الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر تتبنى ضريبة القيمة المضافة بدلاً من «المبيعات»

مصر تتبنى ضريبة القيمة المضافة بدلاً من «المبيعات»
21 نوفمبر 2011 00:47
انتهت وزارة المالية المصرية من إعداد مشروع قانون جديد، يقضي بإلغاء ضريبة المبيعات لتحل محلها ضريبة القيمة المضافة، تمهيداً لإصدارها بمرسوم من المجلس العسكري خلال الأسابيع المقبلة. ويأتي مشروع القانون الجديد في إطار خطة اعتمدتها وزارة المالية في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء، تقضي بإعادة تصميم سياسات ضريبية جديدة تتماشى مع الأوضاع المستجدة للاقتصاد المصري وترتكز على توسيع المجتمع الضريبي لزيادة الحصيلة النهائية لمواجهة تزايد النفقات العامة وتوزيع العبء الضريبي على الطبقات الاجتماعية المختلفة وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال النظام الضريبي، إلى جانب منح إعفاءات لقطاعات سلعية ضرورية لا تحظى بمثل هذه الإعفاءات حالياً. كما تهدف خطة وزارة المالية إلى تحقيق الدمج التدريجي لأنشطة الاقتصاد الموازي في أنشطة الاقتصاد الرسمي، تمهيداً لإخضاع هذه الأنشطة للضريبة، إلى جانب المضي في تنفيذ مشروع الضريبة التصاعدية وإخضاع أنواع من الأرباح المتحققة عن التصرفات العقارية للضريبة حتى تكون هذه الضريبة بديلاً واقعياً للضريبة العقارية التي تدرس وزارة المالية إلغاءها نهائياً لامتصاص الغضب الشعبي المتصاعد بعد رفض المجتمع للتيسيرات التي أعلنت عنها وزارة المالية بخصوص الضريبة العقارية، ومنها رفع حد الإعفاء إلى مليون جنيه. رفع الحصيلة ويأتي مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة ليرفع متوسط الحصيلة السنوية من 70 مليار جنيه تجمعها ضريبة المبيعات حالياً إلى 120 ملياراً سنوياً بعد مرور عامين فقط، حيث إن دائرة الإخضاع الضريبي في القيمة المضافة سوف تكون أوسع من المبيعات وستكون ذات شريحة موحدة وهي 10%، بدلاً من النظام المطبق حالياً في ضريبة المبيعات والذي يتضمن ثلاث شرائح ضريبية لعبت دوراً في تغذية أساليب التهرب الضريبي من جانب تجار الجملة أو التجزئة الذين توقفوا تقريباً منذ مطلع العام الجاري عن إصدار أي فواتير ضريبية للمستهلكين، مكتفين بالبيع بنظام "بيان الأسعار" ما تسبب في انهيار حصيلة الضريبة وزاد من عجز الموازنة العامة للدولة نتيجة اتساع الفجوة بين الموارد والمصروفات. وبحسب مشروع القانون، الذي سيوقعه وزير المالية المصري خلال أيام، فإن العمل بضريبة المبيعات المطبق منذ عشرين عاماً سوف يتوقف فور إصدار قانون ضريبة القيمة المضافة التي تتضمن إعفاءات واضحة ومحددة للعديد من سلع الفقراء مقابل التوسع في إخضاع السلع الترفيهية والكمالية وبعض أنواع الأجهزة الكهربائية المستوردة للضريبة الجديدة، حيث إن معظم هذه السلع كانت تتمتع بالإعفاء الجزئي وكانت الضريبة المفروضة عليها لا تزيد على 5%. وتشمل الإعفاءات العديد من السلع الاستراتيجية المستوردة وذات الاستهلاك الجماهيري، وفي مقدمتها السكر والزيت والقمح، وسيتم إخضاع سلع أخرى للضريبة، مثل السجائر المحلية والمستوردة. وحسب معلومات حصلت عليها "الاتحاد"، فإن الحكومة المصرية تسعى إلى سرعة إصدار قانون ضريبة القيمة المضافة استباقاً لانعقاد جلسات البرلمان وحتى لا يمر القانون من خلال البرلمان ومن ثم قد يتعرض لبعض التعديلات غير المرغوب فيها أو التي لا تتوافق مع فلسفة إصدار القانون وأهدافه العامة. نقاش التفاصيل ورغم ترحيب دوائر الأعمال بمشروع فرض ضريبة القيمة المضافة، فإن اتحادي الصناعات والغرف التجارية يطالبان بالتعرف الدقيق إلى تفاصيل مشروع القانون قبل إصداره ومعرفة آليات التنفيذ وطرق تسجيل المنشآت التجارية والصناعية في هذه الضريبة والنظم المحاسبية التي سيجري اعتمادها لمعرفة المرحلة التي يتم فيها تطبيق الضريبة على سعر السلعة، وهل سيكون ذلك في مرحلة الإنتاج وخروج السلعة من المصنع إلى تاجر الجملة، أم في مرحلة التوزيع من تاجر الجملة إلى تاجر التجزئة، أم في مرحلة البيع النهائي للمستهلك، ومن المسؤول عن تحصيلها وتوريدها للخزانة العامة في أي من هذه المراحل، وكيفية مكافحة ثغرات التهرب التي ظهرت في نظام ضريبة