أسماء الحسيني (القاهرة – الخرطوم)
أعلن مكتب رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبدالله حمدوك أنه سيزور غداً الخميس مدينة كاودا بولاية جنوب كردفان في زيارة تستغرق يوماً واحداً.
وكان رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان عبد العزيز الحلو قد دعا حمدوك لزيارة المدينة التي تسيطر عليها الحركة، التي تتفاوض حالياً مع الحكومة السودانية للتوصل إلى اتفاق سلام.
وسيكون لزيارة حمدوك لكاودا دلالة رمزية كبيرة، حيث ظلت المدينة التي تعد معقلاً رئيساً للحركة عصية على الرئيس السوداني المعزول عمر البشير الذي طالما أعلن في أكثر من مناسبة أنه سيصلي بمسجدها بعد استعادتها من أيدي الحركة الشعبية.
ووصف خبراء وناشطون سودانيون في تصريحات لـ«الاتحاد» زيارة حمدوك لكاودا بالتاريخية، وتوقعوا أن تزيل الكثير من العقبات أمام محادثات السلام الجارية في جوبا عاصمة جنوب السودان، كما أكدوا أن الزيارة سترسل إشارات إيجابية لأهالي منطقة كاودا وعموم أهالي جنوب كردفان الذين عانوا معاناة إنسانية كبيرة في ظل النظام المعزول، وكانوا في صفوف مؤيدي التغيير، وانتظموا في مسيرات مساندة للثورة السودانية، وتؤكد للجميع أن طريق السلام تم تعبيده، وأنه لا رجعة عن الحرب.
وفي تطور آخر، أدانت الأمم المتحدة أحداث العنف التي شهدتها مدينة الجنينة وضواحيها بولاية غرب دارفور الأسبوع الماضي، وطالبت السلطات السودانية إجراء تحقيق في الأحداث ومحاكمة المتورطين، وأدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس أحداث العنف في الجنينة، وأكد على الحاجة إلى حلول سلمية دائمة لمعالجة العوامل الرئيسة للنزاع، وجدد دعمه لمفاوضات السلام السودانية الجارية.
يأتي ذلك في وقت، شهدت أحياء واسعة بالعاصمة السودانية الخرطوم أزمة في الخبز، استمرت أكثر من أسبوع في بعض المناطق، وقال مواطنون سودانيون من سكان العاصمة لـ«الاتحاد» إن المواطنين في عدد كبير من مناطق العاصمة يواجهون صعوبات في الحصول على الخبز من الأفران، وأضافوا أن الطوابير أمام المخابز عادت مجدداً، وانتقد المواطنون عدم اتخاذ الجهات الحكومية أي إجراءات لتخفيف حدة الأزمة التي بدأت تتصاعد، وطالب المواطنون بضرورة مبادرة الجهات المسؤولة إلى الإسراع بوضع الحلول التي توفر وصول الدقيق إلى المخابز.
وفي الوقت ذاته، تجددت في الخرطوم أزمة المواصلات، وشهدت كثير من أنحاء الخرطوم اكتظاظ المواطنين، مع غياب المركبات العامة، مما اضطر كثير من المواطنين إلى انتظار وصول المواصلات لفترات طويلة، أو الاضطرار للسير على الأقدام. وفي حين قال بعض أصحاب المخابز بالخرطوم إن السبب في أزمة الخبز هو ارتفاع تكلفة انتاجه، إلا أن كثيرين أكدوا لـ«الاتحاد» أن هذه الأزمات مفتعلة، وأن أصابع الاتهام تشير لفلول الدولة العميقة، التي تسعى لإثارة الأزمات الواحدة تلو الأخرى أمام الحكومة الانتقالية لإفشالها، وإثارة السخط ضدها.
وقال صالح منصور القيادي بحركة تحرير السودان بقيادة ميني أركو ميناوي لـ«الاتحاد» إن فلول الدولة العميقة يتربصون بالتغيير الذي حدث في السودان، ويريدون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وأكد منصور إن هؤلاء الفلول هم من حرك أحداث الفتنة والقتل في الجنينة وبورتسودان مؤخراَ.
ومن جانبه، قال محمد حمد سعيد أمين المكتب السياسي لقوى نداء السودان لـ«الاتحاد» إن فلول النظام السابق يريدون أن يرسلوا رسائل إحباط وخذلان لجموع الشعب السوداني، بأن التغيير غير مجد، وأن حكومته غير فعالة، وأن الأزمات لن تنتهي، والمعضلات لن تحل. لكن سعيد أعرب عن اعتقاده بأن الشعب السوداني بتكاتفه ووحدته ووعيه قادر على هزيمة فلول النظام السابق وإحباط مؤمراتهم.
ومن جانبه أشار صلاح جلال القيادي بحزب الأمة القومي في تصريحاته لـ«الاتحاد» إلى تصريحات قيادات النظام المعزول التي كانت خلاصتها إما إشراكهم في السلطة أو الدم للركب، وأكد جلال وجود عقل مركزي يخطط لإحداث الفوضي في السودان كله، مشيراً إلى النزعات القبلية في الجنينة التي راح ضحيتها 40 قتيلاً، وأحداث بورسودان التي أودت بحياة 8 أشخاص، واحتراق طائرة كان من المفترض أن تقل مسؤولين حكوميين، ومقتل 16 شخصاً على متنها، والعصابات التي تهدد سكان أم درمان، والمجموعة المنفلتة التي قامت بالتعدي على فتيات في رأس السنة بالخرطوم.
وأضاف جلال: إن نظام الإنقاذ المعزول كان عصابة في شكل دولة، قامت خلال الثلاثين عاماً الماضية على شبكات إجرامية تمتلك عناصر القوة، المال والسلاح، وقد نسجت شبكة معقدة من المصالح.
وأكد جلال أن هذه الشبكات الإجرامية لن تستسلم من غير مواجهة، وقال: إن الحزم ضروري، لأن كل المتضررين من فلول النظام السابق من التغيير والتفكيك سيستخدمون كل ما تحت أيديهم وتصرفهم من إمكانيات، وما في معرفتهم من خبرات للتآمر، ويجب على قوى الثورة أن تقوم بمزيد من التعبئة والاستعداد لإكمال المهام الثورية في اقتلاع جذور النظام البائد، وتفكيك مؤسساته الأمنية والسيطرة عليها، وجمع السلاح غير المرخص، كما يجب رصد وتجفيف منابع التمويل من الشركات والأفراد، الذين يثبت وقوفهم خلف هذه الأنشطة التخريبية.
كما طالب القيادي بحزب الأمة بمزيد من التعبئة السياسية وتقوية التحالف القائم الآن بين قوى الثورة المتمثلة في قوى الحرية والتغيير والقوات المسلحة وقوات الدعم السريع، ومجلسي السيادة والوزراء، لمواجهة هذه المرحلة الحرجة للثورة، التي هي أكثر خطورة وتعقيداً من مرحلة إسقاط النظام، مؤكداً أن أمن السودان والمواطنين خط أحمر.