25 نوفمبر 2011 22:05
حراك وتفاعل وصياغة جديدة جديدة تشكل وعي الطفل وتعزز قدراته الذهنية، شكله مؤتمر الأطفال العرب الدولي في دورته الواحدة والثلاثين، الذي استضافته الإمارات للمرة الأولى مرة منذ انبثاقه في عام 1980 على مدار 8 أيام، من تنظيم التنمية الأسرية، وكانت حصيلة المؤتمر الذي اختتم فعالياته الأحد الماضي، إصدار مجموعة من التوصيات منها تبني كل طفل مشارك في المؤتمر محو أمية ثلاثة أفراد من المحيطين به، بالتعاون مع الجهات المخـتصة في بلده.
استراتيجيات واضحة
تضمنت التوصيات حث الدول على تبني استراتيجيات واضحة حول التنمية المستدامة في مجال البيئة والصحة والجانب الاقتصادي الاجتماعي، تلبي احتياجات الأجيال المقبلة، والاستفادة من الاستراتيجيات والخطط والبرامج التي أعدتها شعبة التنمية المستدامة - إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وكذلك حث الدول على تبني برامج التوعية في مجال التنمية المستدامة في المناهج التعليمية، كبرامج أساسية ودراسة الأثر من استفادة الطلاب العملية منها، وطالب وزارات الثقافة والاعلام والتراث والتربية، بتبني برامج لتعزيز الهوية الوطنية، والمحافظة على الإرث التاريخي والثقافي لتحقيق التنمية الاجتماعية والثقافية المستدامة.
وتبنى الأطفال العرب اللغة العربية في التواصل مع أقرانهم من الأطفال، من خلال استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة كافة، خصوصا قنوات التواصل الاجتماعي، وتوصيات أخرى من قبيل حث الدول على تكثيف حملات التوعية الخاصة بتدوير النفايات، وتوفير المستلزمات اللازمة للأسرة والمجتمع لضمان تطبيقها، وسن القوانين والتشريعات الملزمة للقطاع الصناعي بالاستخدام الأمثل لمخلفات النفايات وملوثات البيئة، وفقا لمعايير الاستدامة البيئية والصحية.
وتبنى الأطفال المشاركون في المؤتمر شعار المؤتمر “التنمية المستدامة مسؤولية الجميع”، وأن يكونوا سفراء للتنمية المستدامة في مدارسهم ومجتمعاتهم، وتوجيه استثمار الدول لزيادة مشـروعات التـنمية الزراعـية، في الـدول التي تمتلك مقومات الزراعة وتنقصها رؤوس الأموال، لتحقيق ذلك وتعزيز التوعية بأهمية الأغذية الطبيعية، وحث الحكومات على دعم منتجاتها، للمحافظة على الصحة العامة المحققة للاستدامة الصحية، ودعم التبادل الثقافي بين الدول بما يخدم مفهوم التسامح وقبول الآخر بالتعاون مع المنظمات ذات الصلة، وتعزيز الوعي بأهمية الترشيد الأمثل للاستهلاك والإنفاق بما يخدم متطلبات التنمية المستدامة.
عمل متواصل
شكل اليوم الختامي حصيلة نتاج ورش الموسيقى والإيقاع الجسدي والدراما والشعر والرسم وباقي الورشات، بحيث استمتع الحضور بعروض فنية من خلال العزف الفردي والجماعي على آلات موسيقية، وتقديم عرض مسرحي، وقبل قراءة التوصيات تم عرض فيلم فيديو كحصيلة لما تقدم من ندوات ورحلات علمية وترفيهية، عما قدمته ورشة الموسيقى على مسرح الحفل الختامي من عروض موسيقية تتحدث عن موضوع المؤتمر الاستدامة.
إلى ذلك، يقول خير رشوان، مدرس موسيقى في مدرسة حمودة بن علي، ومشرف على ورشة الموسيقى في المؤتمر، التي شارك فيها إلى 20 طفلا، إن الأطفال المشاركين مميزون جدا، موضحا أنه أنجز بمعية الأطفال لوحة موسيقية من أداء المجموعة المشاركة عرضت في الحفل الختامي للمؤتمر، تحت عنوان “سماعي خير”، كما قدم عملا آخر في الحفل تحت عنوان “الاستدامة”، وتقول كلماته “يا أهل الأرض أغيثونا، كوكبنا الأرض يدعونا لبناء الغد الأجمل”. وأوضح رشوان أن الكلمات من إنجاز ورشة الشعر، وأضيف عليها عليها كلمات إنجليزية لإتاحة الفرصة لمشاركة باقي الأطفال الأجانب في هذا العمل.
ويقول رشوان إن الموسيقى تنمي الذوق وتهذب السلوك، وتقوي الذاكرة وتحفز على التميز وتعلم التنافس، كما شمل الحفل الختامي على معرض مفتوح تضمن أكشاكا لكل الدول المشاركة الى عروض تذكارات ومنتوجات تراثية وكتب ومجلات وجرائد وأشياء أخرى من الموروث الثقافي لكل بلد، وشمل أيضا المعرض جانبا من نتاج الورش التعليمية في المؤتمر بحيث عرضت مجموعة من اللوحات المميزة كنتاج لورشة الرسم، وكذا عرضت حصيلة ورشة تدوير النفايات.
أطفال من الإمارات
شارك في مؤتمر الأطفال العرب الدولي الحادي والثلاثين 40 طفلا من الإمارات، حيث مثل المشتركون الإمارات السبع، والعدد أربعين له دلالة في هذا المؤتمر، حيث يصادف الاحتفالات الوطنية بالذكرى الأربعين لقيام الاتحاد. عن معايير اختيار المشاركين، تقول أمل جوهر، مسؤولة عن سير عمل والإشراف على مجموعة أطفال الإمارتيين في المؤتمر “تم اختيار هؤلاء الأطفال من جميع الإمارات، وهم أطفال لهم قدرات ذهنية عالية ومواهب مميزة، وأغلبهم حاصلين على جوائز محلية سواء على صعيد مدارسهم أو على صعيد الدولة، أما طريقة الإشراف فهي كانت بتخصيص مشرفة لكل 5 أطفال، ويشارك الذكور والإناث بنفس النسبة، أي 20 طالبة و20 طالبا، وشارك هؤلاء في كل الفعاليات وفي كل الورش التعليمية”.
من جهتها، تقول بهية المزروعي، رئيسة فريق الإشراف على الوفود المشاركة في مؤتمر الأطفال العرب الدولي، وأخصائية إدارة مشاريع بمؤسسة التنمية الأسرية إن توديعهم لآخر وفد كان يوم الأربعاء الماضي، وتشير إلى أن عمل فريقها تمثل في الحرص والإشراف على كل التفاصيل التي تخص الأطفال والمشرفين عليهم وأهلهم في تسكينهم في الفندق وفي الرحلات، وفي توفير كل ما يلزمهم لقضاء مدة المؤتمر في أحسن الظروف.
وتوضح “بدأنا عملنا من 9 نوفمبر قبل انطلاق المؤتمر، حيث عملنا على توفير الإقامة لـ180 شخصا في الفنادق، وعملنا على توفير ممرضة وطبيبة وسيارة الإسعاف، وحاولنا توفير كل المستلزمات، بالإضافة إلى القيام بالزيارات والرحلات الترفيهية، وزودنا المشاركين والمشرفين عليهم بجهاز آيباد لتسهيل التواصل بينهم، وترشيد استعمال الورق.
وكالة أنباء
شهدت المزروعي وفريقها تجارب الأطفال عن قرب ولمست تفوقهم، من خلال سهرها على احتياجاتهم، حيث احتكت بالأطفال في يومياتهم خارج فعاليات المؤتمر الرسمية ما جعلها تحتفظ بذكريات كثيرة عنهم، تقول “لم يكن اختيارهم للمشاركة في المؤتمر عبثا، فهم كلهم مميزون، فأذكر على سبيل المثال بثينة الحمادي من وفد الإمارات الحاصلة على جائزة الطالب المتميز، ومن الطلبة الذين تركوا لي انطباعا جيدا عليهم وبصموا ذاكرتي الطالب مالك المغربي (14 سنة)، الذي يملك وكالة أنباء، وشارك في تغطية ثورة ليبيا، وأخذت عنه “رويترز” بعض الأخبار، ومن الأحداث التي غطاها معارك “البريقة”. وتقول المزروعي إن المغربي كان يريد شراء كاميرا مهنية مع تجهيزات تمكنه من نقل الحدث، مشيرة إلى أنها اشترت له واحدة.
وقضى الأطفال في رحاب إقامتهم مدة طويلة عايشوها بكل تفاصيلها، وأقاموا خلالها صداقات قوية وتبادلوا الأحلام وآفاق المستقبل، وتقاسموا ليالي الفرح، ما جعلهم يرتبطون ببعضهم البعض ومع المدربين والمشرفين عليهم ما صعب لحظات الوداع والافتراق على أمل اللقاء مرة أخرى. إلى ذلك، تقول المزروعي “افترقنا بقلوب حزينة، في البداية كان هدفنا إنجاح هذه الفعالية من حيث تنظيم الإقامة وتوفير كل الاحتياجات، أما بعد ذلك ولكوننا كنا قريبين منهم، فإن علاقتنا اتسمت بكثير من الحميمية وتخللتها لحظات جميلة ما جعلنا نبني علاقات متينة”.
وعن قراءتها للمؤتمر، تقول الدكتورة جميلة الخانجي، مستشار دراسات وبحوث في مؤسسة التنمية الأسرية، ورئيسة اللجنة العلمية، ورئيسة الجلسة الافتتاحية، والتي قدمت ورقة عمل في المؤتمر بعنوان “تنمية اجتماعية مستدامة قيم وأصالة”، إن الأطفال المشاركين يملكون مواهب كبيرة وقدرات ذهنية عالية”. وتضيف “ذلك لمسناه من طبيعة الأسئلة التي كانت تطرح، حيث تظهر ذكاء الأطفال وما مدى استيعابهم للمادة المطروحة، كما أن نتاج تفاعلهم أظهر مدى استفادتهم من الورش التي شاركوا فيها، بحيث عكس فهما عميقا جدا لمفهوم الاستدامة”.
شبكة الأطفال العرب
شارك في المؤتمر 40 طفلا من الإمارات ومثلوا بلادهم التي استضافت المؤتمر في دورته الواحدة والثلاثين للمرة الأولى في الإمارات، في هذا السياق، تقول الدكتورة جميلة الخانجي، مستشار دراسات وبحوث في مؤسسة التنمية الأسرية، ورئيسة اللجنة العلمية، ورئيسة الجلسة الافتتاحية عن مدى متابعة هذه الفئة وأطفال المؤتمر بشكل عام “أخذنا كل البيانات وأطلقنا مع المؤتمر “شبكة الأطفال العرب”، وسنقوم باستبيانات دورية ترسل لهم تقيس الأثر النوعي الذي تركه المؤتمر على مدى التغير الإيجابي في السلوك وفي حياتهم بشكل عام من خلال محاور المؤتمر، وسنقوم بهذه الاستبيانات كل ثلاثة أشهر وستة أشهر وسنة، وسنعمل على تحليل هذه المؤشرات، لمعرفة الأثر الذي تركته محاوره في حياتهم، وسنعمل على متابعة التوصيات”. أما عن استضافة المؤتمر مرة أخرى في الإمارات؛ فتقول الخانجي إن الإمارات مستعدة من حيث المبدأ لاحتضان مثل هذه المبادرات لما لها من انعكاس إيجابي ومفيد لكن يرجع اتخاذ القرار للأطراف المشاركة.
تقدير الجهود
أثنت مدير عام مؤسسة التنمية الأسرية مريم الرميثي، خلال الحفل الختامي لفعاليات المؤتمر الذي نظم تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، تحت شعار “التنمية المستدامة مسؤولية الجميع”، في كلمتها على الجهود المشاركة في تنظيم هذا المؤتمر في مؤسسة التنمية الأسرية والمركز الوطني للثقافة والفنون، التابع لمؤسسة الملك الحسين. وقالت إن “كثافة المشاركة من الدول العربية والأجنبية، حيث شارك في المؤتمر أكثر من 150 طفلاً، يمثلون 15 دولة عربية وأجنبية، كما حضر فعاليات المؤتمر ما يقارب الـ1500 شخص، تدل على النيات الحسنة للمشاركين في تحفيز مبادئ التنمية المستدامة”.
المصدر: أبوظبي