المبيعات وتوسعت بمرور الوقت ليصبح التهرب من الضريبة هو الأساس وتحصيلها هو الاستثناء، وكذلك نظم مكافحة التسعير غير الحقيقي للسلع والخدمات، حيث كان مستوردو بعض السلع يقدمون فواتير شراء غير واقعية وبأسعار أقل من الحقيقية التي تم الشراء بها من الأسواق الخارجية بهدف تخفيض قيمة الجمارك المفروضة على هذه السلع عند دخولها وخفض شريحة ضريبة المبيعات عند تصريفها في أسواق التجزئة. ويرى خبراء اقتصاديون وتجار أن ضريبة القيمة المضافة تمثل بديلاً واقعياً لضريبة المبيعات التي طبقت مشوهة منذ 1992، حيث كانت هذه الضريبة تخضع سلعاً غذائية لا يستغني عنها المستهلك، بينما تعفي الكحول والسجائر وأنواع الشيكولاته الفاخرة والمخبوزات الفرنسية التي لا يستهلكها سوى فئة لا تزيد على 1% من أفراد المجتمع، كما أن نظام الحصر والتسجيل والتحصيل في ضريبة المبيعات كان مليئاً بالثغرات وأدوات التهرب وهو ما كشفت عنه الممارسة الواقعية، حيث كانت نسبة التهرب أعلى بكثير من نسبة الالتزام، ما أدى إلى ثبات حجم الحصيلة، ودفع وزارة المالية إلى اللجوء إلى أنواع جديدة من الضرائب والرسوم التي تسببت في مشكلات عديدة لقطاع الأعمال، ومنها على سبيل المثال ضريبة الدمغة النسبية التي تفرض على القروض والتسهيلات الائتمانية التي تمنحها البنوك لعملائها، ما أدى إلى ارتفاع تكلفة التمويل في السوق المصرية مقارنة ببقية أسواق المنطقة. وجعلهذا الوضع البنوك تتحمل مضطرة نصف قيمة هذه الضريبة مع العملاء حتى لا يهرب العملاء منها وكذلك لجوء وزارة المالية إلى زيادة ضريبة الأطيان الزراعية في السنوات الماضية والتفكير في فرض ضريبة عقارية أثارت رفضاً شعبياً واسع النطاق ولا تزال. ويرى الخبراء أن ضريبة القيمة المضافة سوف تحقق العدالة الاجتماعية، التي افتقدها النظام الضريبي المصري طيلة السنوات الماضية، حيث كان هذا النظام يتسم بالتحيز للأغنياء بصفة عامة وتحميل جزء كبير من العبء الضريبي العام في المجتمع للطبقات الفقيرة وموظفي الجهاز الإداري للدولة البالغ عددهم 6 ملايين مواطن يعولون نحو 30 مليون شخص وذلك بإخضاع الرواتب والأجور المتغيرة لهؤلاء الموظفين لضريبة موحدة قدرها 20%. نظام ضريبي عادل ويؤكد نصر أبو العباس، الخبير المحاسبي والضريبي، أن ضريبة القيمة المضافة سوف تكون بداية لنظام ضريبي عادل ومتوازن ويحقق الفلسفة الحقيقية لفكرة الضرائب بصفة عامة، وهي فكرة توزيع أعباء الخدمات العامة التي تلتزم الدولة بتقديمها لمواطنيها من تعليم ورعاية صحية وشق طرق وغيرها على شرائح المجتمع كافة، مع مراعاة ظروف الفئات الفقيرة، والتي يجب ألا تتحمل أي أعباء ضريبة، لأن الهدف الرئيسي من أي نظام ضريبي عادل هو تمكين الفقراء من الحصول على السلع والخدمات بأقل تكلفة بل ومساهمة الأغنياء في تحمل جزء من تكلفة السلع والخدمات التي يحصل عليها الفقراء وفقاً لنظرية التكافل الاجتماعي. ويضيف أبو العباس أن المجتمع المصري في حاجة إلى نظام ضريبي أكثر توازناً ويجب على وزارة المالية ألا تقف جهودها عند استبدال ضريبة المبيعات بضريبة القيمة المضافة، بل يجب أن تمتد لبقية المنظومة الضريبية والجمركية وأن يكون الهدف الرئيسي من إعادة النظر في هذه المنظومة الضريبية هو إطلاق قوى المجتمع الإنتاجية ومساعدة الداخلين الجدد إلى مجال الأعمال، سواء كانوا منتجين أو موزعين أو مقدمي سلع أو خدمات، وتعزيز قدرتهم على المنافسة عبر تخفيف الأعباء الضريبية. ويطالب أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية، بضرورة التشاور مع مجتمع الأعمال من غرف تجارية واتحاد صناعات وجمعيات مستثمرين حول تفاصيل ضريبة القيمة المضافة قبل إقرارها للوصول إلى توافق عام بشأنها، خاصة فيما يتعلق بالجوانب الإجرائية والتنظيمية الخاصة بتطبيق الضريبة حتى لا تفتح الباب مرة أخرى أمام التهرب، لأن هذا التهرب يؤدي إلى الظلم للتاجر أو الصانع الملتزمين، بينما يحصل المتهرب على مكافأة وهو ما كان يحدث في تطبيق ضريبة المبيعات. ويؤكد أن توسيع دائرة المشاركة والنقاش العام حول أي ضريبة جديدة يزيد درجة القبول بها والتفاعل معها من جانب المشتغلين بحركة التجارة والصناعة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©