الإثنين 21 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 34 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا... خطر قادم من «جبهة النصرة»

30 أكتوبر 2012
منذ أكثر من سنة وإدارة أوباما تؤكد للعالم أن سقوط بشار، هي مسألة وقت، لكن الخبراء كانوا دائماً يحذرون من هذه العبارة، متسائلين عن هذا الوقت الذي سيسقط فيه النظام، لا سيما وأنه كلما طال القتال تزايد احتمال اختطاف ما بدأ كحركة سلمية للمعارضة من قبل المتشددين بمن فيهم حلفاء "القاعدة". غير أن أوباما فضل تجاهل مخاوف الخبراء، مستبعداً أي تحرك كان بإمكانه التسريع في تنحي النظام وزواله مثل فرض منطقة لحظر الطيران، معتمداً بدلاً من ذلك على دبلوماسية أثبتت عدم جدواها، فكانت النتيجة متطابقة مع ما حذر منه الخبراء وأفضت سلبية أوباما إلى ظهور شبح قد يثبت نفسه خصماً عنيداً يطارد البيت الأبيض في عام 2013 تحت مسمى: جبهة النصرة. والحقيقة أن الاسم الكامل لهذا التنظيم "الجهادي" الجديد في الشرق الأوسط، والذي لم يخفِ صلاته بـ"القاعدة"، هو "جبهة نصرة أهل الشام". وفي حين تم التعامل في البداية مع التنظيم باعتباره خدعة، أو صنيعة للنظام السوري، إلا أنه اليوم بات واقعاً ملحوظاً برايته السوداء وعناصره الذين يتصدرون الساحة في المعركة الحاسمة بمدينة حلب. وفيما كان التنظيم الوليد لا يتوافر على أكثر من 50 عنصراً أغلبهم يعملون سراً، فإنه اليوم يتوافر على ألف مقاتل يشنون هجمات مختلفة ضد قوات النظام في جميع أنحاء سوريا، وقد أظهر مقطع فيديو منشور على "يوتيوب" سكان إحدى البلدات التي دخلها الثوار وهم يلوحون بأعلام الحركة المتشددة ويهتفون باسمها، هذا التطور في قدرة جبهة النصرة تشير إليه "إليزابيث أوباجي"، الباحثة المتخصصة في الحركات المتشددة بسوريا قائلة: "لقد تبنت جبهة النصرة هوية متطرفة، ونجحت في حشد بعض التأييد في سياق الحرب الأهلية الدامية التي تعيشها سوريا حالياً". وبالطبع ليست "جبهة النصرة" صنيعة أوباما لعدم تدخله السريع في سوريا، بل هي صنعية النظام السوري نفسه الذي دأب لسنوات على رعاية الإرهاب في لبنان والعراق. فلأكثر من عقد من الزمن سمحت المخابرات السورية لـ"القاعدة" وباقي الحركات "الجهادية" بإقامة قواعد لها وشبكات لوجستية لدعم الهجمات والعمليات ضد الجنود الأميركيين في العراق، واستهداف السياسيين المعارضين لسوريا في لبنان. واليوم يبدو أن بعض تلك الجماعات انقلبت على سوريا، وشرعت في استهداف النظام نفسه، وهم يقومون بذلك لأن الحلف بين الحركات" الجهادية" والنظام السوري لم يكن في يوم من الأيام حلفاً طبيعياً، فالأسد ينتمي إلى الطائفة العلوية التي يخرجها بعض المتشددين من الإسلام، هذا بالإضافة إلى رغبة تلك الجماعات في إعادة بناء قواعد لها داخل سوريا بعد ضربها في العراق وأفغانستان. ولعل المثال الأبرز على هذا الانقلاب، تقول "أوباجي"، هي جماعة "فتح الإسلام" التي كانت تنشط في لبنان بأحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ودخلت في مواجهات دامية مع الجيش اللبناني في 2007، بحيث تعمل اليوم على دعم ومساندة جبهة النصرة. وتضيف "أوباجي" أن جماعة فتح الإسلام "تلقت التدريب على الأسلحة وتقنيات حرب العصابات من قبل الحكومة السورية، وتمرست على ذلك في العراق ولبنان، هذا بالإضافة إلى معرفتهم بالمخابرات السورية وصلاتهم بمجمل الجهاز الأمني السوري"، بل إن جبهة النصرة تخصصت في استهداف مرافق أجهزة الاستخبارات السورية على تعددها وتنوع مسمياتها. ففي التاسع من شهر أكتوبر الجاري، شنت هجوماً ثلاثياً منسقاً بشكل حرفي عال على مقار المخابرات السورية وسط العاصمة دمشق، كما تبنت هجمات أخرى نفذتها مطلع الشهر الجاري في مدينة حلب واستهدفت نادياً للضباط ومرافق تابعة للحكومة. ورغم تأكيد "الجيش السوري الحر" الذي ما زال يعتبر الفصيل المعارض الأكثر حضوراً على الأرض أنه لا يدعم "الجهاديين" ولا يتبنى أيديولوجيتهم، فإنه ومع استمرار الحرب الأهلية والحاجة إلى تعزيزات إضافية لمواجهة النظام تبقى ما تقدمه "جبهة النصرة" مفيداً للثوار عامة بصرف النظر عن توجهاتها. وبفضل الدعم الذي تتلقاه الجماعة، فإنها استطاعت الحصول على المال والسلاح فيما العناصر الأخرى من المعارضة المسلحة ذات التوجه العلماني تجد نفسها مهمشة بسبب إصرار أوباما على عدم تقديم السلاح للثوار، والمحصلة النهائية لكل ذلك، كما تقول الخبيرة "أوباجي"، هو تحول واضح في طبيعة الثورة السورية بحيث "لم تعد الثورة تلك الحركة المطالبة بالديمقراطية والساعية إلى إسقاط نظام ديكتاتوري بغيض، بل لم تحافظ على موقفها الأخلاقي كما كان عليه في السابق بعدما غاصت في المياه العكرة للحرب الأهلية". وإذا قدر للحرب أن تستمر لمدة أطول فلا شك أن جبهة النصرة ستتقوى أكثر، وقد تشرع في ترسيخ أقدامها داخل سوريا وإقامة مناطق نفوذ خاصة بها، لا سيما في المناطق الريفية التي قد تتحول إلى مناطق حاضنة لتنظيم "القاعدة"، بل إنها قد تسعى في مرحلة لاحقة إلى وضع يدها على الترسانة السورية المهمة من الأسلحة الكيميائية، ليكون تمددها خارج سوريا مسألة وقت ليس أكثر. جاكسون ديل محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض