25 فبراير 2010 01:17
غيّب الموت أمس المغفور له بإذن الله الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان وزير الداخلية الأسبق وأحد أبرز الشخصيات التي واكبت تأسيس الدولة وتوحيدها.
ولم يتوان المغفور له طوال أربعة عقود أو يزيد عن بذل الغالي والنفيس في سبيل خدمة ورفعة الدولة التي كان دائماً إلى جانب مؤسسها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.
والشيخ مبارك بن محمد هو الابن الثاني للمغفور له الشيخ محمد بن خليفة بن زايد الأول أو زايد الكبير، ويكبره المرحوم الشيخ حمدان بن محمد آل نهيان، ويليه كل من سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان وسمو الشيخ سيف بن محمد آل نهيان وسمو الشيخ سرور بن محمد آل نهيان والشيخ خليفة بن محمد آل نهيان والشيخ سعيد بن محمد آل نهيان.
ويلتقي نسبه مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” في الشيخ زايد الأول أو زايد الكبير، وهو خال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، حيث إن الشيخة حصة بنت محمد آل نهيان هي والدة صاحب السمو رئيس الدولة.
وله من الأبناء ثلاثة هم المغفور له الشيخ أحمد بن مبارك، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ومعالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وزير الأشغال العامة.
أبصر النور في حقبة كانت البساطة عنوانها البارز، وكانت النخوة والرجولة عنواناً لرجالات تلك المرحلة، وكان صفاء النفوس وطيبتها يشعان ابتسامة ما فارقت محيا “أبو أحمد”، على الرغم من الانطباع بتجهم كل من له شأن بالأمن والشرطة.
في العام 1961، عُهد إليه برئاسة دائرة الشرطة والأمن العام في أبوظبي، ثم تولى في 18 سبتمبر العام 1966 منصب رئيس دائرة الشرطة والأمن العام ودائرة الجنسية والجوازات العامة.
وتذكر سجلات وزارة الداخلية أن المغفور له قد رُقي من رتبة عقيد إلى رتبة لواء في الحادي عشر من ديسمبر 1968.
في تلك المرحلة، قام المغفور له بتأسيس قوة شرطية منظمة في أبوظبي، وتضمن ذلك استحداث العديد من أقسام مراكز الشرطة في مختلف أنحاء إمارة أبوظبي، علاوة على مراكز الشرطة الحدودية.
كما عمل على تعيين رجال الشرطة المخلصين في مختلف أقسام ومراكز الشرطة وأجهزة وزارة الداخلية المختلفة، وقطفت ثمار جهوده العظيمة بتخريج العديد من الدفعات والدورات لرجال الشرطة والأمن العام الأكفياء في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقام المغفور له بتشكيل اللجنة العامة لشؤون الشرطة في أبوظبي، واستقطب ونظّم بعثات الأمن العربية للعمل في شرطة أبوظبي، وأسهم في ابتعاث العديد من رجال الشرطة في دورات خارجية لتطوير مهاراتهم وقدراتهم المهنية.
كان للمغفور له بصمات واضحة ودور بارز في المحادثات التي جرت بين أصحاب السمو حكام الإمارات أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد تمهيداً لقيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي الأول من يوليو في العام 1971، تولى المغفور له اللواء الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان مهام وزير الداخلية في إمارة أبوظبي، وبناء على المرسوم الاتحادي رقم (43) لسنة 1973 بتشكيل مجلس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة، عُين المغفور له الشيخ مبارك بن محمد وزيراً للداخلية، وعُهد إليه بتولي مسؤولية الشرطة في إمارة أبوظبي.
أصدر العديد من القوانين والقرارات الوزارية المهمة التي أسهمت في تنظيم وتطوير أجهزة الشرطة والأمن العام في إمارة أبوظبي خاصة، وفي دولة الإمارات عامة، كنظام وزارة الداخلية في إمارة أبوظبي رقم (8)، وقانون الشرطة والأمن العام رقم (1) للعام 1972.
