الجمعة 16 مايو 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لمن الأولوية ·· الزوج أم الأبناء؟

لمن الأولوية ·· الزوج أم الأبناء؟
8 مايو 2005

إعداد- مريم أحمد:
كي نحظى بحياةٍ أُسريّةٍ مُستقرة، وسعيدة، فإن علينا نحن الآباء والأمهات تحديد الأولوية: هل هو صرح الزواج، أم الأبناء؟
من منهما يستحق تصدّر قائمة أولوياتنا، ولماذا؟
وهل يمكننا حقا تفضيل أحدهما على الآخر؟
لاشك في أن الاختيار صعب، ومُحَيّر كذلك، لكن لِمَ لا نتعرف على الإجابة الشافية؟
تُحَدّثنا أندريا إلوفسُن، وهي منتجة تلفزيونية وصانعة أفلام وثائقية وكاتبة مقالات تربوية، عن الأمر بقولها 'سألتُ مؤخرا إحدى صديقاتي هذا السؤال: أي من التالي يمثل لديك الأولوية العُظمى، زوجك أم أبنائك؟ فما كان منها إلا أنها أجابتني كالتالي: يتوجب عليّ أن أقول أن زوجي يجب أن يتصدر قائمة أولوياتي، لكن··'· وقد أكّدت أندريا على أن صديقتها لم تكن الوحيدة التي اختارت أبناءها على زواجها، بل اتفقت الكثير من الأمهات على هذه الإجابة· ولاشك في أن من الطبيعي أن يأتي الأبناء في مُقدمة أولوياتنا، آخذين بعين الاعتبار حقيقة احتياجهم لنا، واعتمادهم الكُلّي علينا· كما أن كلا من مسئوليات العمل المُتزايدة، دفع الفواتير العديدة، والعمل المنزلي قد أبعدنا عن التفكير بموقف العلاقة الزوجية التي تربط الرجل بزوجته· وبالرغم من ذلك، كما تقول أندريا، 'ركّز بعض الآباء والأمهات على مؤسسة الزواج'· ليس هذا فحسب، بل 'اختار غاري وجانين زواجهما ليكون في مقدمة أولوياتهما، وهو قرار صدر باتفاقهما بعد مولد ابنتهما كلارا '· ومن ناحيتها، علقت إليسا مورغان، مؤلفة كتاب 'كيف يُغيّر الأبناء الزواج-
How '
, children change marriage ورئيسة شركة
(Mothers
of preschoolers) الواقعة في مدينة دنفر بولاية كلورادو، على الأمر بقولها: ' اختيار العلاقة الزوجية لتُمَثل الأولوية على الأبناء يتطلب قدرا من الشجاعة، وذلك لأنه يتناقض مع كل ما تعلّمناه عن مفهوم 'المُرَبّي الصالح'· ومن المعلوم أن الوالدان يمضيان أيامهما وحياتهما بلا راحة، أو تأدية تمارين رياضية مفيدة· كما أنهما قد لا يحصلان على القدر الكافي واللازم من التغذية الصحية· ليس هذا فحسب، بل لا يجدان الوقت الكافي ليكونا معا، وكل ذلك في سبيل تربية الأبناء· بمعنى آخر، يتجاهل الأب أو الأم احتياجاتهما، وحياتهما الخاصة تماما في ظل وجود الأبناء· والحقيقة هي أنه بتجاهلنا لاحتياجاتنا واحتياجات العلاقة الزوجية التي تربطنا بشريك الحياة يُعتبر سببا مُدَمّراً لأبنائنا· والآباء والأمهات من النوع المُضَحّي يعلّمون الطفل تجاهل رغباته واحتياجاته في سبيل إسعاد الآخرين، وإرضائهم· ومعظمنا، إن لم يكن جميعنا، يعلم أن إنجاح العلاقة الزوجية يتطلب جُهدا مُشتركا ومتبادلا من الطرفين، لكن تحديد أولوياتنا بالطريقة التي ذكرناها قد يجعلنا عُرضةً للشعور بالذنب، أو الحيرة في كيفية خلْق التوازن السليم بين العلاقة الزوجية والأبناء· لكن يجب التنويه إلى أن محاولة تقوية الرباط الزوجي بين الزوجين لا يعني مَحْو الأبناء من ذاكرتنا، وتجاهلهم أو عدم الاهتمام بهم كالسابق· والمفتاح الرئيسي للنجاح هو النظر إلى العلاقة الزوجية والى صرح الزواج من وُجهة نظر مُختلفة·
لا يقتصر مفهوم الزواج على جمع شمل شخصين فحسب، بل هو أكثر من ذلك· الزواج كالأطفال، هو نتاج ' اتحاد الحب، ويعتمد على الرعاية والاهتمام المستمر والمتواصل من أجل البقاء '· وكوننا آباء أو أمهات، فإن من المستحيل أن نقول في يوم ما جملةً مثل: ' لا أستطيع إطعام طفلي اليوم لأني مُنشَغِلٌ جدا·'، لكن العديد من الأزواج يمضي أسابيع طويلة وعديدة لا يهتمون فيها بشريك أو شريكة الحياة· وهذا بدوره يجعل صرح الزواج أشبه بطفل يتجاهل أهله مطالبه واحتياجاته· وبالتالي يضعف، ويفقد بريقه· وعلى هذا علقت مورغان، بقولها: ' يُعَدّ الزواج بمثابة كائن حي يتنفّس· ولا يقتصر معناه فقط على شخصين يشتركان في قاعدة تقضي بأن يهتم كل منهما بنفسه بعيدا عن الآخر· نحن نحتاج إلى استثمار طاقاتنا في هذه المؤسسة الاجتماعية، ويتوجب علينا تغذية هذا الكائن الحي، وتقويته، وتنشئته'·
