادي الصقر في غرب المدينة وكانت تلقى مقاومة شديدة. وقالوا إن قوات الجيش قصفت ضواحي شمال تعز لا سيما منطقة المخلاف. وقد اتهمت الناشطة المقطري القوات الحكومية باستهداف طواقم الإسعاف الطبية ومنعها من الدخول إلى المناطق المتضررة لنقل الجرحى. ووجه مسعفون وأطباء في تعز نداءً إنسانيا بعدم التعرض لسيارات الإسعاف.
وقال مصدر طبي بالمدينة لـ”الاتحاد”، إن ستة مدنيين قتلوا بينهم امرأة، جراء القصف المدفعي، مشيرا إلى أن المرأة، وتدعى مريم عياش، قتلت بعد سقطت قذيفة هاون على منزلها، القريب من ساحة الحرية.وأكد المصدر جرح نحو ثلاثين آخرين، مشيرا أيضا إلى إصابة مدير أمن محافظة تعز، العميد الركن عبدالله قيران، ومقتل اثنين من مرافقيه باشتباكات اندلعت بالقرب من مستشفى العسكري، على أطراف مدينة تعز، التي اندلعت منها، منتصف يناير، شرارة الاحتجاجات المطالبة بالإطاحة بنظام الرئيس صالح، الذي يحكم اليمن منذ أكثر من 33 عاما.
وقال مصدر أمني، لوكالة الأنباء اليمنية “سبأ”، إن “مجاميع تخريبية مسلحة من تلك المليشيات قامت فجر اليوم “أمس” بالاعتداء على مبنى البحث الجنائي وفرع مصلحة الهجرة والجوازات والإدارة العامة للمرور ومعسكر اللواء 33 مدرع بقصفها بمدافع الهاون وبي 10 وقذائف آر بي جي، وصواريخ لو، ومختلف الأسلحة الرشاشة”، موضحا أن تلك الهجمات أسفرت عن مقتل خمسة جنود وإصابة 15 آخرين. واتهم المصدر الأمني مسلحي المعارضة، خصوصا التابعين لحزب الإصلاح الإسلامي المعارض، بمهاجمة “بحرق ونهب عدد من منازل قيادات” في حزب “المؤتمر” الحاكم، من بينها منزل أمين عام الحزب المساعد ورئيس كتلته البرلمانية، الشيخ سلطان البركاني. وقال إن قصف “العناصر التخريبية” طال أحياء سكنية ما أدى إلى مقتل مدنيين وإصابة ثلاثة “وإلحاق أضرار كبيرة بعدد من المنازل”. واعتبرت السلطات اليمنية أعمال العنف في تعز بأنها “تأتي في إطار التوجه العنيف لمن يقف وراء تلك المليشيات التي تصر على مواصلة العبث بالأمن والاستقرار بهدف إفشال تنفيذ المبادرة الخليجية”، لحل الأزمة اليمنية المتفاقمة منذ أكثر من عشرة شهور، على خلفية الاحتجاجات المطالبة بإنهاء حكم صالح.
وكان نائب الرئيس اليمني الذي دعا إلى انتخابات رئاسية مبكرة في 21 فبراير المقبل، كلف، الأحد الماضي، المسؤول البارز بالمعارضة اليمنية، محمد سالم باسندوة، بتشكيل حكومة “وفاق وطني” مناصفة بين حزب “المؤتمر” الحاكم، وائتلاف “اللقاء المشترك” المعارض.وسلم الائتلاف المعارض، الأربعاء، الحزب الحاكم قائمتين بالحقائب الوزارية السيادية لاختيار واحدة منهما، وذلك وفق آلية المبادرة الخليجية. وقال الناطق الرسمي باسم “اللقاء المشترك”، محمد قحطان لـ”الاتحاد”، إن الحزب الحاكم اختار القائمة التي تضم وزارات الدفاع، الخارجية، والنفط، ما يعني أن المعارضة “ستتولى وزارات الداخلية، المالية، التخطيط والتعاون الدولي، والإعلام”.
وتوقع قحطان أن يتم “يوم السبت أو الأحد” الإعلان عن الحكومة، التي ستعمل على “وقف جميع أشكال العنف وانتهاكات القانون الإنساني” في اليمن، وذلك من خلال “فض الاشتباك بين القوات المسلحة والتشكيلات المسلحة والمليشيات والجماعات المسلحة الأخرى”.
وكانت وزارة الدفاع اليمنية ذكرت، عبر خدمة الرسائل النصية، أن “أجواء إيجابية” سادت “المفاوضات” بين “المؤتمر” و”المشترك” بشأن الحقائب السيادية في حكومة “الوفاق الوطني”. وستكلف هذه الحكومة بإدارة المرحلة الانتقالية في البلاد، التي تعد الأخطر في تاريخ اليمن المعاصر، وهي ملزمة بتنفيذ “كافة قرارات مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والأعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة”.