لم يدخر المغفور له جهداً لتنظيم وعقد المؤتمر العربي الأول لقادة الشرطة والأمن العام والذي تم عقده في مدينة العين في فبراير من العام 1973، والذي حضره خبراء الشرطة والأمن العربي من 16 دولة عربية.
وضع المغفور له نصب عينيه تحسين وتقديم مزايا جديدة لضباط وأفراد الشرطة، وذلك فيما يتعلق برواتب وعلاوات وبدلات منتسبي قوة الشرطة العاملين في شرطة أبوظبي وفي أجهزة وزارة الداخلية كافة.
وعلى صعيد الاهتمام بدور المرأة، كان رحمه الله ممن أكدوا على الدور الذي تنهض به المرأة في العديد من مجالات الحياة، واستعدادها للمشاركة في مجال الأمن، فقد استحدث سموه وحدة جديدة للشرطة النسائية في فبراير 1978، ووجه بإنشاء مدرسة الشرطة النسائية في أبوظبي.
وكان للمغفور له دور كبير في توحيد ودمج الشرطة، بحيث تكون لوزارة الداخلية سلطة الإشراف الكامل والمباشر على جميع الشؤون المتعلقة بالأمن والهجرة والإقامة.
وقام سموه بإزالة وإلغاء كل التعقيدات والمشكلات الحدودية بين الإمارات، كإجراءات توقيف السيارات وتدقيق هويات أو بطاقات المسافرين على الحدود بين الإمارات، فقد أصدر سموه في نوفمبر 1974 قراراً برفع الإجراءات التي كانت مطبقة في مخفر سيح شعيب على السيارات والمسافرين، تأكيداً لوحدة أراضي الإمارات العربية المتحدة.
علم الدولة يرفرف للمرة الأولى خارجياً في ظل رئاسته أول اتحاد لكرة القدم
أبوظبي (الاتحاد) - تولى المغفور له بإذن الله الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان رئاسة أول اتحاد لكرة القدم في الدولة في أعقاب إعلان الاتحاد في الثاني من ديسمبر من العام 1971. وكان في نفس الوقت أول وزير داخلية للإمارات.
وقام المغفور له بإذن الله بتشكيل أول مجلس إدارة لاتحاد كرة القدم. وقد تكون من المرحوم الشيخ صقر بن محمد القاسمي نائباً للرئيس وعضوية كل من المرحوم حمودة بن علي وحارب بن عتيبة وجمعة غريب وأحمد علي التاجر وأحمد المدفع وسعيد بن ناصر.
وأخذ الاتحاد الجديد حينذاك على عاتقه تشكيل أول منتخب لكرة القدم بالإمارات، بهدف المشاركة في دورة كأس الخليج الثانية بالسعودية عام 1972. وبالفعل بدأ الاتحاد في إعداد منتخب الإمارات في يناير العام 1972، أي بعد مرور شهرين فقط من قيام اتحاد الدولة.
ويعود الفضل للشيخ مبارك بن محمد آل نهيان ولمجلسه في تأسيس اتحاد الكرة وفي تشكيل أول منتخب كروي يمثل الإمارات خارجياً.
بالفعل شاركت الإمارات مع إخوانها في دورة الخليج الثانية بالسعودية في الفترة من 15 وحتى 28 مارس 1972 بعد أن نالت العضوية الانتسابية للاتحاد الدولي لكرة القدم والتي تحولت فيما بعد إلى عضوية أساسية.
وقام المغفور له الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان ومجلسه بتشكيل أول بعثة رياضية للمشاركة في الدورة برئاسة أحمد علي التاجر ومعه أحمد المدفع نائباً للرئيس ومراد عبدالله إدارياً ومحمد صديق شحتة مدرباً، وجمعة غريب مساعداً للمدرب.
وتم تشكيل أول منتخب إماراتي في كرة القدم من 20 لاعباً هم الكابتن أحمد عيسى ومبارك بالأسود وسالم بوشنين وسهيل سالم وزيد ربيع وإبراهيم رضا ورجب عبدالرحمن ومحمد سالم سهيل “حمدون” وعبدالرحمن العصيمي وجمال موسى ومحمد الكوس وعوض مبارك وسالم موسى وعبدالله خليل وناصر حمد ومحمد البنا ويوسف محمد.