وفي حال شعر أحد الأزواج أو الزوجات بأنه مقصّر فيما يتعلق بعلاقته مع شريك الحياة، فقد حان الوقت للتخلّص من الشعور بالذنب، ومن الأعذار الواهية، والبدء بالاهتمام 'بمولوده الأول'، ألا وهي: علاقته الزوجية·
طرق مضمونة
ما يلي عرض لطرق عَدّة يمكنك إتباعها في سبيل تقوية العلاقة الزوجية، وإنعاشها· وهذا من شأنه أن يعزز من قوة عائلتك، وشخصية أبنائك الذين يعتمدون في الدرجة الأولى على علاقة الوالديَن ببعضهما البعض· الجدير بالذكر أن الطرق التالية لا تخفى على أي من الأزواج والزوجات، لكن الإرادة والرغبة في تصحيح الوضع هي التي ستؤدي إلى تطبيقها·
وقد تكفي خمسة عشرة دقيقة تقضيها مع شريك الحياة لإعادة الحياة إلى علاقتكما· يمكنك مثلا إرسال بريد الكتروني يحمل في طيّاته الالكترونية عبارات الغزل والشوق، أو قم باتصال هاتفي خلال فترة الاستراحة أثناء الدوام للإطمئنان على شريك الحياة أو السلام عليه· ويمكنكما مثلا اختيار وقت معين، قد يكون بعد خلود الأطفال للنوم، لتجاذب أطراف الحديث، أو الخروج في نزهة تحت ضوء القمر·
استعادة ذكريات الزواج
يُذكر أن تصفح ألبوم صُور عن يوم الزفاف، أو مشاهدة شريط فيديو عن شهر العسل مع شريك الحياة، له فعل السحر في توطيد العلاقة بين الزوجين·
التواصُل
وهذا يتطلب ما هو أكثر من جملة: ' صباح الخير، هل يمكنك إيصال الأبناء إلى المدرسة اليوم؟ '· الجدير بالذكر أنه بالرغم من أن التحدث مع شريك الحياة عن الغيرة، والحسد، والغضب، أو ' الجنس ' يُعَدّ من الأمور غير المُريحة على الإطلاق، إلا أنه من الضروري جدا لضمان إضفاء الحميمية للعلاقة الزوجية· وفي حال لم تكُن مستعدا للتحدث مع شريكة حياتك عن هذه الأمور، أو العكس
إلتمس الأعذار عند الخطأ
هل من الضروري أن تغضبي من زوجك لأنه نسي شراءَ غرضٍ ما من السوبر ماركِت؟ أم هل ستتذكّرين أنك قمتِ بعملٍ مماثل الأسبوع الفائت؟ من الجدير بالذكر أن عباراتٍ مثل: 'ذلك يحدث مع الجميع'، أو 'لا أحد معصوم من الخطأ والنسيان'، لاشك في أنها ستُنسيكِ غضبكِ من زوجك، وبالتالي تؤدي إلى تقوية العلاقة بينكما· ليس هذا فحسب، بل ستُجَنّبْكُما خطر الوقوع في فخ العِراك والشّجار الذي يُعَدّ المُعَكّر الأول لصفو الحياة الزوجية·
الثناء والمدح المُتَبادَل
يُذكر أن الثناء على شريك الحياة، أو شكره على عملٍ ما يُعتبر من أسهل الطرق المعروفة لدَعْم وتقوية روح الفريق الواحد· ولاشك في أن الثناء على جهود الزوج ومحاولاته احتواء شقاوة الأبناء يعتبر من الأمور الرائعة وذات المردود الايجابي على العلاقة الزوجية·
الصبر والتحمل
قد تكون هناك أوقات عندما يستحوذ الأبناء على الوالدين، وذلك يظهر بوضوح بعد ولادة الطفل· وما يحدث أنه بعد ولادة طفل، فإن فترات نوم الأم ستقل، وتحتاج بالتالي إلى فترات راحة أكثر قد تُبعدها قليلا عن زوجها· كذلك قد لا تكون قادرة على الخروج معه لقضاء سهرة جميلة بوجود طفل رضيع· هنا يصبح من اللازم أن يُذَكّر الزوجان بعضهما بأن الأوقات الصعبة ليست سوى فترات مؤقتة ولن تستمر مدى الحياة·
من المعلوم أننا لا نستطيع العناية والاهتمام بأبنائنا وفلذات أكبادنا وبزواجنا، في حال أهمَلنا أنفسنا، ولم نَكُن قادرين على تلبية احتياجاتنا أولا· فإذا ما شَعرْتَ بالجوع، تناول شيئا تَسُدّ به جوعك على الفَوْر· وفي حال لم يكن لديك وقت لتنام وقت القيلولة، قُم بإلغاء موعد لتحظى وتَنْعَم بوقت إضافي تقضيه مع أبنائك· واحرص على تأدية تمارين رياضية مفيدة لصحة القلب ثلاثة أيام في الأسبوع على الأقل· ولو لمرة واحدة كل أسبوع، حاولا القيام بأي أمر تحبانه: قراءة كتاب، ممارسة هواية، أو حتى أخذ قسط إضافي من النوم·
في النهاية، أود التعليق بالقول أن التربية الجيدة لا تعني وضع الأبناء أو الزواج في مقدمة أولوياتنا· بل يتعلق الأمر بضرورة الاهتمام بكليهما على نحوٍ عادِل ومتوازن· وقبل أن نتمكن من إدراك ذلك، سيحلّق أبنائنا كُلٌّ إلى حياته الشخصية وعالمه الخاص، وسيتركون خلفهم: إما عُشًّا خاليا، أو عصفورَي حُب لا يزالان يُغَرّدان رغم السنين الطويلة التي قضياها معاً·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض