الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خالد الحوسني: دموع والدي سر نجاحي وحلم القبطان يراودني

خالد الحوسني: دموع والدي سر نجاحي وحلم القبطان يراودني
21 نوفمبر 2011 11:49
الصدفة البحتة غيرت مجرى حياة الشاب خالد إبراهيم الحوسني، فقد كان حلمه في دراسة الإعلام قاب قوسين أو أدنى من التحقيق بعد حصوله على الثانوية العامة، ولكن بوادر التميز التي قرأها في إعلان داخل الجريدة حمله على تغيير رأيه، عندها اتجه الحوسني برفقة والده إلى أبوظبي وبنفس اللحظة إلى مقر الشركة الوطنية لنقل الغاز المحدود «انجسكو» التي نشرت الإعلان عن رغبتها في ابتعاث مواطنين للتخصص في العلوم البحرية، مساهمةً منها في تأهيل قباطنة إماراتيين متمرسين في المجال البحري، فكان الشعور بندرة هذا التخصص في الدولة والفضول بمعرفة خبايا العالم البحري، بالإضافة إلى احساس التميز بأن يكون من أوائل قباطنة الإمارات، دافعاً قوياً لاتخاذ مثل هذا القرار، والعدول عن دراسة الإعلام، لتبدأ قصة اغترابه ونجاحه فيها، بعد أن وصل إلى السنة النهائية حالياً. بعد اجتياز الحوسني اختبارات القبول، لم تكن هناك صعوبة في اختيار الجامعة، فقد كان ذلك قرار جهة الابتعاث «انجسكو» لمبتعثيها بتنسيبهم في أحسن الجامعات البحرية العالمية، وكانت الجامعة البحرية الأسترالية هي وجهته، ولكن بشرط التمرس في اللغة الإنجليزية وإجادتها لأهمية ذلك في عمل القبطان. وكانت الصعوبة التي واجهها الحوسني قبل السفر هي البعد عن الأهل والأحباب لاسيما الوالدين كما يشير خالد قائلا: «لم تتقبل أمي حينها الفكرة بينما أصر أبي على ذلك، وكنت بين ناريين، فمن ناحية أود إرضاء أمي، ومن ناحية أخرى كنت أريد تحقيق رغية والدي في ابتعاثي، مما شكل ذلك لي عائقا كبيرا، بجانب مفاجآت الغربة التي تراودني والذهاب لعالم جديد لا أعلم عنه شيئاً». دموع أبي يصف الحوسني لحظة تواجده في مطار المغادرة بالشعور الرهيب عند الوداع، برغم الفرحة التي ارتسمت على وجه أبيه، فهو لن ينسى الدموع التي خطت طريقها على خد والده، والتي يعتبرها الحوسني سر نجاحه لغاية الآن، وأشعرته بصعوبة المسؤولية التي يحملها، في ان ينهي المطاف بالنجاح كي تفخر به عائلته. عند وصوله أستراليا يصف الحوسني شعوره: «كانت أول مرة استمتع فيها بدرجة الحرارة المنخفضة وبرودة الجو غير الطبيعية مقارنة بأجواء الإمارات الحارة، سفري كان في نهاية شهر أغسطس أي فصل الشتاء في أستراليا، تجولت كثيراً في أرجاء المطار للتعرف على هذا العالم المختلف منذ البداية». ويضيف: «التأقلم مع الوضع، والاعتماد على النفس من أكبر الصعوبات التي يواجهها المبتعث بعد السفر، إن البيئة المختلفة في المجتمع الأسترالي قد تؤدي به إلى طرق خاطئة، كنت شديد الحذر من الانجراف في أية مسالك قد لاتحمد عقباها، كما كنت حذراً في التعامل مع الشعب الأسترالي وهذه صعوبة في حد ذاتها قد تبعث التوتر عند المرء خاصة عندما يكون جديداً على المكان». صداقات الغربة مع أن والد الحوسني حثه على تكوين علاقات قوية مع مجتمعه الجديد، إلا أنه ولحرصه على عدم الوقوع في مطبات هو في غنىً عنها، لم يكن لخالد علاقات متينة مع الأخرين، وينصح الطلبة من خلال حكم تجربته بالحذر في التعامل مع الآخرين ويقول : «يمكن أن أعاشر الناس ولكن لن أعطهم الثقة الكاملة، كي لا أكون صيداً سهلاً للكثير منهم، وهذهِ نصيحة مني، فبعد المعاشرة عليك أن تحكم وتختار لك أصدقاء معينين، يحثونك على دروب الخير لا العكس، اختيار الأصدقاء عشوائياً لاسيما في الغربة أمر قد يؤثر سلباً، ويتسبب في مشاكل كبيرة، وفي الغربة الأصدقاء قليلون ولكن المعارف كثر». ويشير الحوسني إلى أن التعامل باحترام مع الناس يبعث على الرد بالمثل، وأكد أن احترام خصوصية المجتمع الذي يعيش فيه المغترب تنأى به عن المشاكل، وعن ذلك يقول: «أتعامل مع الأستراليين بكل احترام وتقدير، فأنا غريب، ومهما فعلوا فهي بلدهم وعلى كل شخص مغترب احترامها». شرط الاستحمام تعمد جهات الابتعاث إلى تسكين الطلبة عند بعض الأسر وذلك في إجراء رسمي لممارسة الإنجليزية، هادفة بذلك إلى