28 نوفمبر 2011 22:47
الاحتفال بالذكرى الأربعين لليوم الوطني ليس معناه ذكرى مرور سنوات فقط، بل هو احتفال بالإنجازات التي تحققت على أرض الواقع أرض الإمارات، وإعلان الاتحاد في الثاني من ديسمبر عام 1971، كان تتويجا لجهود الأعوام الماضية، وكان ثمرة لجهود أعوام تجاوزت كل الصعاب التي عرقلت مسيرته، والتي تحطمت أمام عزائم الرجال الذين تصدوا للمصاعب بروح المسؤولية التاريخية، وأزالوا العوائق وشيدوا البناء.
الدكتور عبدالله الطابور من مواليد رأس الخيمة سنة 1964، حصل على بكالوريوس علوم إدارية وسياسية من جامعة الإمارات سنة 1986، هو كاتب وباحث في التاريخ الحديث والمعاصر. وهو شخصية معروفة في إمارة رأس الخيمة توغل في عالم التاريخ سواء الحديث والمعاصر وله الكثير من المؤلفات التي تتعلق بالحركة المسرحية في الإمارات منذ بدايتها إلى جانب اصداره كتابين حول الألعاب الشعبية قديما وكتابا عن الطب الشعبي وهو يعتبر من الرعيل الأول والشباب المميزين في إمارة رأس الخيمة أيام الاتحاد.
خطوات البداية
عند إعلان الاتحاد كان الطابور في مقتبل العمر، حيث كان يسمع عن هذه التجربة من الأهل والأقارب ومن خلال الفعاليات البسيطة التي تنظمها المدرسة آنذاك مثل المهرجانات المدرسية التي كان لها دور بارز في تعزيز هذه التجربة الوحدوية. ومن خلال زيارة الشيوخ الكرام والحكام لمشاهدة هذه الاحتفالات التي تعبر عن وحدة الإمارات السبع. يقول الطابور “كل تلك المشاهد وزيارة الشيوخ الكرام كان لها تأثير كبير فقد عرفنا ما معنى اتحاد الدولة وكان لنا دافع كبير أن نحب الوطن ونفهم قيمته من خلال المناهج التي كانت تتحدث عن الاتحاد التي تبلور بفضل القيادات الحكيمة واتحاد الشيوخ وتعاضدهم وتعاونهم في يد واحدة لتشكيل وحدة وطنية واحدة قامت في عام 1971”.
ويضيف “كانت الرسومات والأنشطة التي يتم تنظيمها في المدرسة تساعدنا في أن نحب وطنا ونعبر عن هذا الحب من خلال رسم العلم ذي الألوان الأربعة والذي كان بالنسبة لنا هو علم اتحاد إماراتنا السبع حين كنا نحييه كل يوم صباحا أثناء تحية العلم، ناهيك عن تعلمنا على يد الكتاتيب التي اضطلعت بتعليم القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة والحساب للناشئة، والتي زرعت فينا روح الانتماء والولاء لهذا الوطن المعطاء ورغم بدائية المدارس إلى حد كبير إذا ما قارناها بالنظام التعليمي المعاصر، لكنها كانت تلبي حاجة المجتمع المحلي في تلك الحقبة، حيث كان يعد “المطوع” بمثابة المعلم في الوقت الحالي وهي مهنة توارثوها العاملين بها عن آبائهم. ويتابع “عندما يصل عمر الطفل إلى السادسة أو السابعة أو أصغر من ذلك ترغب عائلته بإلحاقه في أحد الكتاتيب ليتعلم قراءة القرآن ويجيد المبادئ في القراءة والكتابة”.
تطور الاتحاد
يسترجع الطابور حلم الشيخ زايد قائلا “الاتحاد كان في يوم من الأيام حلماً راود المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، فعندما تولى الشيخ زايد حكم مدينة العين عام 1946 بدأ يفكر في توحيد القبائل والمناطق المتفرقة التي كانت لا تقيم وزنا للوحدة ولا للالتقاء فيما بينهما من أجل حل مشاكلها، وإنما كانت النزاعات والخلافات دائمة الحدوث بينهما، كل تلك المشاهد جعلت الشيخ زايد يفكر في توحيد البدو في الصحراء، وبدأ من يومها يلتقي بهم ويجمعهم في قلعة المويجعي التي كانت آنذاك مقراً للحكم في تلك المنطقة، ولكن نظرة الشيخ زايد لم تكن محدودة بل كان ينظر إلى توحيد مختلف المناطق وكانت تدفعه إلى ذلك إرادته القوية وحبه لأبناء شعبه الذين أخذوا يلتفون حوله ويباركون خطواته وما يسعى إليه من أجل البلد”.
ويضيف الطابور “خاض الشيخ زايد تجارب كثيرة إلى أن تأسست وتطورت وازدهرت. فقد كان وحدوياً لا تلين له عريكه، ذا نظرة ثاقبة وحس وطني ونظرة مستقبلية، فالوحدة بين أبناء الخليج العربي ترسخت لديه من خلال إحساسه بأنه لا مجال للكيانات الصغيرة في عالم يؤمن بالقوة والتنافس والبناء والتطور، من هذا المنطلق رأى أن الاتحاد بين أبناء المنطقة صمام أمان ضد المشكلات التي تحيط به، ومن أجل ذلك مرت المنطقة من الاتحاد الثنائي بين أبوظبي ودبي إلى الاتحاد التساعي، وضمت الإمارات السبع والبحرين وقطر إلى الاتحاد السداسي ثم الاتحاد السباعي الذي انضمت إليه رأس الخيمة في 10/ 2/ 1972، وكان الثاني من ديسمبر عام 1971 الانطلاقة المباركة لاتحاد الإمارات العربية المتحدة الذي انتقل فيه المواطن من حياة بسيطة لا تتوفر فيها أي شكل من أشكال الحضارة المعاصرة، ومن حياة قائمة على اعتماد الأفراد على دخول غير ثابتة من مهن وحرف وأعمال يمارسونها ومن وضعية حياتية لا تتوفر فيها الحياة المستقرة إلى دولة تسعى سنة عن سنة إلى الارتقاء بأفراد شعبها إلى مصاف الدولة الكبيرة والعريقة، وهذا ما أثبتته السنوات”. ويضيف “كانت النقلة في كافة المجالات الاجتماعية والتعليمية والصحية والبنية التحتية والثقافية والإعلام والسياحة والزراعة والعمران ما جعل الزائر الذي شاهد ساحل الإمارات المتصالحة قبل الاتحاد ينبهر بما حدث بعد مشاهدتها له خلال السنوات الأولى لقيام الاتحاد وهذه تعتبر في حد ذاتها معجزة؛ فالقيادة الحكيمة نقلت أبناء الشعب والوطن إلى مرحلة تطور متسارع في مختلف الميادين حتى أصبحت الإمارات اليوم بلداً متحضراً يقود الكثير من مشاريع النهضة العربية التي عجزت عنها كبريات الدول”.
ذكريات الاتحاد
يقول الطابور “عندما تم الإعلان عن قيام دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر عام 1971 كنا أطفالاً صغاراً فنشأنا مع تطور الدولة وظهور مؤسستها وشكلها، لذا نحن جيل محظوظ لأننا عاصرنا بداية نشأت الدولة وقطفنا ثمارها منذ مولدها وتطورها، وشاهدنا المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان مؤسس الدولة، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم وبقية الحكام المؤسسين، رحمهم الله جميعا، وهم يتابعون شؤون الدولة ويتنقلون بين المناطق وفي أماكن البناء يتابعون حركة التأسيس في مختلف المجالات”. ويضيف “وقتها بدأت عقولنا الصغيرة تستوعب معنى الاتحاد والوحدة والتضامن الذي كان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد رحمه الله يتكلم عنه وهو يفتتح المشاريع التنموية في مختلف الإمارات، مثل الجسور والطرق الحديثة والإنارة والمساكن الشعبية والمستشفيات والمدارس الجديدة، كل ذلك شكل لدينا صورة شاملة عن مدى الجهود الجبارة التي كان يقوم بها الشيخ زايد ومعه الحكام والوزراء والمسؤولين، لذا فإن تلك الأعمال التي ظهرت مع بداية الاتحاد استلهمنا منها قوة الإرادة والتصميم، ويتابع “خلال سنوات منذ قيام الدولة شاهدنا عملية بناء الدولة وإقامة المشاريع الكبيرة وبدأت مظاهر تأسيس الدولة الحديثة العصرية تتشكل سنة بعد سنة مع الإصرار على توفير وتذليل كافة السبل لنهضة البلاد التي ها نحن الآن نشاهد ما وصلت إليه في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية والعمرانية، إنها نهضة حقيقية قادها زايد ورفاقه وأكمل الطريق صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله الذي سار بالدولة إلى مصاف الدول المتحضرة والمزدهرة ما جعل الإمارات حاليا تنافس دول العالم وتتفوق عليها في التنمية الشاملة”.
