8 نوفمبر 2011 22:25
دفعت الأزمة المالية في العام 2008 بقطاع المركبات العالمي للدخول في أسوأ أزمة يشهدها في تاريخه الحديث، حيث كانت السيارات التجارية وأساطيل الشركات من بين أول الضحايا. وأحدث انهيار أسواق الائتمان فوضى في سوق الإيجار الذي يمثل شريان حياة القطاع. وللمحافظة على السيولة لم تكن الشركات راغبة في الاستثمار في أساطيل جديدة حيث جعلت القديمة تعمل لفترة أطول.
وربما كانت الشاحنات الثقيلة أكثر المتضررين حيث توقفت طلبيات العملاء المتخوفين، مما يعني بقاء المركبات الجاهزة للتسليم لبعض الوقت في حظائر الشركات. وبعد مرور ثلاث سنوات، كررت أزمة الديون الأوروبية نفس السيناريو وسط شركات صناعة السيارات والشاحنات. لكن تغير الحال هذه المرة، حيث أصبح نشاط تجارة الأساطيل النقطة المضيئة في قطاع المركبات، كما أنه الشريحة الأساسية التي تدعم سوق السيارات في كثير من البلدان مثل بريطانيا. وأرجأت الشركات تجديد أساطيلها إبان الأزمة، لكنها تقوم بذلك الآن وعلى نطاق أوسع. ومن بين كل أرجاء العالم، تظهر عودة القطاع بصورة أوضح في أوروبا، حيث تعافى قطاع الأساطيل بقوة لا سيما ذلك المرتبط بسوق التجزئة الذي أصابه الفتور. وفي الوقت الذي تراجعت فيه مبيعات سيارات الركاب العادية في دول الاتحاد الأوروبي بنسبة قدرها 2% في النصف الأول من العام الجاري، ارتفعت مبيعات السيارات التجارية الخفيفة بأكثر من 9%.
كما ارتفعت مبيعات سيارات الأساطيل في ألمانيا من 37% من جملة سوق السيارات الألمانية في 2009، إلى 58% خلال العام الحالي، وذلك وفقاً للبيانات الواردة عن مؤسسة “جاتو داينميكس” المتخصصة في أبحاث السيارات. وذكرت المؤسسة أن الأسهم في إسبانيا التي ضربها الركود، ارتفعت من 34% قبل عامين إلى 54% حالياً. واستمرت أهمية الأساطيل في الازدياد في أوروبا، أما في بريطانيا حيث يتوقع الكثير من الاقتصاديين عودة الركود الاقتصادي، ارتفعت مبيعات الأساطيل 7% في شهر سبتمبر، حتى في ظل انخفاض مبيعات التجزئة بنسبة 8%. وتشكل تجارة أساطيل السيارات الآن 52% من سوق سيارات الركاب العادية في بريطانيا، وذلك وفقاً للبيانات الواردة عن “جمعية مصنعي وتجار السيارات” التي أعلنت أيضاً عن ارتفاع مبيعات الشاحنات ونصف النقل بنسبة قدرها 9% في الشهر الماضي. وذكرت “ليز بلان” واحدة من أكبر شركات الإيجار في العالم، أنها تجني أرباحاً حتى في اليونان التي تُعد من أكثر دول أوروبا معاناة.
وقال فاهيد دايمي مدير الشركة “استطعنا أن نحقق أرباحا رغم الأزمة، وبوجود كل هذه الصعوبات التي نسمع عنها، لا تزال البوادر إيجابية لكن لا أحد يضمن تحول الأمور في أي لحظة”.
كما تشهد مبيعات السيارات التجارية ارتفاعاً في أميركا أيضاً، حتى في ظل الأنباء المتشائمة الأخيرة عن اقتصاد البلاد. وبصرف النظر عن دورات الإحلال الطبيعية التي يتميز بها نشاط الأساطيل التجاري، إلا أن نظم الحد من الانبعاثات الكربونية الصارمة، تنعش هي الأخرى السوق خلال هذه الفترة العصيبة.
وتقدم الحكومات المركزية والمحلية إعفاءات ضريبية وغيرها من أشكال المساعدات للشركات التي تقوم بصناعة السيارات الصديقة للبيئة التي لا تخلف انبعاثات كثيرة، سواء كانت تلك التي تستخدم الديزل “النظيف” أو السيارات الهجين التي تعمل بالكهرباء.
وبجانب جزرة هذه الحوافز، تواجه الشركات التي لا تنتهج مبدأ السيارات “الخضراء”، عصا فرض المعدلات الضريبية العالية أو غضب المساهمين والعملاء المهتمين بقضايا البيئة. وأشار بارت فانهام المتخصص في شؤون الأساطيل في مؤسسة “بي دبليو سي” الاستشارية العالمية، إلى ممارسة 19 دولة في أوروبا نوعاً من الضرائب مرتبطة بالانبعاثات الكربونية، و تقدم 12 دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي حوافز للسيارات الكهربائية.
ووفقاً لـ “جنرال اليكتريك كابيتال”، فرع خدمة التمويل التابعة لشركة “جنرال اليكتريك”، قللت شركات صناعة السيارات الجديدة عبر الأسواق الرئيسية في أوروبا من انبعاثاتها الكربونية بنسبة 7% في الفترة بين 2008 و 2010. وكانت شركات الأساطيل خاصة العاملة في الطرق القصيرة، أول المتبنين للسيارات الجديدة الهجين التي تعمل بالبطاريات الكهربائية القابلة للشحن والكهربائية.
ويُذكر أن الشركات المشاركة في إرساء البنية التحتية للسيارات الكهربائية مثل “جنرال اليكتريك” و “إي دي أف” الفرنسية”، هي من أول الشركات التي تتقدم بطلبيات كبيرة للحصول على مثل هذا النوع من السيارات. وصاحب أزمة “منطقة اليورو” قلق شديد حول ما إذا كان انتعاش الأساطيل سيستمر أم لا. ويتوقع بعض الخبراء المزيد من عمليات الاندماج في وقت تفكر فيه البنوك التي تملك شركات إدارة الأساطيل، في تقليص محافظها.
كما من الممكن أن يلقي الركود بظلاله على أسعار السيارات المستعملة مما يقود إلى ارتفاع معدل الديون المعدومة وسط العملاء.
نقلاً عن: فاينانشيال تايمز
ترجمة: حسونة الطيب