الأحد 16 مارس 2025 أبوظبي الإمارات 24 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«دور الحضانة» بجهة العمل حاجة مجتمعية ملحة

«دور الحضانة» بجهة العمل حاجة مجتمعية ملحة
30 يناير 2012
مع دخول المرأة سوق العمل، وعدم وجود الوقت الكافي لتربية أبنائها الصغار في المراحل الأولى من أعمارهم وكثرة مشاكل الخدم وتأثيرهن على لغة وسلوك وتصرفات الطفل لا زال الكثير من النساء يطالبن بتوفير «دور حضانة» في المؤسسات الحكومية والشركات لمساعدة النساء العاملات على رعاية أطفالهن في أوقات العمل، وخصوصا بعد الأصوات الكثيرة التي باتت تنتقد الاعتماد على الخادمات في تربية الأطفال وتوجه النساء لسوق العمل والتخلي عن دورهن الطبيعي في الرعاية والاهتمام بالأطفال، مما يؤثر سلبا على سلامة نمو الطفل. وجود الحضانة في كل مكان تعمل فيه المرأة، يُعد مطلباً مهماً، سواء في المدارس أو الجامعات أوالشركات، بحيث تدفع الأم مبلغاً رمزياً لضمان أمان وراحة أطفالها، إلى جانب تعلمهم واختلاطهم بالعديد من الأشخاص الذين يتعلمون منهم روح التنافس الشريف، فمع توافرها تعد في نظر المرأة العاملة حلاً مقنعاً، وذلك لما نراه الآن من عدم ثقة بالخادمات، إلى جانب المشاكل التي تحدث جراء وجود الأبناء معهن طوال اليوم في المنزل بدون رقيب يرصد تحركات الخادمة أثناء تعاملها مع الأطفال. آثار سلبية طالبت خلود الريس، موظفة مرارا وتكررا بوجود حضانة في المؤسسة التي تعمل بها، فترك أبنائها بيد الخادمة في المنزل يثير الرعب لديها، حيث تحكي، عن معاناتها اليومية بقولها: يبلغ ابني من العمر 10 أشهر، وأنا أتركه بصحبة الخادمة صباحا في المنزل، لكن بمجرد تركه معها ينفطر قلبي لرؤيته حين أراه بيد هذه المربية، التي لا أعرف كيف تتعامل معه أو كيف ترعاه في حالة غيابي، ونظراً للمشاكل التي أسمعها عن وجود المربيات في المنازل من قيامهن بارتكاب الجرائم، طالبت مرات عدة بتوفير حضانة في عملي لأبناء الموظفات. وأضافت: مع وجود تلك الحضانات، فإن هذا الأمر لا يعود بالنفع فقط على المؤسسة ذاتها أوعلى الأم بل على المجتمع بأكمله، إذ إن معظم الأمهات يضطررن لترك أطفالهن مع الخدم أثناء تواجدهن في العمل، موضحة أن هذا الأمر يترك الكثير من الآثار السلبية على تربية الطفل ومن ثم ينعكس على المجتمع. من جانب آخر، لا تختلف معاناة مريم يوسف، موظفة، عن خلود فهي تعاني الأمرين من خلال ابتعادها عن ابنتيها التوأمتين في الفترة الصباحية وبُعد عملها عن مقر سكنها. وتقول إن إنشاء الحضانات في المؤسسات يعطي الأم دافعا أقوى للعمل والعطاء، لأنها تكون متأكدة من وجود طفلها في مكان آمن ومن أنه قريب منها تستطيع الاطمئنان عليه في وقت الراحة، كما يشكل حافزاً قوياً للمرأة سواء بالاستمرار في العمل الوظيفي لمن هن على رأس العمل، أو التشجيع للدراسة بالنسبة لمن لديهن الرغبة في التأهيل العلمي. دور قريبة وأشارت سميرة إبراهيم إلى أن لديها بنتا وولدا في السنوات الأولى من عمريهما، وأنها لم تستطع إلحاق طفليها بدور الحضانة، لعدم وجود دور للحضانة قريبة من المنزل أو مكان العمل، وأنها استقدمت خادمة تهتم بهما حال خروجها إلى العمل، لافتة إلى أنها في فترة مكوثها في العمل تظل على أعصابها، كما أنها في كل وقت تتصل بالخادمة لتطمئن على ابنيها، ولا تعلم هل ما تقوله صحيح أم زيف، مبينةً أن هذا الأمر قد يؤثر على إنتاجية