7 مارس 2008 22:40
بينما أنا أتنقَّل بين حارات قريتي، لا أعرفُ هل أبحث عن شيء أو هل هناك من يبحث عني؟ ربما كنتُ أبحث عن ذاتي، وربما عن قضيتي أو عن بقائي حياً حتى هذه اللحظة، أو عن محبوبتي التي لا أعرف ملامحها؟·
سمعتُ صوتاً يناديني من جهات أربع، الشرق والغرب والجنوب والشمال: أنتَ أيها الغائب الحاضر·· أيها الباحث عن اللاشيء·· قف· وقفتُ، نعم·· أتناديني؟·
قال: نعم أناديك، فعمَّ تبحثُ حولك، وفي ذاتك؟·
قلتُ: أبحث عن أشياء ربما لا أفهم كثيراً فيها·
قال: اسألني، ربما أجيبك·
قلتُ: أسألك عن هذا الظلم والقتل المتعمد لبني البشر، خصوصاً المستضعفين منهم، أسألك عن شعبي، عن قضيتي··
قال: اسمع يا صاح؛ أما قتل المستضعفين، فإنه حق طالما قبلوا بضعفهم واستسلموا·· وأما أنتَ وشعبكَ، فأنتم اللاشيء··
هززتُ رأسي غضباً أنحنُ لا شيء!!·
نعم أنتم لا شيء ولا أستميحك عذراً في قولي، فإنكم أسلمتم ذقونكم لرجال أوهموكم أنهم يتوافدون على عتبات فرعون وهامان من أجلكم لكي يهبوكم الحياة، قدموا لهم كل شيء حتى لم يبق لديهم أي دماء في وجوههم إذ إنهم قدموها قرابين لفرعون وهو الذي لم يشفق عليهم، ولم يعطهم شيئاً فحتى ملابسهم نزعها عنهم، ولم يبق لهم سوى وريقات توت تستر عوراتهم· هذا النوع الأول من الذين أسلمتموهم أمركم·
أما النوع الثاني، فهم أولئك الذين أطلقوا لحاهم حتى وصلت إلى صررهم، وحملوا بأيديهم مسبحات تثقل أيديهم حتى وصلت إلى أصابع أرجلهم· هؤلاء لهم فرعونهم وهامانهم، فقد ذهبوا إلى عتباتهم، ولكنهم نسوا عصاهم السحرية، ولم يصحبوا معهم أخاهم هارون أفصحهم لسانا وأكثرهم حنكة، هؤلاء المتحدثون زورا وبهتاناً باسم الدين والدين منهم براء·
أرأيت يا صاحبي لمن تسلمون ذقونكم؟·· فإن كانت هذه رجالاتكم، فأنتم لا شيء، ولا وجود لكم!!·
أما قضيتكم فهي القضية العادلة التي لا غبار عليها، ولن تنتهي······ هي في دور السبات الآن، ولا بد لها وأن تبقى ما بقي الوجود·
قلتُ: ما العمل يا رعاك الله، يا هذا؟·
قال: اصحوا من غفلتكم، وانفضوا عنكم غبار الوهم والكسل، انتفضوا مرة بعد مرة حتى ألف مرة، كي تبعدوا هؤلاء الرجال بمسمياتهم وسحرهم ودجلهم، وأخلوا الساحة من وجوههم؛ فلستم بحاجة إلى وجوه من دون دماء·· عندئذ سيكون لكم وجود، وتعود القضية إليكم، أنتم أصحابها· لقد سبقناكم بالدفاع عنها، فقضينا ونحن الآن أحياء فاتبعونا على نهجنا وإلا فأنتم الأحياء أموات··
تلفتُ فلم أجد أحداً·· ونسيتُ أنَّ محدثي شهيد·