الإنسان ثروة
يشير الطابور وكما قال الشيخ زايد، رحمه الله، إلى أن الإنسان هو الثروة الحقيقية وليس النفط فقط، لأن بالإنسان تقوم الحضارة وتتأسس الدول وتزدهر وبالتعليم والثقافة تنمو الشعوب وتبني مستقبلها، وأن المستقبل يصنعه الإنسان إذا تم إعداده لمعركة الحياة، وهذا فعلاً ما حدث في الإمارات حين تحول التعليم إلى مدارس حديثة ومتطورة وجامعات وكليات وميادين للعلم والنور، وكان ذلك بخطط مرسومة وبرامج وضعتها الحكومة الاتحادية التي سعت إلى تحقيقها.
حول المواقف التي أثرت في نفسه، يقول الطابور “الشيخ زايد علمنا أسلوب حياته وتفكيره ونرى أنه قائد له نظرة مستقبلية وأب لأسرة كبيرة يسعى إلى تربيتها وتعليمها وإعدادها للمستقبل، لذا عندما التقيت الشيخ زايد لأول مرة في إحدى المناسبات وقدمت له بعض مؤلفاتي بارك هذا العمل وقال لي إن “الكتب والمؤلفات رصيد لك أنت ولوطنك ونحن نعتز بهذا العمل لأنه نابع من مشاعرك وحبك لوطنك”، هذه الكلمات أعطتني دافعاً قوياً لمواصلة الطريق والعمل بإصرار في تأليف الكثير من الكتب عن تراثنا وثقافتنا وتاريخنا”. ويضيف “اليوم يقود صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله سفينة الاتحاد بنفس الروح، ويسعى إلى أن يتولى أبناء الوطن كافة المهام الفنية والإدارية والحساسة والقيادية لذا وفرت الدولة كافة المجالات لصقل مهارات أبنائها وتعليمهم وزيادة معارفهم سواء بتعليمهم داخل الدولة أو إرسالهم في بعثات خارج الدولة حتى أصبح أبناء الإمارات يمارسون كافة المهن والوظائف التي كانت في يوم من الأيام حكراً على الأجانب، هذا ما رسخه رئيس الدولة ونائبه الذي يعطي معظم وقته لأفراد شعبه ويحرص على الالتقاء بهم ومعرفة أحوالهم وتوفير الضمانات للارتقاء بهم وصقل مواهبهم وخبراتهم”.
مؤلفات عبدالله الطابور:
? كتاب “الحركة المسرحية في الإمارات” سنة 1986.
? كتاب “الألعاب الشعبية في الإمارات”، الجزء الأول سنة 1986.
? دراسة “صناعة الفخار في وادي حجيل” سنة 1987.
? كتاب “الألعاب الشعبية في الإمارات” 1989.
? كتاب “التعليم التقليدي- المطوع في الإمارات” 1992.
? كتاب “رجال في تاريخ الإمارات- الجزء الأول” 1993.
? دراسة نشأة وتطور التعليم في الإمارات، وحصلت هذه الدراسة على المركز الثاني لجائزة العويس للدراسات في الدورة السادسة 1996.
? دراسة تطور المؤسسات الإعلامية في الإمارات، وحصلت الدراسة على المركز الأول لجائزة العويس للدراسات في الدورة السابعة 1997.
? قام بإعداد البرنامج الوثائقي التلفزيوني “عبق الماضي” عام 1997، ويعتبر من أهم البرامج التسجيلية الوثائقية الذي يرصد سيرة خمس عشرة شخصية من الإمارات كان لها دور كبير في مختلف مجالات الحياة منذ مطلع القرن.
المصدر: رأس الخيمة