المرأة في العمل، لكنها لم تجد حلاً مناسبا لمشكلتها، مطالبة بإلحاق كل منشأة تعمل بها المرأة بدور حضانة، لتهنأ الأم بمستقبل وظيفي وبعطاء في عملها. وفي الصدد نفسه تؤكد أسماء خميس الكعبي تربوية، أن التحاق الأطفال بدور الحضانة لم يعد شيئا ثانويا في الحياة العصرية وأنه بات من الضروري إنشاء حضانات تابعة للمؤسسات والشركات كون هذه الدور هي من المؤسسات الاجتماعية التي تعمل لصالح المجتمع من حيث رعايتها للأطفال وتنشئتهم وتشكيلهم كمواطنين صالحين وتساعد الأمهات ليكن قوة عاملة مساهمة في الإنتاج القومي ورفع مستوى المعيشة، مؤكدة أنه عندما نتكلم عن دور الحضانة لا نتكلم عن مجرد مكان يمضي فيه الطفل وقته بل أيضا عن بيئة صالحة لرعاية الأطفال وتربيتهم في سنوات عمرهم الأولى وعن مؤسسة مساعدة للأم للقيام بدورها في المجتمع، إضافة إلى مكان آمن يوفر المشرفات المتخصصات في تربية الأطفال ورعايتهم على الوجه الأكمل من جميع نواحي نمو الطفل لينمو في الاتجاه السليم السوي بدل أن ينشأ على أيدي خدم يختلفون عن الطفل في الثقافة والدين واللغة. راحة نفسية وتضيف الموظفة ابتسام خالد أن هذه الحضانات تؤثر بشكل إيجابي على عطاء الكثير من الموظفات العاملات في العمل وتقلل الإجازات الطارئة التي غالبا ما تكون بسبب مرض الأطفال، موضحة أن هذا الأمر يزيد عدد النساء العاملات، إذ إن هناك كثيرا من النساء يفضلن البقاء مع أطفالهن في السنوات الأولى حتى لا يتركنهم للخدم أو لدور حضانات بعيدة وغير موثوقة، كما أن إنشاء دور حضانة في المؤسسات سيقلل من عدد خدم المنازل وسيحافظ على الهوية الثقافية للمجتمع من خلال تنشئة الطفل في سنواته الأولى على أيدي اختصاصيات ومشرفات يتشاركن مع الطفل عاداته وتقاليده ولغته. وفي الاتجاه نفسه أشارت أمل المزروعي، أم لثلاث 3 أطفال، إلى أن إلحاق الأطفال بدور حضانة بعيدة عن أماكن العمل، يؤدي إلى عدم الاستفادة منها، لأنه من الممكن انتهاء دوام تلك المنشأة في وقت مبكر، وتضطر الأم، إلى الخروج من أوقات العمل الرسمي بشكل متكرر، أو وضع أطفالها عند الخادمة، ذاكرة أنه لو التحق الأطفال مع أمهاتهن في أماكن عملهن لحين خروج الأم، وبمبلغ رمزي تتقاضاه تلك الحضانة، لكان أكثر أمانا للأم وللطفل، بل وستجد الأم الراحة التامة، وتستطيع بين الحين والآخر أن تطمئن على طفلها، مشددةً على أهمية اختيار العاملات في تلك الدور ليكونوا أكثر أمانا وصحة. تزايد مستمر وقالت بثينة المنصوري باحثة اجتماعية إن أعداد النساء العاملات في تزايد مستمر من أجل الشعور بالاستقلالية وبناء كيان اجتماعي خاص بهن، مضيفةً أنه في ظل هذه الظروف يبرز الاعتماد على دور الحضانة لدواع تربوية سليمة يحتاجها كل طفل، لكي يجتمع بأقرانه من الأطفال، ما يعمل على إدماجه اجتماعياً من خلال تعويده على الاختلاط مع فئات من مختلف الأعمار يتفاعل معها مباشرة، ويتبادل معها مفردات لغوية تساعده على التحاور بسهولة وعلى تكوين خبرات خاصة به، ذاكرة أن هناك بعض الصعوبات التي تقف أمام ذهاب الطفل للحضانة، منها أن الحضانة مقبولة ولكن في السنة ما قبل الروضة فقط، من سن الثالثة والنصف وأكثر، أما قبل ذلك فمن الصعب الذهاب بطفل للحضانة، مشيرة إلى أن بعض الأطفال قد يعاني مشاكل صحية يصعب بسببها ذهابه للحضانة، إلى جانب بعد المسافة بين المنزل والعمل ودور الحضانة، فيكون الخيار بقاء الطفل في