هدى جاسم، وكالات (بغداد، عواصم)
نفت واشنطن نيتها سحب قواتها المنتشرة في العراق، وعملت على تعزيز وجودها العسكري في معسكر «التاجي» شمال بغداد، والعمل على إنشاء مطار لقاذفات «بي 52» العملاقة داخل مبنى قاعدة «عين الأسد» الجوية غربي الأنبار، جاء ذلك بعد الجدل الذي دار حول الرسالة التي قال رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبدالمهدي، إنه تسلمها من الأميركيين وموقعة من قائد العمليات العسكرية الأميركية في البلاد تفيد بإعادة التموضع بهدف الانسحاب من البلاد، يأتي ذلك فيما أعلن حلف شمال الأطلسي «الناتو» سحباً موقتاً لقسم من عناصره بعد تعليق مهمته في تدريب القوات العراقية، وأعلنت ألمانيا وكرواتيا ورومانيا وكندا سحب قواتهم من العراق مؤقتاً بسبب تطورات الأوضاع، بينما قالت لندن إنها ترغب في بقاء قواتها بالعراق، لكنها ستسحبها إذا طلبت بغداد ذلك، كما أكدت فرنسا أنها لا تعتزم سحب جنودها المنتشرين بالعراق لتنفيذ مهمات تدريب.
وأعلنت الولايات المتحدة أمس الأول، أنّها أبلغت العراق «من طريق الخطأ» أنها تعدّ لسحب قواتها من أراضيه. وفي رسالة رسميّة موجّهة إلى قيادة العمليات المشتركة العراقية، وأكّد مسؤولان عسكريان أميركي وعراقي صحّتها، قال الجيش الأميركي، إنّ قوات التحالف التي تقودها واشنطن بصدد اتخاذ إجراءات معينة لضمان الخروج من العراق وستنفّذ عمليات إعادة تمركز خلال الأيام والأسابيع المقبلة. وأضافت الرسالة الموقّعة من الجنرال وليام سيلي الثالث، قائد قوة المهمات الأميركية في العراق، أن القرار جاء احتراماً لسيادة جمهورية العراق، مشيرة إلى أنه ستكون هناك زيادة برحلات الطائرات المروحية داخل وحول المنطقة الخضراء خلال ساعات الليل.
لكنّ رئيس أركان الجيش الأميركي سرعان ما أعلن أنّ الرسالة عبارة عن «مسودّة» وتم إرسالها من طريق الخطأ.
وقال الجنرال مارك ميلي «إنّه خطأ ارتكبه ماكينزي»، في إشارة إلى قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال فرانك ماكينزي، مشدّداً على أنّ هذه الرسالة «مسودّة وما كان يجب أن تُرسل». وأكد عبدالمهدي أمس، أنها كانت رسالة رسمية في السياق الطبيعي وليست ورقة وقعت من الطابعة أو أتت بالصدفة». وأضاف «قلنا لهم أيضاً، إن الترجمة العربية تختلف عن الترجمة الإنجليزية، فأرسلوا لنا نسخة عربية أخرى تتطابق ترجمتها مع الإنجليزية».
ونفى وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أن تكون بلاده قد قرّرت إخراج قواتها من العراق.
وقال «ليس هناك أيّ قرار على الإطلاق بمغادرة العراق، لم يتّخذ أي قرار بالخروج من العراق، نقطة على السطر».
وفي الأثناء، وصلت قوة أميركية إضافية وطائرات شحن تنقل معدات إلى معسكر التاجي شمالي العاصمة بغداد، فيما حلقت طائرات مروحية في مناطق متفرقة من العاصمة.
كما كشف مصدر أمني في محافظة الأنبار، عزم القوات الأميركية إنشاء مطار لقاذفات «بي 52» العملاقة، داخل مبنى قاعدة «عين الأسد» الجوية غربي المحافظة. وأشار المصدر إلى أن القوات الأميركية المتمركزة داخل مبنى القاعدة، تقوم بعمليات توسيع لبنى المطار من جهة «ناحية كبيسة». وأضاف أنه في حال تم إنشاء هذا المطار، فإنه سيكون من أهم المطارات في العالم، كونه مخصصاً لطائرات «بي 52»، كالمطار الموجود في بريطانيا.
وفي السياق، أعلن حلف شمال الأطلسي «الناتو» أمس، سحباً موقتاً لقسم من عناصره في العراق بعد تعليق مهمته في تدريب القوات العراقية. وقال مسؤول في الحلف في بيان «نتخذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية موظفينا، ويشمل ذلك إعادة تمركز مؤقت لقسم من موظفينا في مختلف المناطق داخل العراق وخارجه». وأضاف أن «الحلف يبقي مع ذلك وجوداً في العراق». وقال المسؤول، إن الحلف يعتزم مواصلة التدريب في العراق عندما يسمح الوضع، إلا أنه رفض كشف تفاصيل حول عدد العناصر الذين سيتم نقلهم وإلى أي أماكن. وصرح «لحماية سلامة عناصرنا على الأرض، لا يمكننا أن نكشف تفاصيل عملياتية».
يأتي هذا بعد أن قرر البرلمان العراقي إنهاء العمل بالاتفاقية الأمنية مع التحالف الدولي ضد «داعش» على الرغم من غياب الكتل السنية والكردية، وصوت على قرار يطالب الحكومة بإنهاء وجود القوات الأجنبية في البلاد، وعدم استعمال الأراضي العراقية أو المجال الجوي لأي سبب كان.
بدورها، ذكرت وزارة الدفاع الرومانية إنها ستعيد تموضع جنودها الـ14 في العراق مؤقتاً إلى قاعدة أخرى تابعة للحلف. كما ذكر وزير الدفاع البريطاني بن والاس أمس، أن لندن ترغب في بقاء قواتها في العراق لكنها ستسحبها إذا طلبت بغداد ذلك. فيما صرح مصدر حكومي فرنسي بأن بلاده لا تعتزم سحب جنودها المنتشرين حالياً في العراق لتنفيذ مهمات تدريب.
في موازاة ذلك، كتبت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي على «تويتر»: «بعد الأحداث التي وقعت في بغداد، عززنا منذ الجمعة الفائت مستوى حماية عسكريينا الفرنسيين المنتشرين في العراق، تم القيام بكل شيء لضمان أمنهم».
وفي السياق، أعلن الجيش الألماني، أمس، أنه سيسحب جزءاً من الجنود الألمان المنتشرين في العراق لمهمات تدريب. وأوضحت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الألمانية أن الجنود الألمان المتمركزين في العراق سينتقلون إلى الأردن والكويت، بسبب التوتر في المنطقة.
كما أعلنت وزارة الدفاع الكرواتية أمس، أنها قررت نقل 14 جندياً كرواتياً من العراق إلى الكويت. وذكرت وكالة «أسوشيتيد برس»، أن البيان أشار إلى أنه سيتم اتخاذ خطوات أخرى، نتيجة للتشاور مع حلفاء «الناتو». كما قال رئيس هيئة الأركان الكندية، إن بعض القوات الكندية المتمركزة في العراق ستنقل مؤقتاً إلى الكويت لأسباب أمنية.