28 يناير 2011 20:45
يدرك بوب دادلي رئيس تنفيذي شركة بي بي أن الخوض في مشروعات مع روسيا ينطوي على بعض المخاطر، فحين كان رئيساً لشركة تي ان كيه - بي بي (شركة تمتلكها كل من بي بي وتي ان كيه بنسبة 50:50) مع مجموعة من الملياريرات الروس، تورط في نزاع مع المساهمين وأجبر على مغادرة روسيا بعد أن رفضت السلطات تجديد تأشيرة اقامته.
وبعد أقل من ثلاث سنوات يكشف دادلي عن صفقة مقايضة أسهم حجمها 16 مليار دولار مع روزنفت أكبر منتج نفط في روسيا، من خلال هذه الصفقة ستصبح روسيا بشكل غير مباشر أكبر مساهم فردي في شركة بي بي.
وعند كشفه عن الصفقة وبجواره نائب رئيس الوزراء الروسي ايجور سيشين، قال دادلي: “لم أشعر أبداً بأن ما حدث مع تي ان كي - بي بي كان شأناً شخصياً. كانت مهمتي آنذاك تمثيل كلا المساهمين وكنت في خضم نزاع حوكمة بين مجموعتي المساهمين، وكانوا صرحاء جداً معي”.
غير أن الصفقة تشكل منعطفاً جذرياً لتاريخ بي بي في روسيا التي تواجدت فيها لأكثر من 20 عاماً.
وتم حل نزاع المساهمين في تي ان كيه - بي بي التي تشكل حالياً ربع إنتاج بي بي العالمي ونحو خمس احتياطياتها من النفط.
تعود علاقة بي بي مع روزنفت إلى عام 2006 حين اشترت أسهما تقدر بمليار دولار من أسهم روزنفت تساوي حصة 1,25 في المئة، كما أن روزنفت وبي بي قامتا معاً بالتنقيب عن النفط قريباً من جزيرة سخالين قبالة سواحل سيبيريا.
أما عن الصفقة التي أبرمت مؤخراً فقد خضعت للمناقشة لعدة سنوات، بحسب دادلي بجانب الحديث عن مشروع تنقيب مشترك بينهما منذ عام 2005.
ونشأت فكرة مبادلة الأسهم بين الشركتين في الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية. وكانت كلتا الشركتين تعتقد أن سعر أسهمها أقل من قيمتها الفعلية ولذلك كان عليهما اللجوء لفكرة جديدة من أجل مصلحة الطرفين.
يذكر أن أسهم بي بي لا تزال تعاني على خلفية الانفجار الذي وقع العام الماضي في خليج المكسيك مما جعل سعر تداولها يقل 23 في المئة عنه قبل الكارثة.
وتشير أسواق إلى أن صفقة روزنفت يمكن أن تعزز شركة بي بي البريطانية مع زيادة سعر السهم نحو 4 في المئة إلى 49,44 دولار قبل التصريح بخبر الصفقة.
فهل كان لشركة بي بي أن توافق على صفقة مبادلة الأسهم لو لم تكن حادثة خليج المكسيك قد وقعت؟ رد دادلي على هذا السؤال قائلاً: “ربما كنا سنفعل”.
بموجب الاتفاقية ستستحوذ روزنفت على حصة 5 في المئة في بي بي التي ستصدر أسهماً جديدة.
وبذلك ستزيد حصة بي بي في روزنفت إلى 10,8 في المئة وستنفتح بي بي على منطقة في بحر كارا قبالة ساحل سيبيريا تساوي مساحتها بحر الشمال تقريباً وتشابهها من حيث جدوى التنقيب.
وسيتم خلال العامين المقبلين تشكيل شركة عاملة مشتركة تمتلك روزنفت ثلثيها وبي بي الثلث الباقي، وقالت بي بي مؤخراً إنه سيتم تحديد تفاصيل أخرى تشمل هيكلة إدارة المشروع الجديد.
وسيخصص للمشروع ابتدائياً ما بين 1,4 و2 مليار دولار للسنوات العشر الأولى لتغطية الاختبارات الزلزالية الابتدائية ومجموعة من الآبار، وستتحمل بي بي كافة التكاليف التمهيدية ولكنها ستستردها إذا اكتشف النفط والغاز بكميات تجارية.
كما ستدرس الشركتان توسيع شركة تآلفهما بنسبة 50/50 المتخصصة في المصافي وتكرير النفط في ألمانيا.
وبالنسبة لشركة بي بي لن تكون لمبادلة الأسهم تأثير على احتياطياتها أو نمط إنتاجها.
وقد يتم تدوين حصة روزنفت من الاحتياطيات والإنتاج في تقارير بي بي المالية دون إضافتها مباشرة في حسابات الشركة.
ومن الناحية المالية سيكون تأثير الاتفاقية صغيراً نسبياً في الأجل القصير نظراً لعدم الحاجة إلى إنفاق رأسمالي كبير، وروسيا توفر النقد اللازم لشركة روزنفت حتى الآن وينتظر أن تظل كذلك في المستقبل القريب.
وينتظر أن تستفيد بي بي من المياه الغنية بالنفط في جنوبي بحر كارا.
من خلال هذا المشروع المشترك يرى جاسون كيني المحلل في اي ان جي أن توقعات موارد بي بي قد زادت كثيراً.
كما أن الصفقة تشير إلى الاستراتيجية التي ينتظر أن يكشف عنها دادلي في الأول من فبراير مع حصيلة الربع الأخير من العام الماضي فيما يسعى إلى إعادة بناء الشركة عقب كارثة خليج المكسيك.
يقول دادلي: “تنطوي استراتيجيتنا على الانفتاح على مناطق تنقيب ضخمة وجديدة وواعدة”. ويضيف: “ان بي بي متمسكة بعمليات التنقيب البحري على الرغم من حادث خليج المكسيك. غير أننا سنكثف جهودنا في إدارة المخاطر”.
وكانت بي بي قبل كارثة خليج المكسيك تطمح إلى أن تكون الولايات المتحدة مصدر نموها الرئيسي غير أنه نظراً لأن الشركة ما تزال تعاني من غرامات هائلة بسبب عواقب الحادثة، ومن تحقيقات مستمرة من قبل وزارة العدل الأميركية فإن مستقبلها في الولايات المتحدة يظل غير واضح.
ولكي يعيد دادلي بناء بي بي يلزمه البحث عن احتياطيات جديدة، وأهم مناطق النمو هي العراق وليبيا (والتي تعتزم بي بي حفر بئر مياه عميقة فيها هذا العام) وسلطنة عمان (التي لشركة بي بي منشأة غاز برية ضخمة فيها). والآن تنضم لهذه القائمة منطقة روسيا القطبية.
وقال فيليب ميرت من مؤسسة لاميرت اينرجي ادفايزوري الاستشارية التي قدمت الاستشارات لشركة بي بي بشأن الصفقة، إن هذه الاتفاقية تعالج إحدى أهم المسائل التي تواجهها جميع كبريات شركات النفط: كيفية بلوغ نمو مستدام في مجال التنقيب والإنتاج وإثبات ذلك في السوق.
نقلاً عن: فاينانشيال تايمز
ترجمة: عماد الدين زكي