31 يناير 2012
تواصلت ردود الأفعال مع موضوع« التبرع بقطرة دم نهر يروي حياة آلاف المرضى» الذي نشر في عدد الأحد الماضي بملحق«دنيا» في صفحته الثانية، وتناول قصصاً واقعية لمرضى الثلاسيميا وسرد معاناتهم في حياتهم اليومية وتردد بعضهم على مراكز خدمات نقل الدم منذ 20 عاماً. وطلب بعض القراء التوضيحات عن مرض الثلاسيميا والطريقة المثلى، لتجنب الإصابة به وإلقاء المزيد من الضوء على أهمية الفحص الطبي قبل الزواج في ظل التوجه لأن تكون الإمارات خالية من المرض. وكشف الدكتور عصام فرج ضهير منسق مركز الثلاسيميا بدائرة الصحة والخدمات الطبية في دبي أن حياة المصاب بمرض الثلاسيميا تتوقف على تناول الأدوية، وإن عدم تناوله تلك الأدوية أشبه بقرار تدمير حياته وتعريضها للخطر الشديد و قد يؤدي إلى موته. ونصح المتزوجين من حاملي أثر الثلاسيميا، بإجراء فحص في الأسابيع الأولى من الحمل لمعرفة حالة الجنين، إن كان مصاباً، بالإضافة إلى معرفة تطابق أنسجة الجنين، ليستفاد من دم الحبل السري في علاج المريض.
تصاب حالة واحدة من بين 12 شخصا بمرض الثلاسيميا بين مواطني الدولة، ويعتبر الحل الوحيد والمثالي لعدم ولادة مريض بالثلاسيميا، هو أن يقوم كل شخص بإجراء الفحص الخاص بهذا المرض، لأن المرض ينتقل عندما يكون كلا الأبوين حاملين لأثر الثلاسيميا وليس أحدهما.
إلى ذلك قال الدكتور عصام فرج ضهير منسق مركز الثلاسيميا بدائرة الصحة والخدمات الطبية في دبي إن ولادة طفل مصاب بالثلاسيميا تعني أن يتعرض هذا الطفل لنقل الدم كل 3 أسابيع، بالإضافة لحقنه عن طريق مضخة بدواء ديسفرال كل 12 ساعة تحت الجلد، وتوجد بدائل عن هذه الحقنة كمزج دواء مع الماء ويقوم المريض بتناوله عن طريق الفم، وهو عبارة عن أقراص تذاب في الماء أو عصير البرتقال ويستخدم مرة واحدة في اليوم، مما خفف الكثير عن معاناة مرضى الثلاسيميا من الأطفال والبالغين، لكن هذا الدواء مكلف جدا.
وأوضح أن الديسفرال دواء يعتبر استنزافا يوميا، ورغم لذلك فإن حكومة دبي توفر هذا العلاج مجانا لكل مريض بالثلاسيميا سواء كان مواطنا أو مقيما، ونحن نغبط أنفسنا لوجودنا في هذه الدولة، حيث يموت مئات الأطفال والبالغين بالثلاسيميا في دول أخرى، لأن تلك الحكومات لا توفر لهم العلاج اللازم.
ترسب الحديد
وأكد أن منع الدواء عن مريض الثلاسيميا هو قرار بالإعدام، لأن المريض سيتوفى خلال 4 شهور بتوقف القلب، نتيجة تناقص الهيموجلوبين، ونتيجة لتكسر الدم تزيد نسبة الحديد في الجسم، وعليه يترسب الحديد الزائد في الأجهزة المهمة، مثل القلب والكبد والغدد، ويتسبب ذلك في حدوث مضاعفات خطيرة، مثل خلل في وظائف القلب والكبد والسكري وتأخر النمو، ولهذا يجب حقن المريض بالعقار ديسفرال، ويحقن تحت الجلد مدى الحياة.
وأشار إلى أنه من الجديد في العلاج الشافي من الثلاسيميا تعديل الجينات في الخلايا الجذعية في نخاع المريض للمريض نفسه، وبطرق مختلفة ليقوم نخاع العظام للمريض بإنتاج خلايا الدم الطبيعية، ولا تحتاج هذه الطريقة إلى متبرع ولكنها في طور التجارب رغم أنها حققت تطورا، ويتم استنساخ الخلايا الجذعية وإكثارها للاستفادة منها في علاج الأمراض الوراثية.
