21 فبراير 2010 20:33
بعد النجاح الذي حققه في الموسم الرمضاني الماضي من خلال شخصية (النمس) في مسلسل (باب الحارة)، يجد الفنان الشاب مصطفى الخاني نفسه أمام خيارات صعبة، وهو ينتقي أدواره الجديدة، فالشعبية الواسعة التي حصدتها هذه الشخصية على الشاشة الصغيرة، وحصوله على لقب النجم الأكثر جماهيرية في الوطن العربي لعام 2009 بأكثر من استفتاء، جعله حريصاً على هذا النجاح، وبالتالي على الدقة في اختيار شخصياته الجديدة للموسم القادم.
قاسية وظالمة
مصطفى الخاني كان قد رفض العديد من العروض التي قدمت له، قبل أن يوافق على تقديم شخصية محورية جديدة في مسلسل (ما ملكت أيمانكم) مع المخرج نجدت أنزور، وهو يتوقع لها أن تحقق نجاحاً وحضوراً أكبر من شخصية (النمس).
ويجسد الخاني من خلالها دور أحد المتطرفين دينياً من رجال القاعدة، يدعى (توفيق)، ويعمل تاجراً في سوق دمشقي، لكنه يخفي وجهه الآخر عمن حوله، وتبرز التناقضات في هذه الشخصية بشكل صارخ، ولاسيما أمام ممارساته اللا أخلاقية في الحياة اليومية، وفي الوقت ذاته تشدده وتزمته وتطرفه الديني. وتتصف هذه الشخصية كما يقول الخاني بأنها قاسية ومتسلطة وظالمة، تمتلك رؤية وتصورات جامدة للعالم من حولها، وترفض كل تطور، باعتباره بدعة، وهي غير قادرة على الانسجام مع محيطها، وتقبل الآخر والتسامح معه. وفي حياته العائلية يمارس (توفيق) شتى أنواع القهر والإذلال ضد شقيقته ليلى التي تجسد شخصيتها الفنانة سلافة معمار، فهو يحاصرها ويعيقها عن تحقيق طموحاتها بتعنته وبمحاولة فرض سلطته الذكورية عليها بشكل مجحف. وتتطور الأحداث إلى أن يقوم توفيق بتنظيم بعض الشباب للقتال في أفغانستان والعراق، ومن ثم للقيام بعمليات إرهابية وتفجيرات، ليصبح أميراً من أمراء القاعدة!.
اضطهاد النساء
وعما إذا كانت هذه الشخصية القاسية والمنفرة، يمكن أن تخدش الصورة المحبوبة التي تركها (النمس) في أذهان المشاهدين يرى الخاني أن على الفنان أن يلعب كل الأدوار، فليس الهدف هو دائماً تعاطف الجمهور مع الشخصية، وإنما أن يجسد الممثل دوره بحرفية وإتقان، ليضيف رصيداً جديداً إلى تجربته الفنية. وإذا كانت شخصية (توفيق) شخصية سلبية، فإن نجاحه فيها يرتبط بمقدار كره الناس لها.
ويضيف بأنه يطمح لتقديم شخصيات متنوعة، لكي لا يتحدد في نوع معين من الأدوار، فالنمس الظريف نجح، لكن النجاح لا يتحدد بتقديم أدوار مشابهة، بل بالتنويع لتقديم وجوه أخرى لمصطفى الخاني الممثل، وإثبات قدرته على تجسيد شخصيات متناقضة إلى حد بعيد. ويركز (ما ملكت أيمانكم) على المرأة في المجتمعات العربية، وما تتعرض له بعض النساء من ظلم جسدي ومعنوي واضطهاد من قبل الأسرة والمجتمع، وهن يحاولن أن يثبتن وجودهن ويحققن إنسانيتهن وأهدافهن في الحياة. كما يتناول قيم وتقاليد الطبقة الوسطى وأسباب تلاشيها في المجتمعات العربية، ليحل محلها أشكال من التطرف الديني والأخلاقي، الذي تمثله نماذج مشوهة كشخصية (توفيق). كل ذلك من خلال تقديم صورة مستقبلية لدمشق في عام 2018.
مكر ودهاء
ويقول الخاني إنه بذل جهداً كبيراً في الاطلاع على نمط تفكير مثل هذه الشخصيات، وطريقة حياتها وسلوكياتها، وحتى لباسها، لكي يرسم ملامح الشخصية بشكل مقنع، وهو متفائل كثيراً بتعاونه مع المخرج نجدت أنزور للمرة الثانية، ويرى أنه يعطي الممثل الدور المناسب له تماماً لأنه يتمتع برؤية لا تتوفر عند كثير من المخرجين، ففي حين يبدو مغامراً في تقديم الممثلين في شخصيات جديدة عليهم، فإن خياراته تكشف عن قدرات مهمة لديهم وطاقات كامنة فيهم، ربما لم ينتبهوا لها هم أنفسهم.
وسبق للخاني أن شارك منذ سنوات مع المخرج نجدت أنزور في مسلسل (سقف العالم)، عندما قدم شخصية مقاتل من الفايكنج، فبدأ نجمه باللمعان، لكن فرصته الحقيقية تمثلت في مسلسل (باب الحارة) الذي حقق فيه نجومية مدوّية وبسرعة البرق مع المخرج بسام الملا. وسيواصل الخاني في الموسم القادم تقديم شخصية (النمس) في الجزء الخامس من (باب الحارة) والذي سيبدأ تصويره في شهر آذار القادم، وهو يعد المشاهدين ويطمئنهم بأن النمس لن يكون جاسوساً أو نذلاً ولن يخون أهل الحارة، رغم ما يبدو عليه من علامات المكر والدهاء والانتهازية.
عودة الديناصورات
مصطفى الخاني من الفنانين الذين يشتغلون على الشخصية ويطورونها لتعزيز حضورها وتعميقها من خلال الأداء، وعندما قدم له المخرج بسام الملا شخصية (أبو كيلة) كانت تبدو أحادية الجانب وشريرة بالمطلق، لكنه أغناها وأضاف إليها وجملها بالعبارات والأغاني بالاتفاق مع المخرج، وأضاف إليها ذلك الحس الكوميدي الطريف، فحولها من شخصية ذات وجه واحد، إلى شخصية (النمس) المتناقضة، التي كسبت محبة الجمهور رغم سلبيتها وممارساتها الوصولية، فما الذي يمكن توقعه في أداء مصطفى الخاني لشخصية (توفيق) في (ما ملكت أيمانكم)؟. الإجابة عن هذا السؤال يتركها الخاني كمفاجأة للجمهور عند عرض العمل في رمضان القادم.
ومن جهة أخرى فإن الخاني يتجه للمشاركة في أول عمل عالمي له بعنوان (الحديقة الجوراسية) إلى جانب نخبة من الممثلين الأميركيين والعالميين، وهو مسلسل تلفزيوني طويل يعد واحداً من روائع قصص الخيال العلمي، مقتبس عن رائعة المخرج ستيفن سبيلبرج السينمائية الشهيرة، ويتحدث عن عودة الديناصورات لغزو الأرض، ويتناوب على إخراجه عدد من المخرجين.
المصدر: دمشق