يُعد معرض ومؤتمر الدفاع الدولي «آيدكس» (IDEX) أحد أبرز الفعاليات العالمية في مجال الدفاع والأمن، حيث يُقام كل عامين في العاصمة الإماراتية أبوظبي. ومنذ انطلاقه، نجح المعرض في أن يكون منصة تجمع بين أحدث التقنيات الدفاعية والخبرات العالمية، ما يعزز دور الإمارات مركزاً استراتيجياً لتطوير الصناعات الدفاعية.

وفي دورته السادسة عشرة عام 2023، شهد «آيدكس» مشاركة قياسية، حيث استقطب أكثر من 1350 شركة من 65 دولة، مع وجود 41 جناحاً وطنياً، واستقبل أكثر من 132000 زائر. بلغت قيمة الصفقات المبرمة، خلال هذه الدورة، 23.34 مليار درهم إماراتي، ما يعكس الثقة العالمية في بيئة الأعمال الإماراتية، والبنية التحتية المتطورة التي توفرها الدولة. تُعد مجموعة «إيدج» (EDGE) نموذجاً بارزاً على نجاح الإمارات في بناء قاعدة صناعية دفاعية متقدمة. تضم المجموعة تحت مظلتها شركات متخصصة في الطائرات من دون طيار، الأنظمة البحرية، والدفاع السيبراني.

خلال معرض «آيدكس 2025»، تستعد «إيدج» لعرض أكثر من 200 منتج وحل تكنولوجي مبتكر، ما يُبرز التزامها بتعزيز الابتكار، وتوسيع نطاق شراكاتها العالمية. هذه الاستراتيجية تهدف إلى ترسيخ مكانتها مصدراً رئيساً للتكنولوجيا الدفاعية المتقدمة التي تلبي الاحتياجات الإقليمية والدولية. إلى جانب «إيدج»، تعمل الإمارات على جذب شركات دفاعية عالمية للاستقرار، وفتح فروع لها داخل الدولة، مستفيدة من بيئتها الاستثمارية المرنة والبنية التحتية المتقدمة. من أبرز هذه الشركات، «ميلكور» (Milkor) الجنوب أفريقية، التي افتتحت فرعاً لها في الإمارات، وتعمل على تطوير الطائرات من دون طيار، والأنظمة الدفاعية المتطورة.

وقد عرضت «ميلكور»، خلال «آيدكس» طائراتها الجديدة التي تتميز بالكفاءة التشغيلية والتكنولوجيا المتقدمة، ما يُعزز من قدرة الإمارات على توطين هذه الصناعات الواعدة. في إطار تطلعات الإمارات لتعزيز قدراتها الدفاعية، من المتوقع أن تعلن الدولة، خلال معرض «آيدكس 2025» عن صفقة تاريخية مع فرنسا لشراء 80 طائرة مقاتلة من طراز «رافال» بقيمة 16.6 مليار يورو. هذه الصفقة ستكون استكمالاً للعلاقات الاستراتيجية بين الإمارات وفرنسا، وتُعد واحدة من أبرز الصفقات الدفاعية في المنطقة. الإعلان المنتظر، خلال «آيدكس»، يعكس التزام الإمارات بتحديث أسطولها الجوي بأحدث الطائرات المقاتلة المتقدمة، ما سيسهم في تعزيز قدراتها القتالية الجوية، ومواكبة التطورات التكنولوجية العالمية في المجال الدفاعي.

ولا يقتصر دور «آيدكس» على الشراكات والصفقات الكبرى، بل يمتد ليشمل نقل المعرفة، وتدريب الكوادر المحلية. من خلال التعاون مع شركات عالمية مثل، «إيدج»، و«ميلكور»، يتم تقديم برامج تدريبية وورش عمل تقنية تستهدف تطوير مهارات الشباب الإماراتي في مجالات الهندسة والبرمجة، وتصميم الأنظمة الدفاعية. هذه الجهود تُسهم في إعداد جيل من الخبراء المتخصصين الذين يمكنهم دعم مسيرة النمو المستدام في الصناعات الدفاعية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المستقبل.

علاوة على ذلك، يشكل «آيدكس» منصة استراتيجية لتوقيع اتفاقيات تعاون طويلة الأمد مع دول وشركات دفاعية كبرى. تُسهم هذه الشراكات في تطوير أنظمة جديدة، وتحديث الأنظمة القائمة، مع التركيز على الابتكار ونقل التكنولوجيا. كما يُعزز المعرض من التعاون الإقليمي، من خلال توفير بيئة مناسبة للحوار حول التحديات الأمنية المشتركة، مثل الأمن السيبراني، الأمن البحري، ومكافحة الإرهاب، ما يدعم استقرار المنطقة، ويعزز الأمن الجماعي. كما تؤدي الصناعات الدفاعية الإماراتية دوراً متزايداً في التصدير للأسواق العالمية، حيث نجحت شركاتها الوطنية، وعلى رأسها «إيدج»، في الترويج لأنظمتها الدفاعية المتقدمة مثل، الطائرات المسيّرة، الأنظمة البرية، وأنظمة المراقبة والسيطرة. هذا التوجه نحو التصدير يُسهم في تعزيز مكانة الإمارات منتجاً عالمياً للتكنولوجيا الدفاعية المتقدمة، ويوفر فرصاً جديدة لتنويع الاقتصاد الوطني، من خلال الصادرات الدفاعية.

في الختام، يُجسد«آيدكس» رؤية الإمارات في أن تصبح مركزاً عالمياً للصناعات الدفاعية، مستفيدة من بيئتها التنافسية والبنية التحتية المتطورة. من خلال جذب الشركات العالمية، وتنمية الابتكار المحلي، وتوقيع الشراكات الاستراتيجية، نجحت الإمارات في تعزيز مكانتها قوة صناعية دفاعية مؤثرة على المستويين الإقليمي والدولي. مع استمرار دعم وتطوير هذه القطاعات، تُواصل الإمارات مسيرتها نحو تحقيق المزيد من الإنجازات في مجال الصناعات الدفاعية، ما يعزز أمنها الوطني، ويؤهلها لمواجهة التحديات المستقبلية بثقة وكفاءة.

*لواء ركن طيار متقاعد