المنزل. وتتفق الأخصائية النفسية فاطمة سجواني مع المنصوري، موضحة أنه من الأمور الجوهرية لصحة الطفل النفسية أن تعطي الأم وقتاً طويلاً لطفلها، وتمنحه الكثير من اهتمامها في السنوات الأولى من حياته، حيث إن خروج المرأة لساعات طويلة خارج المنزل قد يؤثر بشكل سلبي على أطفالها، للحاجات النفسية التي يشعر بها ولا يمكن إشباعه إلاّ بواسطة الأم، سواء من حنان أو عطف أو احتواء أو شعور بالأمان، مبينةً أن طبيعة الطفل الذي تغيب عنه والدته كثيراً ويهمل من قبلها يحكمه شعور الخوف والخجل والانطواء، وهذا بدوره يؤثر في علاقة الطفل بالأطفال الآخرين وبالمجتمع بشكل عام وعلى تكوينه النفسي والاجتماعي، لافتة إلى أن هناك فجوة تكون بين الأم العاملة وأطفالها بسبب خروجها للعمل فترة من الوقت، وأن مشاركة أطفالها لمختلف نشاطاتهم وهواياتهم وتلبية رغباتهم وإعطائهم كثيرا من الحب والحنان والرعاية، قد تزيح تلك الفجوة. تجربة ناجحة في الوقت الذي تطالب فيه الكثير من الأمهات العاملات بتوفير حضانة في المؤسسات اللاتي يعملن فيها فقد وصفت أمهات عاملات في المدارس والمؤسسات الحكومية مشروع الحضانات الحكومية الذي يشرف عليه مجلس الشارقة للتعليم بأنه مشروع قدم الأمن والاستقرار النفسي للأم وأسهم في توفير بيئة تحفيزية للعطاء دون خوف على مصير الصغار خلال تواجد الأم في مقر العمل. وقالت فاطمة الملا السكرتيرة المسؤولة عن حضانات المشروع إن الهدف من توفير تلك الحضانات بالمدارس الحكومية هو بث الراحة النفسية والاستقرار وزرع الطمأنينة في نفوس الأمهات العاملات، مشيرة إلى أنه تم تدشين 7 حضانات حكومية وسيتم افتتاح اثنتين خلال الأيام المقبلة، تستقبل فيهما أطفالاً من عمر شهر حتى 4 سنوات، وأن فريق العمل يضم مديرة الحضانة و3 مشرفات مواطنات بالإضافة إلى موظفتين مساعدتين، ودورهن يتم من خلال تقديم كل احتياجات الطفل من خلال المستلزمات الموجودة في الحضانة. ولفتت إلى أن الأطفال موزعين في الحضانات على 3 أقسام، الأول للرضع وهم الأطفال حتى السنة الثانية من عمرهم، في حين تبدأ المرحلة الثانية من سن الثانية حتى الثالثة، أما الأخيرة فتبدأ من سن الثالثة حتى الرابعة مؤكدة أن المربيات يقمن بإعداد الطفل لمرحلة ما بعد الحضانة من خلال تعليمهم الأرقام والحروف الأبجدية والتلوين. وقالت إن الحضانات ليست مجانية، لكنها تتلقى دعماً من قبل الحكومة إذ يتم دفع مبلغ رمزي مقابل أن تتم رعاية الطفل وتقديم كل احتياجاته، لافتة إلى أن كل حضانة تتسع لـ30 طفلاً، وهي تستوعب أبناء الموظفات العاملات بالمدرسة إلى جانب أطفال الموظفات في المؤسسات الحكومية. تجربة موظفة أوضحت نورة أحمد سليمان مدرسة لغة عربية عن تجربتها من خلال تواجد ابنيها بحضانة العمل أنها ألحقت طفلين من أبنائها بالحضانة ووجدتها بيئة مثالية تعنى بتعليم العادات الأساسية والقيم السليمة وتنمية الخيال الحسي لدى الأطفال من خلال استخدام اللغة العربية المبسطة إلى جانب توفير خدمات ذات جودة عالية وبيئة جاذبة مليئة بالفرح والمرح. وقالت إنه خلال تواجدهما باستطاعتي أن أرضعهم رضاعة طبيعية وأطمئن عليهما من فترة لأخرى، وتتفق معها أم فهد وهي أم لطفل يبلغ من العمر 10 أشهر، مؤكدة أن الحضانة الموجودة في مقر عملها هي الحل السحري لابنها حيث بإمكانها الاطمئنان عليه وإرضاعه أيضا.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض