22 فبراير 2010 20:35
يواجه جيل الشباب في عصرنا الحالي انتقادات لاذعة لا تتردد في الحط من قيمتهم وتفكيرهم، فهم في نظر الكثيرين جيل هش وضعيف، وسطحي، غير قادر على تحمل المسؤولية، أو اتخاذ القرارات المصيرية. لكنَّ ثمة مباغتات تصدر عن بعض المنتمين إلى هذه الشريحة تدفع إلى تغيير الأفكار المسبقة حيالهم، وتحفز على الامتناع عن إصدار تعميمات تحبط أصحاب العقول النيرة والمتفتحة والمعطاءة، التي لا شك في أنها موجودة بينهم، وقد شوهت صورتها من غير ذنب اقترفه أصحابها.
التقت «الاتحاد» أحد هؤلاء الشباب المبدعين الذين استثمروا طاقاتهم وقدراتهم وساعات فراغهم في البحث والاستكشاف، فاستحقوا التحفيز والدعم. إنَّه الشاب الإماراتي جاسم آل علي الذي شق طريقه نحو الابتكار والاختراع منذ 8 سنوات، يحدثِّنا عن ذلك فيقول: «أحرص دائماً على قراءة الكتب العلمية وغيرها، وأعشق أفلام الخيال العلمي، ومتابعة المواقع الإلكترونية التي تهتم بالتكنولوجيا والطاقة والالكترونيات وغيرها، بالإضافة إلى دراستي في هذا المجال، مما أسس لدي قاعدة علمية جيدة انطلقت منها حتى وجدت نفسي أجهز غرفة خاصة في بيتي، أقضي فيها بعضاً من ساعات فراغي اليومية، أتساءل وأفترض وأختبر لأصل إلى ابتكار أو اختراع ما»...
المصباح السحري
يشرح آل علي فكرة المصباح اليدوي الذي أجرى عليها تعديلاً، سماه ابتكاراً، ويقول: «لاحظت أننا نحتاج أحياناً لتشغيل المصباح اليدوي في حالة الطوارئ، وقد نكتشف عند حاجتنا له نفاد بطاريته التي تستمر فعاليتها من 2- 3 سنوات تقريباً، ثم تحتاج إلى تغيير، وفكرت: ماذا لو توقف المصباح عن العمل مع أصدقائي في البر ليلاً؟!
عندها ابتكرت جهازاً إلكترونياً مكوناً من ترانزستور ومكثف ومقاومة وموصل، بحيث يعمل على تحويل الجهد (التيار الكهربائي) من البطارية الموجودة في المصباح إلى جهد أعلى عبر تغيير في التردد الكهربائي، وذلك مهما تكن حال البطارية، صالحة أو معدمة، يكفي وجودها داخل المصباح ليقوم الجهاز بعمله، ويعطي الكفاءة المطلوبة، كما منح ابتكاري الجهاز المصباح قدرة على الإنارة لمسافة مئة متر، بعدما كانت لا تتجاوز العشرة أمتار، كغيره من المصابيح الموجودة في الأسواق».
ويتحدث آل علي عن تكلفة ابتكاره وعن الصعوبات التي واجهها: «تكلفة هذا الجهاز بسيطة جداً، ولكن المشكلة في إيجاد القطع الضرورية بالشكل والحجم المطلوبين في الأسواق، مثل الموصل الذي اضطررت لشرائه ولفه بيدي، وفق الطريقة التي تناسب الجهاز».
جهاز ليزر
يخرج الشباب أحياناً إلى البر، حيث يسيرون فيه مسافات كبيرة ينقطع فيها إرسال الهاتف، أو تفقد بطاريته قدرتها على الإيفاء ولو بمكالمة واحدة يطلبون فيها النجدة عند تعرضهم لخطر ما كحادث أو غيره، فما الذي يمكنهم فعله حينها؟!
هذا التساؤل الملح قاد آل علي إلى اختراع جهاز ليزر، كأول جهاز استغاثة مرئي، يوضح عمله بالقول: «هذا الجهاز عبارة عن كرة بلاستيكية زرقاء شفافة، وضعت في داخلها حلقتين متعامدتي المحور، ركبت فيها جهاز ليزر أحادي اللون، لونه أخضر، وزدت مداه إلى 8 كم على أساس أنَّ الليزر الموجود في الأسواق لا يتجاوز مداه 1-2 كم، ووضعت عدسة ثلاثية الأبعاد تأخذ مداها من عدسة جهاز الليزر نفسه، بالإضافة إلى وجود مفتاح للتحكم، وبطاريتين وترانزستور، صغير ينظم عملية توصيل الطاقة من البطاريات إلى أحادي الموصل، لتعكس هذه الكرة، عند رميها على الأرض أو مسكها باليد، ضوءاً على شكل برج أخضر اللون يتوجه إلى الفضاء بزاوية 90 درجة، ولمسافة 8 كم».
آلة طابعة بأبعاد ثلاثية
أيضاً وأيضاً يعتبر آل علي نفسه من المولعين بالأجهزة الثلاثية الأبعاد، تماماً كما هي الآلة الطابعة الموجودة في الأسواق، لكنه عمل على تحقيق إضافات وتعديلاً في آلية عملها، يبينها بقوله: «فكرت في إمكانية أن يكون الشكل الثلاثي الأبعاد الذي تقوم الآلة الطابعة بطبعه بشكله العادي الموجود على شاشة الكمبيوتر شكلاً ثلاثي الأبعاد، ولكنه ملموس، بل كأنه قطعة منحوته نسخة طبق الأصل عن شكلها الحقيقي، فيتسنى لمسها والتعرف عليها عن قرب»...
ويتابع آل علي وصفه لابتكاره: «قمت بتعديل الحبر الموجود في الآلة الطابعة، بإضافة الماء والصمغ إليه، واستبدلت الورق الذي يطبع عليه ببودرة اسمنتية موزعة على مساحة معينة، أشبه بحوض تتم الطباعة فيه على شكل طبقات متكررة ومتعاقبة واحدة تلو الأخرى، حيث تتحرك بفعل رافعة هيدروليك قمت بتركيبها، ويتفاعل الحبر والماء والصمغ مع البودرة الاسمنتية ليعطي للشكل الصلابة المطلوبة.
فقد قمت بصناعة الشكل الهندسي (المعين) بهذه الطريقة الذي احتاج إلى 25 طبقة، أمَّا الزمن الذي استغرقته بين كل طبقة وأخرى، فكان هو نفسه الذي تستغرقه طباعة 25 ورقة بالآلة الطابعة العادية».
يشير آل علي إلى أنَّه صمَّم لهذه الآلة هيكلاً من الخشب والبلاستيك، ولو كان من الألمنيوم فستكون النتائج خيالية، وهذا ما يسعى للوصول إليه على الرغم من صعوبة التعامل مع الألمنيوم وارتفاع تكلفته.
ويؤكد آل علي أن هذه الآلة تخدم كثيراً الأغراض الطبية والتعليمية وغيرها، فالطلاب في الصفوف الدنيا يحتاجون إلى وسائل ملموسة لتتسنى لهم رؤية الأشياء على حقيقتها، وكذلك تفيد هذه الآلة مستقبلا بعد أن تخضع للتطوير بتفعيل الطبقات التي تطبع عليها، لتصل إلى ما يزيد عن 2000 طبقة عندها تصير مؤهلة لصنع كل الأشكال المطلوبة.
مخرطة ميكانيكا
لقد اعتاد آل علي أن يصنع أدواته بنفسه وهذا ما تترجمه مخرطة الميكانيكا المتربعة في زاوية غرفته، والتي قام بصنعها من قاعدتين خشبيتين متحركتين، وثبت عليهما آلة قطع حادة وزودها بمحرك لتحريك القطعة المرغوب تعديلها أو قصها بشكل معين. وهو يأمل أن ترى ابتكاراته النور، وأن تجد الدعم والتشجيع من الجهات المعنية بذلك.
المصدر: الشارقة