السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإمام البخاري رفض أن يخص الأمير بمجلس علم فنفاه

الإمام البخاري رفض أن يخص الأمير بمجلس علم فنفاه
9 يناير 2009 00:11
الإمام أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري حبر الإسلام، والحافظ لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، مؤلف ''الجامع الصحيح'' المعروف بصحيح البخاري، وقد جمع نحو 600 ألف حديث واختار اصح الأحاديث المروية عن الرسول -صلى الله عليه وسلم ـ· ولد يوم الجمعة الرابع من شوال سنة 194 هجرية· والبخاري من اصل فارسي· فقد كان جده المغيرة مولى لليمان البخاري والي بخارى فانتسب إليه بعد إسلامه وتوفي والده وهو صغير فنشأ يتيما وتعهدته أمة بالرعاية والتعليم، ودفعته إلى العلم وحببته اليه، فشب مستقيم النفس، عف اللسان، كريم الخلق، مقبلا على الطاعة، وظهرت عليه في طفولته علامات النبوغ والنجابة· بدأ البخاري رحلته مع علم الحديث من مسقط رأسه بخارى، بعد أن أتم حفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره، فقد مالت نفسه إلى الحديث، ووجد حلاوته في قلبه، فأقبل عليه محبا ومر على الشيوخ ليأخذ عنهم الحديث، ولما بلغ ستة عشر عاماً كان قد حفظ أحاديث ابن المبارك، ووكيع، وغيرها من كتب الأئمة المحدثين· وكان آية في الحفظ، حتى حفظ آلاف الأحاديث وهو لا يزال غلاما، وسمع بها من الجعفي المسندي ومحمد بن سلام البيكندي، وبعد ذلك ارتحل البخاري بين عدة بلدان طلبا للحديث الشريف ولينهل من كبار علماء وشيوخ عصره في بخارى وغيرها· وكان لا يسمع بشيخ في الحديث إلا رحل إليه وسأل عنه وأخذ عنه علمه، حتى بلغ عدد شيوخه ما يزيد على ألف شيخ منهم إمام أهل السنة والجماعة وكبير علماء المسلمين في وقته الإمام أحمد بن محمد بن حنبل، وعالم خراسان إسحاق بن راهوية الحنظلي وغيرهما من أهل العلم· وتصدر للتدريس وهو ابن سبع عشرة سنة، ولما بلغ الثامنة عشرة صنف كتاب ''قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم''· وكان -رحمه الله تعالى- حسن الأخلاق شديد التقوى والشجاعة راغباً في الآخرة معرضاً عن الدنيا· واشتهر الإمام بشدة ورعه، فقد كان حريصا على ألفاظه عند الجرح والتعديل للرواة، كما اشتهر رحمه الله بالزهد والكرم، يعطي عطاء واسعاً، ويتصدق على المحتاجين من أهل الحديث ليغنيهم عن السؤال، وكان وقافا عند حدود الله، كما كان شديد الحرص على اتباع السنة· وكان قليل الأكل لا ينام من الليل إلا أقله وكان مجدا في تحصيل العلم وتأليف الكتب فيه يقوم من الليل ثماني عشرة مرة أو أكثر يسرج المصباح ويتذكر الأحاديث فيكتبها ويدقق البعض الآخر فيعلم عليها· وكان يقول: لا أعلم شيئا احتاج إليه إلا وجدته في الكتاب والسنة· وما جلست للحديث حتى عرفت الصحيح من السقيم وحتى نظرت في عامة كتب الرأي وحتى دخلت البصرة خمس مرات أو نحوها فما تركت بها حديثا صحيحا إلا كتبته إلا ما لم يظهر لي· وما أردت أن أتكلم بكلام فيه ذكر الدنيا إلا بدأت بحمد الله والثناء عليه· وقال عنه الإمام الترمذي: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أحدا أعلم من محمد بن إسماعيل البخاري· وقال الحسين بن محمد السمرقندي: كان محمد بن إسماعيل البخاري مخصوصا بثلاث خصال مع ما كان فيه من الخصال المحمودة كان قليل الكلام وكان لا يطمع فيما عند الناس وكان لا يشتغل بأمور الناس وكل شغله كان في العلم· وقال أبو إسحاق السرماري: من أراد أن ينظر إلى فقيه بحقه وصدقه فلينظر إلى محمد بن إسماعيل· وكان علي بن حجر يقول: أخرجت خراسان ثلاثة هو أبو زرعة ومحمد بن إسماعيل وعبدالله بن عبدالرحمن الدارمي ومحمد عندي أبصرهم وأعلمهم وأفقههم· وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما تحت أديم السماء اعلم بالحديث من البخاري· أما مؤلفات البخاري فهي كثيرة ومن أجلها كتاب ''الجامع الصحيح'' المعروف بصحيح البخاري· ومن كتبه كتاب ''الأدب المفرد'' سماه بهذا الاسم لكي يعرف انه غير كتاب الأدب الموجد ضمن الصحيح، وكتاب ''التاريخ الكبير'' و''التاريخ الأوسط'' و''التاريخ الصغير''، ''خلق أفعال العباد'' وغيرها· وأما تلاميذ البخاري فأشهرهم الإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري صاحب ''صحيح مسلم''، والإمام أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة السلمي الترمذي صاحب ''السنن'' المعروفة، وخلق كثير يصعب عدهم· وتعرض البخاري للامتحان والابتلاء، فصبر واحتسب، وما وهن وما لان، وكانت محنته من جهة الحسد الذي ألم ببعض أقرانه لما له من المكانة في قلوب العامة والخاصة، فأثاروا حوله الشائعات بأنه يقول بخلق القرآن، وهو بريء من هذا القول، فحصل الشغب عليه، ووقعت الفتنة، وخاض فيها من خاض، حتى اضطر الشيخ درءاً للفتنة أن يترك ''نيسابور'' ويذهب إلى ''بخارى'' موطنه الأصلي· وبعد رجوعه إلى بخارى استتب له الأمر زمناً، ثم ما لبث أن حصلت وحشة بينه وبين أمير البلاد عندما رفض أن يخصه بمجلس علم دون عامة الناس، فنفاه الوالي وأمر بإخراجه، فتوجه إلى قرية من قرى سمرقند، فعظم الخطب عليه واشتد البلاء، حتى دعا ذات ليلة فقال: ''اللهم إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك''، فما أتم الشهر حتى توفي ليلة السبت بعد صلاة العشاء، وكانت ليلة عيد الفطر، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر سنة 256 هجرية بخرتنك وهي القرية التي ولد فيها بالقرب من بخارى
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©