عدد اليوم
دينا محمود (لندن)
قبل اندلاع الصراع الدموي الدائر في سوريا منذ ربيع عام 2011، كان الطريق الرابط بين جنوب البلاد وشمالها والمعروف بـ «إم 5»، يمثل شرياناً تجارياً رئيساً، تمر عليه يومياً بضائع وسلع، تبلغ قيمتها ما يناهز 25 مليون دولار.
وفي الشهور الأخيرة أصبح الطريق الذي يمتد بطول 450 كيلومتراً تقريباً من الحدود السورية الأردنية جنوباً إلى المنطقة الحدودية مع تركيا شمالاً، مسرحاً لأكبر حركة نزوح شهدتها سوريا خلال حربها الأهلية، بعدما هرع إليه نحو 900 ألف شخص، فراراً من التقدم المستمر للقوات الحكومية، التي تسعى لاستعادة السيطرة على محافظة إدلب، المعقل الرئيس الأخير للفصائل المسلحة.
وفي منتصف الشهر الجاري، سيطر عليه الجيش السوري على منطقة خان العسل في ريف حلب الغربي، ليُحكم بذلك سيطرته تماماً على الـ«إم 5»، الذي قال محللون في تصريحات نشرتها صحيفة «الجارديان» البريطانية: «إنه قد يمثل طريق الحكومة السورية نحو إحراز النصر» في الحرب التي تخوضها منذ نحو 9 سنوات.
والطريق، الذي يُطلق عليه محلياً اسم «أوتوستراد حلب دمشق الدولي» في إشارة إلى أنه يربط بين العاصمتين السياسية والاقتصادية لسوريا، يخترق ستاً من محافظات البلاد ويمر عبر مختلف المدن السورية الكبرى، ويمثل بوابة من جهته الجنوبية للتواصل البري مع دول الخليج العربي.
وفي ضوء الأهمية الاستراتيجية للطريق، طالما شكلت استعادته إحدى الأولويات الرئيسة للحكومة السورية، بعدما سيطرت الفصائل المسلحة على أجزاء حيوية منه طيلة الأعوام الماضية، وهو ما أجبر القوات الحكومية على تغيير طرق تنقلاتها وعبور إمداداتها اللوجيستية.
لكن استعادة السيطرة على الطريق، الذي اعتبرت «الجارديان» أنه قد «يحدد مستقبل سوريا ومواطنيها»، لم تكن باليسيرة، فقد استغرقت نحو ست سنوات، شهدت غارات جوية مكثفة وعمليات حصار، شنتها القوات الحكومية السورية منذ عام 2014، وأدت إلى إخلاء المدن والبلدات الواقعة على جانبيه، من قاطنيها.
وفي تصريحات لـ «الجارديان»، قال المحلل السوري داني مكي إن السيطرة الكاملة على الـ«إم 5» يشكل انتصاراً كبيراً للجيش السوري، إذ أن ذلك سيؤدي في نهاية المطاف، إلى توفير دعم كبير لقواتها على الصعيدين الاستراتيجي والاقتصادي، بالرغم من الخسائر التي تكبدتها في الرجال والعتاد، خلال المحاولات الكثيرة التي بذلتها من قبل، لاستعادة الطريق.