ويكمل الدكتور عصام فرج: هناك 238 مريضاً تحت المراقبة، تتم متابعتهم من خلال العيادات الخارجية، خاصة أن هناك 450 مريضاً يتلقون عمليات نقل الدم بشكل مستمر في دبي، ناصحاً المتزوجين من حاملي أثر الثلاسيميا، بإجراء فحص في الأسابيع الأولى من الحمل لمعرفة حالة الجنين إن كان مصابا، كما يمكن من خلال هذا الفحص معرفة تطابق أنسجة الجنين، ليستفاد من دم الحبل السري في علاج المريض.
كما أشار الدكتور ضهير إلى أن هناك أكثر من 70 مليون مصاب بالثلاسيميا الصغرى في العالم، وتوجد الإصابة عند كل واحد من كل سبعة أشخاص في قبرص، أما في إيطاليا فواحد من كل عشرة، وفي آسيا واحد من كل عشرين، وفي أفريقيا والبحر الكاريبي واحد من كل خمسين، أما بين مواطني الدولة فإن الرقم التقريبي هو حالة من كل أثني عشر شخصا.
ومن مركز الثلاسيميا التابع لدائرة الخدمات الطبية في دبي قالت خالدة خماس مديرة إدارية إن المركز يستوعب 28 شخصاً في آن واحد، وإن الجرام الواحد من الدواء الذي يستعمله مريض الثلاسيميا، الذي ينقل له الدم كل 3 أسابيع، يعادل في السعر الجرام الواحد من الذهب من حيث القيمة، ومن يتم نقل الدم لهم يتركز لديهم الحديد بصورة كبيرة في الدم، وإن لم يقدم لهم هذا العلاج فإن الحديد يؤدي إلى نتائج مميتة، ولذلك فإن من يتم نقل الدم له يكلف حكومة دبي مبلغا يعد بالآلاف عند كل زيارة.
أحوال المرضى
وقالت إن المركز يعمل مع جمعية الإمارات للثلاسيميا، للوقوف على أحوال مرضى الثلاسيميا لدى المستشفيات في مناطق أخرى من أجل تحسين الخدمات التي تقدم لهم، ومن أجل مساعدة الأفراد المصابـين بمرض الثلاسـيميا الوراثي معنويا واجتماعيـا وتقديم المشـورة لهـم، حيث تقوم الجمعية بالاتصال بالجمعيـات والمؤسـسات العالمية المشابهة، بغرض تبادل المعلومات والخبرات وتشجـيع ومتابعـة الأبحـاث الطبيـة والعلاجـية المتعلقـة بمـرض الثلاسـيميـا.
وتم إنشاء جمعية الإمارات للثلاسيميا لتكون الجهة المساندة والداعمة إنسانيا لمرضى الثلاسيميا، وهي جهة غير ربحية ومن خلال حديث مع عبد الباسط مرداس مدير الجمعية قال إن إدارة الجمعية تقوم على إعداد البرامج للتوعية والتثقيف الصحي في المجتمع، للحد من انتشار المرض والتعرف على كيفيـة الوقاية منه، وهي تؤدي ذلك من خلال تنظيم المحاضرات وعرض أفلام الفيديو ونشر الكتيبات التوضيحية، بالتعـاون مع الجهـات المعنيـة، وتعمل على التواصل مع المرضى أو ذويهم من خلال الجهات الصحية المختصة، ومن خلال وزارة التربية والتعليم.
وعهدت الجمعية إلى تنظيم مسابقة دورية سنوية بالتعاون مع وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي، والتربية والتعليم، تحت عنوان «ماهي الثلاسيميا؟»، واطلقت الدورة الرابعة منذ يومين، وذلك بغرض نشر التوعية بالمرض خلال السنوات الدراسية عند الطلاب والطالبات، حتى يتسنى لهم التعرف على أهمية إجراء الفحص الطبي قبل الوصول لمرحلة الزواج.
ويكمل ابن مرداس أن الجمعية تعمل على توفـر الدعم المعنوي للمرضى وتشجـيع التبرع بالدم على مستـوى الدولة، مع التأكيد على أهمـية التبـرع بالـدم لاسـتمـرار حيـاة مرضـى الثلاسـيميـا، وأيضا توعيـة وتوجيه المقبلـين على الـزواج لإجـراء الفحوصـات الطبيـة المسـبقة، وكي لا تضيع الفرصة على المرضى بسبب آلام المرض أو لانشغالهم بالعلاج، يتم تشجيع مرضى الثلاسـيميا على أن يكونوا عناصر منتجـة في المجتمع، وتعمل على إشراكهم في بنـاء الوطـن وذلـك بتوفيـر فرص التعليـم والعمـل لهـم، كما تعمل على دعوة الجمعيات والمؤسـسات الكبرى في الدولة، لتقديم المساعـدات المادية والمعـنوية للجـمعية وفقـا لأحكـام القانـون.
المشاركة في المؤتمرات
وأكد حرص الجمعية على المشاركة في المؤتمرات سواء على صعيد الدولة أو في المؤتمرات العالمية خارج الدولة، وتم العمل بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم من أجل تطوير المادة العلمية لإدخال نبذة عن مرض الثلاسيميا’ من خلال موجه مادة الأحياء في كتاب الأحياء للمرحلة الثانوية منذ عدة سنوات’ كما تم وضع نبذة عن جمعية الإمارات للثلاسيميا من ضمن المنهج’ ويعتبر هذا إنجاز في مجال التوعية بالمرض.
وذكر أن للجمعية أنشطة كثيرة لدعم مرضى الثلاسيميا ومن أجل توعية المجتمع، وذلك من خلال إقامة حفلات عشاء خيري بالتعاون مع الجمعيات الأخرى، والمشاركة في الندوات الطبية بالتعاون مع المناطق الطبية، كما يتم إصدار الكتيبات والنشرات والمشاركة في اليوم العالمي للثلاسيميا، والجمعية تنظر بعين الامتنان لمبادرة مؤسسة سلطان بن خليفة الإنسانية والعلمية، التي تهتم بمرض الثلاسيميا على المستويين المحلي والعالمي، وسترعى المؤتمر العالمي للثلاسيميا المقرر عقده في أبوظبي عام 2013، مشيراً إلى أنه من ضمن الأنشطة التي تأتي في أجندة عمل الجمعية، المشاركة قريبا في المؤتمر العالمي في تايلاند ضمن مؤمرات الرابطة العالمية للثلاسيميا، ويحضره مرضى من دول أخرى.
ويضيف عبدالباسط بن مرداس أنهم يساهمون في حفل مركز الثلاسيميا، من خلال تكريم المرضى المتميزين في المجالات المختلفة، سواء التفوق أو الزواج أو عند ولادة طفل، وأيضاً تشجيع العاملين على المنتجات اليدوية، ومن أهم المشاركات أيضا مشاركتهم في حملة العطـاء سنويا خلال شهر رمضـان المبارك بالتعـاون مع الدوائـر المختلفـة والمؤسـسات الخـيرية، والعمل على التعاون مع المناطق الطبيـة من خلال محاضرات تثقيفيـة لجهاز التمريض في المدارس.
إجراءات الزواج
حذر عبدالباسط بن مرداس مدير جمعية الإمارات للثلاسيميا، من إكمال إجراءات الزواج قبل الفحص، مؤكدا أنهم ليسوا ضد زواج الأقارب، لكن لا بد من فحص الجنين قبل الولادة للاطمئنان على صحته.
وأكد أهمية دعوة الجمعيـات المختلفـة والمؤسـسات للمشاركـة في أنشطـة جمعـية الإمارات للثلاسـيميا، من خلال الأنشطـة الصيفيـة والمدرسيـة، مشيراً إلى أن الجمعية تساهم في تنظيم حملات التـبرع بالدم مع تلك الجهات، وأن هناك تعاوناً مستمراً مع صندوق الزواج للحـد من انتشـار الأمراض الوراثيـة، بالفحص قبـل الـزواج، خاصـة ضد مرض الثلاسـيميـا.
المصدر: دبي