وشاءت الأقدار أن يحقق منتخب الإمارات الفوز على منتخب قطر في هذه الدورة بهدف مقابل لا شيء، سجله سهيل سالم وقد تسبب هذا الفوز في حصول الإمارات على المركز الثالث بالدورة. ووقف الكابتن أحمد عيسى على منصة التتويج وتم عزف السلام الوطني وارتفع علم الإمارات عالياً للمرة الأولى خارج الحدود.
وكان مجلس إدارة اتحاد الكرة الحالي برئاسة محمد خلفان الرميثي قد قام بزيارة إلى المغفور له الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان في 8 يونيو 2008 وقدم كأساً تكريماً له وتقديراً لدعم المغفور له بإذن الله المتواصل للرياضة والرياضيين.
أوسمة في حياة المغفور له
أبوظبي (الاتحاد)- تقلد المغفور له بإذن الله الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان خلال سنين حياته الطاهرة العديد من الأوسمة المحلية والعربية تقديراً وعرفاناً بجهوده الدؤوبة المخلصة طوال حياته التي أفناها في خدمة وطنه ورفعته والتي من اهمها:
وسام زايد الثاني.
وسام عيد الجلوس “للمغفور له” بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وسام الملك عبدالعزيز آل سعود.
وسام النهضة من الدرجة الأولى، للمملكة الأردنية الهاشمية.
وسام سلطنة عُمان للسلطان قابوس بن سعيد.
وسام الملك الحسن الثاني.
وسام الجمهورية التونسية.
وسام قوة دفاع أبوظبي 1966.
وشاح الاستحقاق لدولة قطر.
وسام هيئة الهلال الأحمر الإماراتي الخيري، كما حصل سموه أيضاً على العديد من أنواط الشرف والميداليات أثناء مدة خدمته المشهودة.
كلمة الفقيد في اليوبيل الذهبي لشرطة أبوظبي
مبارك بن محمد: مسيرتنا الرائدة لا تزال مصونة وحيوية ومتطورة بفضل خير خلف لخير سلف
أبوظبي (الاتحاد) - يُسجّل للفقيد المغفور له الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان رحمه الله، ما طاب له أن يسجله بيده “للواقع والتاريخ”، قبل 3 سنوات في كلمته بمناسبة “اليوبيل الذهبي لشرطة أبوظبي”، التي يعد من مؤسسيها قبل 53 عاماً، ومن الذين ساهموا في بنائها وتطويرها.
يومها، استهل الفقيد كلمته بالحديث عن حكمة وبُعد رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي كان الفقيد إلى جانبه كذراعه الأيمن، من دون أن ينسى شكر الله تعالى على مواصلة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله صون مسيرة الوالد المؤسس وإحيائها وتطويرها.
وقال الفقيد المغفور له الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان في كلمته:
يطيب لي في بداية هذه الكلمة، وبمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس شرطة أبوظبي، أن أسجل للواقع والتاريخ، تلك الرؤية العميقة والحكيمة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله في جعل توفير الأمن للوطن والمواطن، على رأس كل الأولويات في منظومة المسيرة الرائدة التي بدأها سموه، وأسس من خلالها دولة قوية، تتمتع بالأمان والاستقرار، وتجسد بالقول والفعل معاً، مبادئ التسامــح والتعايش والسلام، والحمد لله، أن هذه المسيرة لا تزال مصونة وحيوية ومتطورة، بفضل خير خلف لخير سلف: صاحب السمــو الشيـخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيـس الدولة حفظه اللـه.
كما أنني أحمد المولى العلي القدير، على أن وفقني وعلى مدار سنوات - قضيتها قائداً للشرطة، ثم وزيراً للداخلية في هذا البلد العزيز - إلى أن أؤدي مهامي، وأقوم بمسؤولياتي وواجباتي، إلى جانب أخوة أفاضل، وزملاء أعزاء، في إقرار الأمن، وحماية الوطن والمواطن، بل والأهم: توفير الاستقرار للناس، مواطنين ومقيمين ومن دون استثناء
المصدر: أبوظبي