21 نوفمبر 2011 21:29
ترتدي الحدائق المنزلية حلة الشتاء لتظهر متألقة وجذابة بألوانها وأناقتها وإطلالتها، بعد أن أزاحت عن نفسها ملامح الرطوبة والحرارة التي فرضت عليها شهورا طوالا لتتنفس الصعداء من جديد، فقد بدأ نسيم الصباح العليل يداعب سحرها وجمالها، وترسو على أغصانها العصافير بكل ود ولطف، لتكون مستعدة لاستقبال الزوار والضيوف، لتظل عنوان المنزل والانطباع الأول الذي قد يرتسم على وجوه الضيوف، لحظة أن تطأ أقدامهم المكان، فهي المتنفس الذي يجد فيه أصحاب المنزل فرصة تمضية وقتهم، والتخلص من ضغوطهم اليومية، من خلال الجلوس وشرب فنجان قهوة الصباح والتمتع بجمال هذه الطبيعة الساحرة، التي تمتلك مفاتيح السعادة والبهجة والاسترخاء، عند الولوج إلى عالمها.
في هذا الوقت من السنة، تكون قمة الاستمتاع بجمال الحديقة، حيث نرى أن الكثير من المنازل بدأت تكشف عن هذه اللوحة المرسومة بعناية إلهية، ومن بين هذه الحدائق اخترنا حديقة الطيار جرام أوليفر، لنتحدث عن جمالها ودقة تصميمها، فكثيرا ما يحن أوليفر ويشتاق إلى حديقته المصغرة التي تحيط بمنزله، من حين إلى آخر نظرا لظروف عمله الذي يفرض عليه التنقل والأسفار بعيدا عن المنزل. وقد أطلعنا أوليفر على حديقته التي جاءت لتعكس ذوقه وشخصيته، من خلال تفاصيلها الدقيقة، التي حرص على أن ينتقي مفرداتها بعناية ليشكل بها الصورة المرسومة في ذهنه حول مظهر وملامح ملاذه ومحطة راحته.
محطة مثالية
ويوضح أوليفر، أن الطبيعة بكافة أنواعها وأشكالها، تعتبر محطة مثالية للإنسان، ودواء ناجع له، بعيدا عن صخب الحياة الحديثة وملوثاتها التي جلبت الكثير من الأمراض والعلل، فوجود الغطاء النباتي إنما يساعد على امتصاص هذه الغازات السامة وبالتالي الإسهام في علاج مشكلة البيئة التي تهدد الكائنات الحية كافة.
فنشر الرقعة الزراعية وتواجد النباتات والأشجار في كل بيت أو حتى نشر الأوعية والأصص الزراعية لتطل على شرف المباني، هي مسؤولية مجتمعية، فمن لا يحب ان يستيقظ صباحاً على جمال نباتات وأشجار تزين فراغات منزله وردهاته، لتبعث فيه الحياة والنشاط، ومن لا يرغب بأن يتلذذ بهذا الجمال الرباني، وأن يجد بيته ومحيطه قد ارتدى حلة باعثة على الأمل والتفاؤل. فوجود الحديقة في وقتنا الحالي هي ضرورة من ضرورات الحياة، فعدا عن احتياجات البدن للهواء والمأكل والمشرب فأيضا نجد أن النفس بحاجة إلى جرعة من الراحة والاسترخاء التي تجلبها لنا الحدائق المنزلية.
طراز حديث
وحول ملامح الحديقة المبتكرة التي أراد صاحبها أن تكون كمنتجع يأوي إليه، عندما يريد أن يزيح عن نفسه ضغوط العمل ويريح أعصابه ليسترخي فيها حتى يستعد لرحلة أخرى، تتطلب قدرا من النشاط والحيوية والقوة والهمة، فقد أراد أوليفر أن يستغل الجزء المتاح من منزله وهو الفناء الخارجي له، ليضع أفكاره ويرسم ملامح الحديقة التي يتوق لها، ويجد فيها الراحة التي ينشدها، فنجد أن الحديقة تنتهج الطراز الحديث، وهذه الفلسفة قائمة على أن الحديقة هي امتداد طبيعي للمنزل وتخضع لاعتبارات أهمها راحة أهل البيت أكثر من استخدامها كمتحف للنباتات أو حتى كمجموعات للزينة فقط، حيث يتم إدخال عناصر أخرى تساهم في الترويح عن المرء، من خلال وجود بركة للسباحة، والتي أصبحت حلقة وصل بين المنزل والحديقة ومكانا للجلوس والاستمتاع والاسترخاء.
