25 أكتوبر 2012
عشرة أيام من السحر المنثال على الشاشات عاشتها العاصمة أبوظبي وهي تحتفي بالسينما. هذا الفن البديع القادر على انتشالك من كل ما يحفل به الواقع العربي السياسي من مآزق وهموم لا يبدو أن لها فرج قريب. في السينما يمكن أن يتحقق كل شيء: الأحلام والطموحات والرغبات الدفينة التي تغلي في الصدر ولا تجد لها مسرباً سوى على الشاشة. كل الأشياء هنا وجدت لها (مكاناً) في مكان ما سواء في الأروقة أو على الشاشة: السياسة والحرب والحب والفقر والقمع والالم والامل والحزن والفرح والتوحد والغربة وكل أشكال المعاناة والتصدعات الروحية والنفسية والفكرية والأزمات البشرية العامة والخاصة والصراعات الداخلية والخارجية التي تمور بها النفس البشرية في علاقتها مع الذات والآخر.
كل التجارب اجتمعت هنا، في أبوظبي، في مهرجان أبوظبي السينمائي السادس، على وجه التحديد، سواء أكانت التجارب السينمائية والمدارس والأساليب أو التجارب الحياتية والحوارية والجدلية التي التقت وتجاورت وتحاورت على أكثر من صعيد.
كل الأفلام كانت هنا، التي ذهبت الى العالم الداخلي تنبش مختزناته وأرقه أو التي مضت الى العالم الخارجي تنقب فيه عن كل ما يصح ليكون فيلما يخطف دهشة الجمهور.
كل الرؤى التقت هنا، اتفقت واختلفت، من دون أن يفسد الخلاف للود قضية، فالسينما عالم الحرية الأقصى، يتسع لكل الرؤى ويقبل الآخر، يحاوره، يلتقي به، يقف معه على مسافة ما، او يتماهى فيه.. تماماً كما هي أبوظبي في مسيرتها الحياتية اليومية.
كأنه احتفال بالحياة.. أو كأنه شاشة الحياة، ينعكس على فضتها ما يحدث فيها وما حولها، جاء مهرجان أبوظبي السينمائي هذا العام بتنويعاته الكثيرة.
بلغة التوثيق والأرقام التقريرية انطلق مهرجان أبوظبي السينمائي السادس في 11 أكتوبر 2012 في فندق قصر الإمارات، واختتتم في 20 أكتوبر 2012، وشاركت في مسابقاته الخمس (81) فيلماً توزعت على النحو التالي: 62 فيلماً روائياً، و 19 فيلما وثائقيا، علاوة على 8 عروض عالمية أولى و3 عروض دولية أولى. أما الأفلام القصيرة فبلغت 74 فيلماً، فيما بلغ عدد أفلام مسابقة أفلام الإمارات 46 فيلماً منها 26 عرضاً عالمياً أول.
وبلغة النقد الفني والحب القلبي لم يكن ممكناً أن تتخطى جائزة اللؤلؤة السوداء المخرجة التركية ييشيم أوسطا أوغلو صاحبة فيلم “أراف/ ما بين وبين” التي استحقت الحصول عليها بجدارة، كذلك الأمر مع فيلم “جيبو والظل” للمخرج مانويل دي اوليفييرا التي استحق جائزة لجنة التحكيم الخاصة، أما أفضل مخرج من العالم العربي فهو التونسي نوري بوزيد الذي قدم للسينما العربية عدداً من أهم أفلامها، بينما حاز غايل غارسيا بيرنال جائزة أفضل ممثل بالشراكة مع الممثلة الألمانية فرانزيسكا بيتري.
وفاز بجائزة اللؤلؤة السوداء لآفاق جديدة فيلم “عائلة محترمة” إخراج مسعود بخشي، وبجائزة لجنة التحكيم الخاصة “وحوش البرية الجنوبية” إخراج بين زيتلين، بينما ذهبت جائزة أفضل فيلم من العالم العربي لفيلم “لما شفتك” إخراج آن ماري جاسر. فيما حصلت هالة لطفي على جائزة أفضل مخرج من العالم العربي عن فيلمها “الخروج للنهار”. واختطف صاحب فيلم “اختطاف” سورين مالينغ جائزة أفضل ممثل، مع تنويه خاص من اللجنة بالفيلم، فيما عاد “حجر الصبر” على ممثلته غولشيفته فرحاني بجائزة أفضل ممثلة.
وفاز بجائزة اللؤلؤة السوداء للفيلم الوثائقي فيلم “عالم ليس لنا” للمخرج مهدي فليفل، وفاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة “قصص نرويها” للمخرجة سارة بولي. أما أفضل مخرج جديد فهو ليوبوف أركوس عن فيلمه “أنطون قريب هنا”. وأما أفضل فيلم من العالم العربي فهو فيلم “يلعن بو الفوسفاط” للمخرج سامي تليلي، وأفضل مخرج من العالم العربي هو وائل عمر، فيليب ديب عن فيلم “البحث عن النفط والرمال”. وفي عروض السينما العالمية ذهبت جائزة اختيار الجمهور لفيلم “إنقاذ الوجه”، إخراج شارمين عبيد شينوي، دانييل جونغ.
ومنحت جائزة فيبريسي 2012 لفيلم “الخروج للنهار” إخراج هالة لطفي، وفيلم “عالم ليس لنا” للمخرج مهدي فليفل، كما حصل الفيلم نفسه على جائزة “نتباك”.
وكان من علامات المهرجان لهذا العام الاحتفال بالسينما الجزائرية بمناسبة مرور خمسين عاماً على ولادتها ما بعد الاستقلال، وبالفنانة العربية سوسن بدر والممثلة العالمية كلوديا كاردينالي عبر منحهما جائزة “منجز العمر”.