تحسين وصقل اللغة في دول الابتعاث، وفي حادثة طريفة لاتزال تداعب مخلية الحوسني من حين لأخر يستذكرها: سكنت مع عائلة أسترالية مدة قصيرة، قابلتني الأم ووضعت شروطها العجيبة الخاصة بالاستحمام حيث أمرتني باستخدام الماء لمدة ثلاثة دقائق فقط بهدف الترشيد، وعدم الخروج من المنزل إلا بإذن، وعندما بدأت التذمر والتمتمة بعبارات عربية مستغرباً ومستاء، فاجأني الأب بسؤالي عن سبب تذمري، متحدثا بالعربية، ولم أتمالك نفسي لشعوري بالحرج الشديد، فقد كان الرجل من المغرب ويجيد العربية، وأخبرته بشرط الاستحمام، فابتسم قائلاً: لا تخف فأنت في بيتي ولك ماتريد.. لغته العربية أسعفتني حينها مع أني كنت أجيد الإنجليزية، ولكن تواجده كان بمثابة حل لمشكلة الاستحمام بالنسبة لي». ولم تنته المفاجآت عند خالد هنا فقد صادف أن قابل صديقاً له افترق عنه منذ الابتدائية، وأثناء الحديث اكتشف أنهم كانوا أصدقاء، فرقتهم الأيام وجمعتهم الغربة. ويؤكد الحوسني أن الإمارات تمتلك كل مقومات التطور، وخير دليل هو ماوصلت إليه من النجاح الذي يقف شاهداً على كلامه، ولكنه يشير إلى فرق وحيد وكبير في نظام المواصلات بأستراليا، وتنظيمها من خلال السكك الحديدية التي تربط جميع المدن الأسترالية ببعضها البعض، وتغني عن استخدام السيارات في حين ان عجلة التطور والرفاهية المتوفرة في دولة الامارات أفضل بكثير مما تملكه دولة أستراليا. غسيل وتنظيف ولعب يستمتع الحوسني بما يقوم به من الأعمال المنزلية وهو مغترب من غسيل الملابس وكيها وترتيبها، وتنظيف البيت وطبخ وشراء الطعام لأن ذلك يبعث الشعور لديه على الإحساس بالمسؤولية، علماً بأنه لم يكن يقوم بأي منها في الإمارات. كما يمارس هوايته المفضلة في لعب كرة القدم، فهو لايستطيع الانقطاع عنها خاصة أنه كان لاعباً سابقاً في أحد أندية الدولة الذي تركه ليتفرغ للدراسة، وبسبب مهاراته الكروية استقطبه فريق فيكتوريا الأسترالي كلاعب أساسي ضمن تشكيلته، كما سافر مع الفريق لمدن أسترالية عديدة وحصل معه على المركز الثاني في بطولة أقيمت في مدينة «ادي ليد». وكثيرا ما يشتاق الحوسني إلى الوطن والاهل وافتقاد سماع صوت الآذان، وهذا الشوق يعد عاملا مشتركا مع بقية زملائه المبتعثين الذين يمارسون الروحانيات التي تعودوا عليها في الديار على حد قوله. قباطنة المستقبل لايعلم الحوسني عدد الطلبة الإماراتيين في المنطقة، ولكنه يشير إلى أن عدد طلاب بعثته يقاربون الثلاثون وهم في ازدياد، ومقسمين في الدراسة إلى تخصصين مهمين وهما الهندسة البحرية والعلوم البحرية، ومعظمهم سيتخرجون قريبا ليشكلوا فريق من القباطنة الإماراتيين المتخصصين في علوم أعالي البحار منضمين بذلك إلى جيل كامل من المبتعثين الذين يتنظرون العودة لخدمة الوطن. ولكسر جمود الغربة والحياة الروتينية يعمد الحوسني مع زملائه إلى التواصل مع مع بقية المبتعثين في مدن أخرى كما يقوم بتبادل بعض الزيارات معهم وذلك عند تواجده في أستراليا، لأن نظام الدراسات البحرية يختلف عن باقي التخصصات، فلا يقتصر تواجده في أستراليا وإنما يقضي الكثير من الوقت على السفن حيث يتحتم عليه التدريب العملي لاكتساب الخبرة والمهارة وهذه أساسيات يتطلب فعلها وهي أوامر صادرة من المنظمة البحرية الدولية. جهود جبارة يطمح الحوسني أن يكون قبطاناً يقوم بقيادة إحدى السفن الإماراتية وهو يخطط لذلك منذ الآن، بحماس منقطع النظير، مشيراً إلى سبب ذلك في الرعاية الكبيرة التي يتلقاها هو والمبتعثون في هذا المجال من كافة الجهات، كما يعبر عن شكره بالاهتمام الذي يلقونه والدعم المتواصل من خلال الزيارات الدورية التي يقوم بها علي عبيد اليبهوني المدير العام لشركة انجسكو رغم انشغالاته، فهو يحرص على التواجد في أستراليا مرتين على الٌأقل في السنة، لحث الطلاب وتشجيعهم والوقوف على متطلباتهم، مما يشحذ هممهم للنجاح وعدم إضاعة الوقت، مشيرا الحوسني إلى أنه يسعى جاهدا ليكون مشاركا في الارتقاء بالأسطول الإماراتي ومجال العلوم البحرية لتمثيل الدولة بعد ذلك في قيادة سفن الشركة الوطنية.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©