هذا التصميم الذي يربط المنزل بالحديقة يوحي باتساع ظاهري لها، في ذات الوقت يتم انتقاء النباتات والأشجار التي اتخذت مكانها عند سور المنزل لكسر جمود الجدران وصمتها. وعادة ما يميل هذا التصميم إلى البساطة والبعد عن التعقيد، لذلك يتم اختيار أنواع من الشجيرات التي لا تحتاج إلى تقليم وصيانة أو تسميد بصورة مستمرة، مع ضرورة استخدام مغطيات التربة بدلا من المسطحات الخضراء في الأماكن الضيقة التي لا تسمح بعمل هذه المسطحات، كما تم استنباط أنواع من الشجيرات والنخليات التي لها مميزات النموذج الفردي الكامل، لاستخدامها في التنسيق بدلا من زراعة مجموعات كبيرة العدد التي يمكن أن نشاهدها في تصميم بعض الحدائق الواسعة.
مظلات وجلسات
ونظرا لأهمية الأحواض في جلب المزيد من المتعة على أصحاب المنزل، فنجد أنها تتوسط حديقة أوليفر.. فهذه البركة الممتدة بمساحة ليست بقليلة، كانت بمثابة محور الحديقة التي ترتكز في الوسط وتتوزع حولها الشجيرات بمستويات مختلفة على أطراف المكان، بجانب الفازات العملاقة البيضاء التي انتقاها أوليفر لتكون في محاذاة حمام السباحة من الجهة الاخرى، أمام البوابة الخلفية للمنزل.
ونظرا لعشق اوليفر للطبيعة والاستمتاع بها فترة من الزمن في الصباح والمساء، فقد حرص على تصميم محطات وزوايا مختلفة للجلوس، ففي الجزء الرئيسي من الحديقة نجد مظلة على الطراز الغربي، على هيئة هرم من القرميد الأحمر، اتخذها أوليفر لتناول فطوره في الصباح الباكر، وفي الجهة الأخرى من الحوض نجد جلسة أخرى بطابع عربي، وتتوسط نهاية بركة السباحة، بطريقة فنية مبتكرة بحيث يحد الجلسة من كلا الجانبين جزء من الحوض، وتعلو الجلسة مظلة من القماش كعازل للماء، وعادة ما يلجاء إليها اوليفر لشرب قهوة المساء، على أوتار نسمات الليل.
لوحة جدارية مضاءة
على مقربة من الحديقة نجد جلسة مصنوعة من الخيزران، وهي محطة للاسترخاء، وتم استغلال الجدار الذي يقع خلف الجلسة، لرسم لوحة جدارية مضاءة على شكل أغصان محفورة في الجدار. لتطل بجمالها ليلا عندما يسدل الظلام ستائره على شجيرات الحديقة. وتتميز بإضاءة مستمدة من الطبيعة في مظهرها، كما يود أوليفر أن يستمتع بجمال الحديقة ليلا، بشكل لا يؤثر على جمالها وجاذبيتها، من هنا جاءت فكرة تصميم هذه الإنارة على شكل أغصان تنمو الوريقات عليها، كلوحة تشكل خلفية للجلسة التي عادة ما تكون ملاذا لأوليفر ليلا. ونظرا لضيق مساحة الحديقة التي تقع في الجهة الخلفية من المنزل، فنجد أن صاحب المنزل قد اعتمد اللون الأبيض في أثاث الحديقة ومنشآتها، لمنح المكان مزيدا من الاتساع.
المصدر: دبي